المشيمع يؤكد .. التقرير الذي صدر ما هو إلا بداية الصفعات

[محروم.كوم]

تغطية خطبة المشيمع في جامع الإمام الصادق (ع) بالقفول
بعد صلاة العشاءين – ليلة السبت من كل أسبوع
( 26 صفر المظفّر 1431هـ )
ليلة السبت – الموافق 12/2/2010م

في مطلع خطبته عزّا فضيلة الأستاذ حسن المشيمع المؤمنين بذكرى رحيل رسول الإسلام سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله، قائلا: عظم الله أجوركم برحيل رسول البشرية وأفضل وأعظم خلق الله صلى الله عليه وآله يوم ولد ويوم مضى ويوم يعود في الآخرة ليشفع لأصحابه ولأمته، الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله الذي أسس حركة الإسلام والدعوة لتشكل منعطفا وتحولا في واقع الحياة كلها لأن الرسول إنما بعث للناس كافة وليس لأمة دون أخرى؛ لذلك ولادته ودعوته تعتبر محطة تغيير عالمية. وأضاف: كانت دعوة شاملة لكل حركة الإنسان وحركة الوجود، وقد شكلها القرآن الكريم في إطار محدد واضح بحيث لو استوعبناها لأمكننا تحديد طريقنا بوضوح في الحياة. جاء الإسلام في مقابل جاهلية وأحكام قبلية سيطرت لفترة من فترة من الزمن، جاء فكرا إسلاميا مناوئا ومضادا لكل فكر قبلي يتحرك من خلال ما يمليه العقل الجاهلي والطفولي؛.. صراع وحركة الإسلام والرسول صلى الله عليه وآله كانت تركز على التفريق والمقارنة بين الفكرين: الفكر الجاهلي والفكر الإسلامي في المنهج والأساليب والسلوك.

ومضى المشيمع في مقابلة كلا المنطقين والمنهجين موضحا أن الفكر الجاهلي يقوم على النعرات والتعصب القبلي والنسبي، وهو الذي تستعر فيه الحرب لأسباب تافهة لا قيمة لها. مضيفا: الفكر الجاهلي والقبلي هوالذي لا يقبل بالآخرين وبالتعدد ويسعى لمحاربة كل إنسان يحمل فكرا آخر ولا يعترف بحقوق الإنسان، الفكر الجاهلي والقبلي هو الذي يقف ضد الفقير والمحروم ولا يأبه بهما، الفكر الجاهلي والقبلي هو الذي لا يعترف للمرأة بأن لها شأنا ودورا.

وأكد أن العلاقات كما يطرحها الإسلام ينبغي أن تكون بناء على رابطة الدين والعقيدة وليس المحسوبية والنسب، وعلى الفكر والمبدأ والانتصار للإنسانية ورفض الظلم مطلقا. منوها أن عودة الجاهلية والفكر القبلي يعني أن هناك حالة ترد وأن الأمة إذا قبلت بذلك فإنها ستتلقى المزيد من الظلم والفساد.

يقول الشاعر:
والناس عادت اليهـم جاهليتهـــــــــم كأنّ من شرع الاسلام قد افـــــــــــكـا
وقد تحـكّم بالاسلام طاغيــــــــــــــــةٌ يمسي ويصبحُ بالفحـشاء منهمكـــــا
لم ادرِ أين رجال المسلميـــــن مضوا وكيف صار يزيــدٌ بينهم ملكـــــــــا


وتابع المشيمع القول أن الدول التي حكمت المسلمين والتي تأسست وفقا للفكر القبلي والجاهلي وقفت ضدّ عزّة وحريّة الإنسان وكرامته ونهبت الأموال العامة للمسلمين، كان الإمام علي (ع) الذي عمل على محاربة الفساد والتقسيم الصحيح للأموال العامة التي هي للمسلمين جميعا يقول: « وَاللّهِ لَوْ وَجَدْتُهُ قَدْ تُزُوِّجَ بِهِ النِّساءُ وَمُلِك بِهِ الإماءُ، لَرَدَدْتُهُ، فَإِنَّ فِي الْعَدْلِ سَعَةً. وَمَنْ ضاقَ عَلَيْهِ الْعَدْلُ فالْجَوْرُ عَلَيْهِ أَضْيَقُ » نهج البلاغة : 1/350.

يضيف: كما أن حركة الإمام الحسين (ع) جاءت من أجل رفض الجاهلية والفكر القبلي الذي يتحكم في رقاب الناس فيقبل المرء بظلم الآخرين ما لم يقع عليه هو شخصيا وما دام يحظى بكافة وسائل العيش وأسباب الراحة، في الحديث عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله: « مَنْ أصبَحَ لا يهتمّ بأمورِ المُسلمينَ فليسَ بِمسلم » الكافي: 2 /163، باب الاهتمام بأمور المسلمين، حديث رقم1. ودعى المشيمع إلى التخلي عن الفكر الجاهلي وبناء العلاقات واتخاذ المواقف بناء على قيم الإسلام الذي يطرح معيار التقوى ولم يتحدث عن الجاه أو المال وغيره، يقول سبحانه وتعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } الحجرات : 13.

ولفت المشيمع إلى أنَّ هناك فرق بين الضحيّة والجلاّد والظّالم والمظلوم في الفكر والمنطق الإسلامي، وأكد أننا نعيش اليوم في ظلّ حكومة بعيدة عن دولة المؤسسات الحقيقية والتي تتحمل فيها الحكومة المسؤولية وتتقبل كلّ النقد، كما أن السلطة التشريعية فيها هي سلطة حقيقية، أما إذا كانت الدولة تتحكم فيها قبيلة واحدة تمارس كافة الانتهاكات دون رادع فنحن لسنا بصدد دولة مؤسسات فعليّة. وأضاف أن الحكم القبلي في البحرين بات يرفض الاستماع للآخر والاستجابه له ويصرّ على تجاهل دعوات العقل والمنطق والحوار، يقول سبجانه وتعالى: { وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا } نوح : 7.

وبشأن تداعيات تقرير التعذيب الأخير أكّد المشيمع أن منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش) تعدّ أكبر منظمة حقوقية عالمية وهي تعمل بحرفية منذ سنوات واعتبر أن تدشين تقريره الأخير في البحرين والذي أكد حصول عمليات تعذيب ممنهجة في المعتقلات يعد سابقة في تاريخ دولة عربية بحيث يصدر بهذه الصراحة والوضوح، وقال مستدركا إن التجاوزات التي رصدها كانت فقط بين عامي 2007 و2009 .

وشدد المشيمع على ضرورة المعالجة الجذرية للأزمة التي تعيشها البحرين عن طريق إيقاف الظلم والانتهاكات والاعتداءات المتكررة على حقوق الناس مستذكرا التعذيب الوحشي الذي تلقاه إخوتنا المعتقلون في السجون، وأكد أن التقرير كان صفعة كبيرة وحقيقية مصرّحا أن الصفعات قادمة وأنها ليست أولى صفعة يتلقاها النظام بل هي بداية الصفعات خصوصا " إذا وجد شعبا يحمل وعيا وفكرا وبصيرة فستجدون كيف ينحني هذا النظام، هم أجبن من أن يكسروا إرادة شعب بكامله ".

واعتبر أن صدور التقرير المنصف لضحايا الانتهاكات كان من آثار التحرك الخارجي الذي بدأ يعطي ثماره مشيرا إلى عدد من المنظمات الدولية التي أصدرت تقارير حول حقيقة الديمقراطية والحريات العامة في البحرين كتقرير الشفافية العالمية و نادي مدريد وغيرها من بيانات وتقارير، وحث المشيمع على ضرورة الاستفادة من هذا التقرير الذي انتشر في كافة أنحاء العالم بعد أن نقلته وكالات الأنباء العالمية وبات الجميع يتعرفون على طبيعة الأوضاع في البحرين، مضيفا: ينبغي أن نعمل على رصد وتوثيق الانتهاكات وإظهارها للعالم.

وأشار المشيمع في ختام خطبته إلى التناقضات وحجم التخبط الواضح في موقف النظام بالأخص ما صرحت به وزارة الخارجية وإقرارها بالعلم مسبقا بعزم المنظمة إصدار التقرير قبل عدّة أشهر حيث ادَّعت عدم اكتمال المعلومات التي من المفترض أن تقدمها للمنظمة الحقوقية وجاء ذلك في مقابل تصريح وزارة الداخلية التي نفت ما وجه لها من اتهامات ولكنها من جانب آخر أقرَّت جزئيا بحصول التعذيب عندما صرَّحت بحصول عمليات تعذيب واعتبارها حالات فردية إذ تساءل المشيمع: إذا كانت هناك حالات فردية حصل فيها تعذيب كما تقولون فأين هي المساءلة؟

__DEFINE_LIKE_SHARE__