إصلاح النفس يزيد الرزق

[النعيمي]

بسم الله الرحمن الرحيم



إصلاح النفس يزيد الرزق




قال الشيخ: يغلب الهم والكرب على الناس كلما ضاقت بهم أمور الدنيا ولو كان ضيقاً بسيطاً كأنهم قد أخذوا على الله عهداً أن يعيشوا حياتهم في سعة ورغد لا ينتهيان، ويكثر حديثهم عن أسباب الضيق بمعرفة مرة وبدون معرفة مرات، فالأسهم والإنشاءات العقارية وارتفاع أسعار الذهب والبترول وتناقص فرص العمل والدراسة والتقصير في الزراعة وهدر الغذاء وإتلافه والإحتباس الحراري وغير الحراري.....


ويستمر الحديث حتى يظن أن من يتكلم خبير في الاقتصاد و من حملة أعلى الشهادات. والعالم اليوم مقبل - كما يقولون- على سنين من الندرة والغلاء لا أظن أن الناس سيقابلونها بأكثر من ضيق الصدر وزفرات الغم والنقمة والأحقاد، مما يعني كثيراً من النزاع والصراع وكل هذا قائم على كثير من عدم الفهم لسنة الرزق في الحياة...


وعن هذه يكون كلامنا اليوم إن شاء الله. فالله هو الرازق والرزاق، ولا رازق إلا الله، وهذان المعنيان من أركان الايمان، وهذا يعني أن الرزق لا يطلب إلا منه ولا ينتظر إلا من عنده، وأن الأسباب التي يكثر الحديث عنها والتي ذكرنا بعضها هي مجرد أسباب قد تفعل وقد لا تفعل، وقد توجد وقد لا توجد، ولكن الكلمة الأولى والأخيرة بيد الله وحده.


ثم أن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم يقرر أن نفساً لن تستوفي أجلها إلا بعد أن تستنفذ رزقها وأجلها، وهذا يعني أنه ما من أحد قادر على أن يأخذ حتى حبة رز من فم آكلها، ولو اجتمع الشرق والغرب على أن يمسّوا رزق أحد بزيادة أو نقصان لم يزده ذلك او ينقصه بشيء.


ونحن هنا لا نقلل من قيمة الأسباب، بل ندرسها لمعالجتها وللوصول إلى خير حل وأداء، فلا بد من مراجعة أخطاء البشرية ولا بد من تمحيص الظلم الواقع وإيقافه عند حد ولكننا نستعين على كل هذا بالله وحده وبالتسليم له سبحانه وتعالى.


والقرآن العظيم يؤكد لنا أنه ما من مصيبة تصيبنا إلا وهي من عند أنفسنا، فهلا أصلحنا ما بيننا وبين الله ثم ما بيننا وبين الناس، وهلا أخذنا على يد الفاسد والسارق والظالم، وهلا نصرنا الجائع والضعيف والمظلوم، وهذا كله من شروط معالجة القلة والغلاء الآتيين، فالدعاء والأمل بدون شغلٍ وعمل هما من الاعتداء على الله سبحانه وتعالى، والإسلام لا يحابي أحداً..


فلكل مجتهد نصيب، وقبل أن نفكر باستراتيجيات معالجة الضيق الاقتصادي هل فكرنا بالعودة إلى الله والتوبة لديه من جميع المظالم والمعاصي والآثام توبة صالحة نصوحاً، وهلا فكرنا بأن نتأدب مع الله فلا نحاربه بفجور أو خمور ولا نتجرأ عليه بربا أو بافتئات ، فقد اذن الله أصحاب هذه الكبائر بحرب منه فكيف ننتظر الرزق والسعة ونحن على هذه الحال.


ووالله ما من صدر يفور اليوم من قلةٍ إلا وينقصه الايمان الكامل والتسليم لربٍ بيده ملكوت كل شيء، وهذا يعني أننا لم نتربى بمدرسة الايمان وعلى معاني القرآن وبين يدي النبي العدنان، فهل يتجرأ من ساءت سيرته وعيبت مسيرته وتلوثت سريرته بطلب الرزق و كشف الضيق وان كان قليلا.


ثم إن البشرية قد مرت عبر التاريخ بصعود ونزول وبغنى وفقر وبكثرة وقلة، وبصحة ومرض، وبسلام وحروب، فلم نريدها اليوم صافية نقية خلال أعمارنا لا يشوبها ألم ولا يعترضها حاجة؟




منقول من صحيفة البيان الإماراتية





النعيمي __DEFINE_LIKE_SHARE__