إنضمامك إلي منتديات استراحات زايد يحقق لك معرفة كل ماهو جديد في عالم الانترنت ...

انضم الينا
استراحات زايد الصفحة الرئيسية


 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-16-2010, 02:20 AM
عضو ماسي
بيانات محروم.كوم
 رقم العضوية : 503
 تاريخ التسجيل : Dec 2007
الجنس : female
علم الدوله :
 المشاركات : 2,100,670
عدد الـنقاط :3341
 تقييم المستوى : 2140



عوامل النصر في العمل السياسي من منظور إسلامي
بقلم الشيخ عيسى القفاص

بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين

أهمية الموضوع

العمل السياسي جزء لا يتجزأ من فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله، فالعاملون في الشأن السياسي يمارسون تكليفا من أهم التكاليف الإسلامية، وهو التكليف الذي به تقام الفرائض وتأمن به المذاهب وتعلو به كلمة الله في الأرض، عن أمير المؤمنين عليه السلام "وما أعمال البر كلها والجهاد في سبيل الله عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا كنفثة في بحر لجي".
فالحديث عن عوامل النصر في العمل السياسي حديث عن عوامل النصر في ساحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى، فالحديث إذن في غاية الأهمية.

( الإيمان الصادق والتوكل على الله )

قال تعالى " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل" الإيمان الحقيقي بالله سبحانه وتعالى والتوكل الصادق عليه من أهم عوامل النصر في كل مفاصل حياة الإنسان، ولاسيما في مواجهة الصعاب والشدائد، وتمثل مواجهة العدو أمرا من أصعب الأمور التي كلف المؤمن بالقيام بها، لما فيها من العناء والتعب والمشقة والتضحية، وتمثل حالة الإيمان والتوكل الصادق في مواجهة العدو أهم رصيد يمكن أن يمتلكه الإنسان في ساحة المواجهة، ومن العسير جدا أن يتجسد هذا العنصر في شخصية المؤمن ، حيث ذلك يتطلب إيمانا راسخا وقويا، ومن علامات هذا الإيمان والتوكل الصادق: عدم الشعور باليأس، النفس الطويل ، وعدم الاقتصار على الحسابات المادية، الشجاعة.

لأن المؤمن بالله والمتوكل عليه يؤمن بمن بيده كل شيء، والقادر على تغيير كل شيء، من هنا فلا يمكن أن يستسلم للواقع الذي يعيشه أو يشعر بانسداد الأبواب أمامه، وقد ذكر لنا التأريخ أمثلة في غاية الروعة:
رسول الله صلى الله عليه وآله: كانت كل الظروف الظاهرية تقف ضده، وكان هو وأنصاره القلة القلية، حتى أنه كان يعرض نفسه على زوار بيت الله ليحدثهم، إلا أنه كان على إيمان بأن الله سبحانه وتعالى قادر على تغيير الأمور وتحقيق النصر إذا ما صبر على طريق ذات الشوكة على أساس مبدأ "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله " وقوله تعالى " إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" وفي حياة الرسول صلى الله عليه وآله أمثلة - على هذا المبدأ- كثيرة لا تعد ولا تحصى مثل واقعة بدر الكبرى وغيرها.

أبو ذر الغفاري: فقد كان في ظروف قاسية جدا في المدينة المنورة إلا أنه كان يعيش حالة الإيمان الصلب وقوة اليقين والتوكل على الله حتى أدّى تكليفه ومضى شهيدا، ولو كان إيمانه ضعيفا وتوكله هشّا لم يتمكن من المواصلة وليأس من كل ما حوله.
الإمام الخميني قدس سره: فمن كان يتوقع أن يؤسس الإمام الخميني (قدس سره) دولة إسلامية في بلد تحكمه حكومة عميلة للغرب، وكان كل العالم يقف في صفها ضد الإمام الخميني (قدس سره)، حتى أن كثيرا من العلماء لم يكونوا يوافقوا الإمام الخميني (قدس سره) الرأي فيما كان يقوم به وكانوا يعتبرونه مجازفة أو تهورا، لكنه مع كل هذا واصل الطريق وانتصر، حتى أنه قال: والله لا أخاف.
حزب الله المظفر: تأسس حزب الله في ظروف قاسية جدا، حيث كان كل العالم يقف ضده حتى بعض الأخوة لحزب الله في لبنان وقفوا ضد الحزب بشراسة، فضلا عن وقوف كل دول العالم في وجهه، لكنه لما يملك من إيمان راسخ وتوكل صادق واصل الطريق وحقق الانتصارات.

( الإخلاص في العمل )

من أهم عوامل النجاح والنصر في العمل السياسي والاجتماعي الإخلاص، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إن المؤمن ليخشع له كل شيء ويهابه كل شيء " ثم قال " إذا كان مخلصا لله أخاف الله منه كل شيء حتى هوام الأرض وسباعها وطير السماء" ما كان لله ينمو، ومن علامات الإخلاص أن المؤمن يفرح بكل خير يصدر عنه ومن غيره، فإذا رأى أحدا يقوم بعمل حسن يفرح ولا يحب أن يكون القائم بالعمل هو فحسب وإلا فلا.
ومن الصعب جدا تحقيق الإخلاص في النفس من دون مراقبة وبرنامج عبادي واهتمام بتربية النفس، ولذا فمن المهم جدا أن يتميز العاملون في الشأن السياسي بهذه المواصفات، فمن الخطير جدا أن يتصدى للشأن السياسي من لم يهذب نفسه والعياذ بالله.

( المنهج السياسي )

لابد أن يتحلى العاملون في الشأن السياسي بوضوح الرؤية في المنهج السياسي الإسلامي، فهناك منهج سياسي فكري يمثل الخطوط الكلية، وهناك منهج سياسي ميداني يتحدد بحسب الظروف، فالمنهج الفكري منهج ثابت مأخوذ من الفقه الإسلامي، ويمثل القواعد الكلية للتطبيقات الميدانية، ولا ينبغي الخلط بين المنهجين، فمنهج الإمام الحسن والحسين عليهما السلام –مثلا- واحد، نعم.. المنهج الميداني مختلف لاختلاف الظروف، فلا يصح عند اختلاف الظروف أن نحاول تغيير المنهج الفكري على أساس ذلك. فالثورية مثلا مبدأ ثابت في الفكر السياسي حتى في ظروف التقية لكن تطبيقه يختلف، فلا يصح أن نوقت الروح الثورية على أساس العمل والظروف مثلا، فأهل البيت عليهم السلام حتى في ظروف التقية كانوا عندما يتحدثون مع أصحابهم كانوا يتكلمون بنفس ثوري ورافض، ومطالعة مختصرة في روايات إعانة الظالم مثلا تكشف لك عن ذلك.
ومن الخطير جدا أن يتصدى للعمل السياسي أشخاص لا يملكون وضوحا في الرؤية بالنسبة للمنهج السياسي، فإنه يقع حينذاك في التخبط والزلل.

(الوعي والبصيرة)

والمراد بالوعي والبصيرة إدراك الأمور وما يجري في المجتمع بشكل جيد، والقدرة على قراءته قراءة صحيحة، وتحليله بالشكل الدقيق، وهذا ما يحتاج إلى أمور متعددة، منها متابعة الوضع السياسي والاجتماعي، والتحليل والمناقشة والتأمل مع الاستفادة من أصحاب الخبرات، الوعي والبصيرة أمر مهم وخطير جدا ، فإنه هو الذي يحدد مواقف الإنسان.
وفي هذا السياق أنقل كلاما للإمام الخميني (قدس سره) بشأن هذا الموضوع، ففي عام 1971م ذكرت إحدى الصحف في ألمانيا الغربية أنّ شيوع نوع من الأمراض السارية بين المسلمين هو نتيجة طبيعة التطهير السائدة بين المسلمين الذين يغسلون من دون استعمال الصابون ومواد التطهير، وفي النتيجة فإنّ الجراثيم تبقى ناشطة. كما قالوا: إنّ القرآن منع المسلمين من استعمال الصابون، واستشهدوا بقوله تعالى"يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق...." المائدة 6. ولم تبقَ هذه المقالة دون جواب، حيث كتب الطلبة الجامعيون المسلمون الدارسون في أوروبا مقالات في الصحافة رداً على ذلك، كما أقيمت ندوة حول الصحة من وجهة نظر الإسلام، وقد ألقى الإمام الخميني خطابا في النجف الأشرف ومما جاء فيه " اللهم أيّد هؤلاء الطلبة الجامعيين المتواجدين في الخارج، فقد وقفوا ـ بمنتهى الجدية ـ لتكذيب الأمر، كتبوا ونشروا وأعدّوا اللقاءات مع المسؤولين هناك، وأوضحوا أنّ الأمر كذب برمته، ونشروا ذلك في مطبوعاتهم. وكم هي قيّمة تلك الجهود التي قاموا ببذلها؟ فهل قمنا نحن لحد الآن بخدمة كهذه؟ وهؤلاء طلبة جامعيون يدرسون العلوم الحديثة، كل ما في الأمر أنهم مسلمون واعون. أنا وأنتم طلبة جامعيون تقليديون أيضاً، إلاّ أننا نيام ومبتلون بعُقَد الوضع السائد هنا، حيث لا يمكننا قول كلمة واحدة " مدح الإمام الخميني (قدس سره) وعي هؤلاء الشباب الجامعيين، وذم ضعف وعي طلبة العلوم الدينية حينذاك.

( منطق العزة)

يجب أن يتحلى العاملون في العمل السياسي بمنطق العزة حتى في ظروف التقية ويحذروا من منطق الذل والهوان، فإن العدو بمجرد أن يجد في خطاب من يعارضه شيئا من الذل والهوان يتكبر ويتمادى أكثر ويشعر بالطمأنينة أكثر.
ثم إن الله لا يرضى للمؤمن أن يذل نفسه أبدا، وأن يتكلم بكلام الأذلاء مهما بلغ الأمر، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) " إن الله عز وجل فوض إلى المؤمن أموره كلها ولم يفوض إليه أن يذل نفسه ألم تسمع لقول الله عز وجل : (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) فالمؤمن ينبغي أن يكون عزيزا ولا يكون ذليلا ، يعزه الله بالإيمان والإسلام".
ولذا نجد أن أهل البيت عليهم السلام كانوا يتحلون بخطاب العزة والرفعة مع العدو حتى في أحلك الظروف والشواهد على ذلك كثيرة جدا، وأكتفي بنموذج واحد فقد وري أن معاوية قال للإمام الحسن عليه السلام : أنا أخير منك يا حسن ، فأجابه الإمام عليه السلام بكل عزة وشجاعة وإباء وهيبة : وكيف ذاك يا ابن هند قال : لأن الناس قد أجمعوا عليّ ولم يجمعوا عليك ، قال : هيهات هيهات لشر ما علوت يا ابن آكلة الأكباد، المجتمعون عليك رجلان بين مطيع ومكره فالطائع لك عاصٍ لله والمكره معذور بكتاب الله وحاشى لله أن أقول أنا خير منك فلا خير فيك ولكن الله برأني من الرذائل كما برأك من الفضائل". وهناك شواهد كثيرة جدا فليراجع من أحب الكتب التي أولفت في سيرة أهل البيت عليهم السلام فإنه لن يجد موقفا لهم سلام الله عليهم فيه رائحة الذل والهوان والضعف.

( قبول الانتقاد)

من عناصر النجاح في العمل السياسي تحلي العاملين في الشأن السياسي بروح قبول الانتقاد، بحيث تكون صدورهم واسعة لسماع ما يقال لهم ويقترح عليهم، بل عليهم أن يحثّوا الناس على الانتقاد ويظهروا التحبب لمن ينتقد ويصحح الأخطاء، عن أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة أنه قال "فلا تثنوا علي بجميل ثناء لإخراجي نفسي إلى الله وإليكم من التقية في حقوق لم أفرغ من أدائها، وفرائض لا بد من إمضائها، فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة، ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة. ولا تخالطوني بالمصانعة . ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي ولا التماس إعظام لنفسي. فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه. فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل، فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ ، ولا آمن ذلك من فعلي إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني. فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون لرب لا رب غيره". ونستفيد من هذا النص:
أنه ينبغي تربية الأمة على فكر الانتقاد والتصحيح، ورفض فكر عدم المبالاة أو عدم الثقة في النفس.
لابد لمن يكون عرضة للانتقاد أن يعيش روح التواضع في نفسه ويظهر ذلك على سلوكه.
لابد أن يشعر الناس أن العاملين في الشأن السياسي يحبون من يقوم بعليمة النقد المتوفرة على الشروط.
ملاحظة : ما ذكرته إنما هو إشارة إلى أصل مطلوبية الانتقاد، أما كيف ينبغي أن يكون الانتقاد وما هي شروطه وآدابه فهذا ما يحتاج إلى حديث مستقل، لكن يمكن أن نعطي قاعدة كلية بأن نقول يتحدد أسلوب الانتقاد بسحب ما يصب في مصلحة الدين وإعلاء كلمه الله سبحانه وتعالى.

(المعيشة المتواضعة)

المعيشة المتواضعة والاقتصار على مهمات الحياة من ضمن الأمور التي ينبغي أن يتحلى بها العاملون في الشأن السياسي ولاسيما الرموز السياسية، فإن ذلك مما يوطد العلاقة بينهم وبين عامة الناس، ومن الخطير جدا أن يعيشوا في مستوى أعلى من مستوى العامة فإن ذلك يوجب العزلة وعدم التأثر، عن أمير المؤمنين عليه السلام " إن الله فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره".

( القيادة الصالحة والأمة المنقادة)

القيادة المتوفرة على الفقاهة والعدالة والكفاءة من أهم عوامل النصر وكذلك الشعب المنقاد والمطيع، وحيث إن عنصر الكفاءة في القيادة كثيرا ما يهمل الحديث عنه فسوف أسلط الضوء عليه في هذه النقطة:
الكفاءة: والمراد بالكفاءة القدرة على أدارة الأمور ونظمها واستثمار القدرات والطاقات، وغيرها ولكي يكون الأمر واضحا فيما يرتبط بالكفاءة نذكر بعض الأمور التي تتحقق بها الكفاءة من خلال نقاط بشيء من التفصيل:

الإدارة: لابد أن تكون القيادة الدينية السياسية متوفر على العقلية الإدارية, وأن تكون صاحبة فكر إداري لكي يتمكن من إدارة الأمور ونظمها بالشكل الذي يحفظها, فربما يؤدي عدم النظم والإدارة إلى الضعف والهوان, وضياع الجهود, وقد ورد الحث الأكيد على مسألة النظم وإدارة الأمور عن أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته للحسنين عليهما السلام" في وصيته للحسن والحسين ( عليهما السلام ) لما ضربه ابن ملجم لعنه الله : أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي، بتقوى الله ونظم أمركم" وعلى القيادة الدينية أن تستعين بأهل الخبرة في هذا المجال.
معرفة العدو: من الصفات الأساسية لتحقيق صفة الكفاءة معرفة العدو في الداخل والخارج, ومعرفة خواص الباطل, ومخططات العدو, فما لم تعرف القيادة العدو على حقيقته وتكتشف مخططاته الشريرة ولم تعرف رؤوس الضلال والفساد لا يمكنها أن تواجه هذا العدو مهما كانت تملك من قوة ونفوذ.
أهل البيت عليهم السلام كانوا يعرفون العدو جيدا ويدركون المخططات التي كان يرسمها وهم على أتم المعرفة برؤوس الضلال, لذا كانوا مع قلة الناصر يمثلون القوة الخطيرة في قبال العدو, ولا يمكن تحقق ذلك إلا بالمتابعة الدقيقة للعدو وتصرفاته ومخططاته, فلا يمكن لغير المتابع الدقيق معرفة ذلك, من هنا يجب على القيادة دراسة العدو دراسة دقيقة, ويمكن إدراك مدى توفر القيادة على هذه الصفة من خلال تحليلاتها لمواقف العدو وردود فعلها, وتوقعاتها للمستقبل.
القدرة على مواجهة العدو: ولا أعني المواجهة العسكرية أو الجماهيرية, لأن ذلك ربما لا يتوفر إما لظروف التقية أو لعدم مناسبة الظروف, وإنما أعني أن يملك القائد الخطط الدقيقة لمواجهة العدو, حتى لو كانت الظروف ظروف تقية كما كان في زمن أكثر أئمة أهل البيت عليهم السلام, وهذا ما نجده جليا في سيرتهم عليهم السلام فقد ساروا بالأمة بصورة إذا ما واصلت الأمة مسيرتها تصل بشكل طبيعي إلى النصر وتسلم زمام الخلافة والقيادة, فكانوا يستفيدون من كل الطرق لمواجهة العدو, حتى البكاء على سيد الشهداء عليه السلام, فلابد أن تملك القيادة الخطط المدروسة لمواجهة الظالمين, ومن الخطأ جدا اعتماد سياسية ردود الأفعال, فإنها سياسية ربما منعت خطرا حاضرا لكنها لا تأخذ بالأمة إلى العزة والكرامة والتطور والرقي.

معرفة خواص الحق: لابد للقيادة من رجال تعتمد عليهم في مسيرتها وحركتها نحو الإصلاح, ولابد من توفر الشروط المناسبة في من يعتمد عليهم, من إخلاص وتقوى ووعي وشجاعة وثبات, وهؤلاء ما نعبر عنهم بخواص الحق في قِبال خواص الباطل, فعلى القيادة أن تتعرف على هؤلاء لتستعين بهم في مسيرتها, ولكي لا تعتمد على من لا يعتمد عليه, فينتقض بلك الغرض, وهي مسئولة أمام الله عن كل شخصية قد اختارتها وأعطتها أمانة وتكليفا يؤثر في مصير الأمة, لذا نرى أهل البيت عليهم السلام يدققون في اختيار الرجال لمناصب الدولة وإدارة أمور العباد, ويولون من هو أفضل تقوى ووعيا وشجاعة.
مراقبة العاملين ومحاسبتهم: لا يكفي أن تختار القيادة الرجال الصالحين ليقوموا بإدارة الأمور فحسب, بل عليها أن تراقبهم لأن ذلك من مسؤولياتها وواجباتها لتضمن بذلك سير الأمة على الطريق الصحيح, وهذا ما نجده في سيرة أهل البيت عليهم السلام فأمير المؤمنين عليه السلام كان يولي الولاة ويراقبهم, وإذا ما علم من أحدهم انحرافا عاقبه وسدده وربما عزله, ومن الأحداث التاريخية التي تبين هذه الصفة في أمير المؤمنين عليه السلام موقفه مع عثمان بن حنيف " فمن كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف الأنصاري وهو عامله على البصرة وقد بلغه أنه دعي إلى وليمة قوم من أهلها فمضى إليها " أما بعد يا ابن حنيف فقد بلغني أن رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها تستطاب لك الألوان وتنقل إليك الجفان، وما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو. وغنيهم مدعو . فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم ، فما اشتبه عليك علمه فالفظه ، وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه، ألا وإن لكل مأموم إماما يقتدى به ويستضئ بنور علمه ، ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ، ومن طعمه بقرصيه. ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفة وسداد"
الهمّة العالية: يجب أن تكون القيادة ذات همة عالية ونفس طويل جدا لتتمكن من تغيير الواقع المنحرف وردع الظلم والظالمين, فإذا لم تكن همتها عالية وطموحها كبير فسوف تقبل الواقع عمليا, فالإنسان بمقدار ما يملك من طموح وهمة عالية يمكن أن يغير في نفسه وفي المجتمع, فمن كانت همته أن يبني دارا سيبني دارا ومن كانت همته أن يبني ألف دار سوف يفعل ذلك, فرفعة الهمة في الخير من أشرف الخصال, وهي في القيادة من أهم الخصال, ودنو الهمة في الخير من أخبث الصفات, ووجودها في القيادة يعني شلل الأمة وانكسارها وضعفها, عن أمير المؤمنين عليه السلام" من رقى درجات الهمم عظمته الأمم".
العطف على الأمة: يقول أمير المؤمنين عليه السلام في عهده لمالك الأشتر لمّا ولّاه مصر "وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم . ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم ، فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق يفرط منهم الزلل ، وتعرض لهم العلل ، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه ، فإنك فوقهم ، ووالي الأمر عليك فوقك ، والله فوق من ولاك . وقد استكفاك أمرهم وابتلاك بهم" فما لم يكن القائد عطوفا على الجماهير فلن يتمكن من أداء وظيفته لأنه سوف ينفض من حوله الناس"فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين".
الروح الوحدوية: يجب أن يملك القائد روحا وحدوية يلم بها شمل الجميع, وأن يكون الأب الرحيم على جميع الناس, حتى مع من يختلف معهم أشد الاختلاف, فما لم يكن القائد هكذا سوف يتشتت صف الأمة ويضعف, وكمثال واضح نذكر سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله (سدده الله) فإنه لما يملكه من روح وحدوية استطاع أن يلم شمل الجميع وأن يقفوا معه في صف واحد, وأعني بالروح الوحدوية أن يفعل كل ما يوجب الوحدة ولـمّ الصف, فلابد أن يكون القائد ليّن العريكة مع الأطراف الأخرى التي تقف معه ضد الظلم ولكن تختلف معه في المنهج, وأن يقدم لهم كامل الاحترام, وأن يستشيرهم ويقدر مواقفهم وإن وجدها خاطئة ما داموا مخلصين مريدين لرفع الظلم, وأن يسددهم إذا ما رأى منهم الخطأ, وأن يقف معهم إذا ما ظلموا, كل هذا يدعو إليه الدين والعقل ويوجب لـمّ الصف وقوته وضعف الظالم وخوفه.

والحمد لله رب العالمين


المصدر : http://www.ezaonline.com/?p=7625
__DEFINE_LIKE_SHARE__
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML