مات وهو يسمع صوت الحور العين ( الله يرحمه )

[أم عفراء]

	بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين اما بعد :ـ مات و هو يسمع صوت الحور العين ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ هذه القصة أوردها الشيخ / خالد بن محمد الراشد في شريط له بعنوان (( من حال إلى حال )) و قد أخذتْ مني مكاناً في نفسي فأردت أن أنشرها لتعم الفائدة ، و عسى أن يكون هنالك من متعظ ، أو من معتبر . و إليكم القصة : كان هنالك ثلاثة من الشبان يتعاونون على الإثم و المعاصي ، فكتب الله الهداية لأحد هؤلاء الثلاثة ،فقرر أن يدعو زميليه ، و يعظهما لعل الله أن يهديهما و تكون هدايتهما على يديه و فعلاً استطاع أن يؤثر عليهما ، و الحمد لله أصبحوا شباباً صالحين و بعد ذلك اتفقوا على أن يقوموا بدعوة الشباب الغارقين في بحار المعاصي ؛ ليكفروا عن ماضيهم الأسود و في مرة من المرات اتفقوا على أن يجتمعوا في المكان الفلاني قبل الفجر بساعة للذهاب إلى المسجد ؛ من أجل التهجد و العبادة ، فتأخر واحد منهم فانتظروه ، فلما جاء إليهم كان لم يبق على أذان الفجر إلا نصف ساعة و بينما هم في طريقهم إلى المسجد إذ بسيارة تكاد تنفجر من صوت الغناء و الموسيقا الصاخبة ، فاتفقوا على أن يقوموا بدعوة ذلك الشاب ، لعل الله أن يجعل هدايته على أيديهم فأخذوا يؤشرون له بأيديهم لكي يتوقف ، فظن ذلك الشاب أنهم يريدون مسابقته ، فأسرع بسيارته لكي يسبقهم ، فأشاروا له مرة أخرى فظن أنهم يريدون المقاتلة !! فأوقف الشاب سيارته و نزل منها فإذا بجثة ضخمة ، و منكبين عريضين ، و قوة و ضخامة في العضلات !! و قال لهم بصوت غضب : من منكم يريد المقاتلة ؟؟ فقالوا : السلام عليك فقال الشاب في نفسه : إن الذي يريد المقاتلة لا يمكن أن يبدأ بالسلام فأعاد السؤال عليهم : من منكم يريد المقاتلة ؟؟ فأعادوا عليه : السلام عليك فقال : و عليكم السلام . ماذا تريدون ؟؟ فقالوا له : ألا تعلم في أي ساعة أنت ؟ إنها ساعة النزول الإلهي ـ نزولاً يليق به سبحانه و تعالى ـ إلى السماء الدنيا ، فيقول : هل من تائب ؛ فأتوب عليه ؟ هل من سائل ؛ فأعطيه ؟ يا أخانا اتق الله .. ألا تخف من الله ؟! ألا تخف من عقابه ؟! ألا تخف من سوء الخاتمة ؟؟! فقال لهم : ألا تدرون من أنا ؟؟ قالوا : و من أنت ؟؟ فقال لهم : أنا حسان الذي لم تخلق النار إلا له فقالوا له : استغفر الله .. كيف تيأس و تقنط من روح الله ؟؟ ألا تعلم أنه سبحانه يغفر الذنوب جميعا ؟؟ ألم يقل ربك :  إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ مَا دُوْنَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء  و أخذوا يذكرونه بالله تعالى ، و بواسع رحمته ، و بالجنة و الثواب العظيم فبكى حسان بكاءً شديداً .. و قال : و لكن أنا لم أترك معصية من المعاصي إلا فعلتها .. و أنا الآن سكران ... فهل يقبل الله توبتي ؟؟؟ فقالوا له : نعم ، بل ؛ و يبدل الله سيئاتك حسنات ، فما رأيك أن نأخذك معنا إلى المسجد لنصلي الفجر ؟ فوافق حسان .. و بالفعل أخذوه معهم و في أثناء الصلاة شاء الله أن يتلو الإمام قوله تعالى :  قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِيْنَ أَسْرَفُوْا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوْا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوْبَ جَمِيْعاً إِنَّهُ هُوَ الغَفُوْرُ الرَّحِيْم  فانفجر حسان بالبكاء .. و لما انتهت الصلاة قال لهم : لم أشعر بلذة الصلاة منذ سنين و أخذ كل من في المسجد يهنئونه بتوبته و لما خرج الأربعة من المسجد قالوا له : أين أبوك ؟ قال حسان : إن أبي يصلي في المسجد الفلاني ، و هو عادة يجلس في المسجد إلى شروق الشمس ؛ لذكر الله ، و قراءة القران الكريم . فلما ذهبوا إلى ذلك المسجد ، و كانت الشمس قد أشرقت .. أشار حسان إلى والده .. و قد كان شيخاً كبيراً ضعيفاً ، و هو محتاج إلى قوة حسان ، و شبابه فذهب هؤلاء الشباب إليه ، و قالوا له : يا شيخ إن معنا ابنك حسان .. فقال الشيخ الكبير : حسان ...!!! آآآه الله يحرق وجهك بالنار يا حسان فقالوا له : معاذ الله يا شيخ .. لماذا تقول هذا ؟؟ إن ابنك قد تاب ، و أناب إلى ربه و ارتمى حسان على قدم والده ، و أخذ يقبلها .. فبكى والد حسان ، و ضمه إلى صدره .. و ذهب حسان إلى أمه و قبّل يدها و قدميها ، و قال لها : سامحيني يا أمي .. سامحيني .. فبكت العجوز فرحاً بعودة حسان و في يوم من الأيام قال حسان في نفسه : (( لا يكفر ذنوبي إلا أن أجعل كل قطرة من دمي في سبيل الله )) و قرر الذهاب إلى الجهاد مع زملائه الصالحين فذهب إلى والده ، و قال : يا أبي أريد أن أذهب للجهاد .. فقال أبوه : يا حسان نحن فرحنا بعودتك .. و أنت تريد أن تحرمنا منك مرة أخرى ؟ فقال حسان أرجوك يا أبي لا تحرمني شرف الجهاد ، و الشهادة .. فوافق أبوه على ذلك و ذهب إلى أمه و قبّل قدميها ، و قال : أريد أن أذهب إلى ساحات القتال .. فقالت أمه : يا حسان فرحنا بعودتك ، و أنت الآن تريد أن تذهب للجهاد ؟ قال : يا أماه إن كنتم تحبونني فدعوني أجاهد في سبيل الله .. فقالت أمه : أنا موافقة ، و لكن بشرط ؛ أن تشفع لنا يوم القيامة و بالفعل تدرب حسان على الجهاد ، و استعمال السلاح ، و أتقن في شهور معدودة أساليب القتال .. و لما جاءت اللحظة الحاسمة .. و نزل حسان إلى ساحات القتال ،و معه زملاؤه الصالحين و كان حسان في كهف من الكهوف ، و إذا بقذيفة من طائرات العدو تسقط على قمة الجبل و تصيب حسان فسقط حسان من أعلى الجبل .. و وقع صريعاً على الأرض و قد تكسرت عظامه ، و هو يسبح في بركة من الدماء .. فاقترب منه أصحابه ، و قالوا : حسان .. يا حسان .. فإذا بحسان يقول لهم : اسكتوا .. فو الله إني لأسمع صوت الحور العين يناديني من وراء الجبل ثم لفظ الشهادتين و مات .. نعم مات ، و غاب عن أنظارنا .. و لكنه عند الله حي يرزق هذا حسان الذي كان يقول : إن النار لم تخلق إلا له .. و هاهن الحور العين يرقصن فرحاً ، و شوقاً للقاء حسان سبحان الله العظيم .. سبحان القائل في كتابه الكريم و هو أصدق القائلين :  وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِيْنَ قُتِلُوْا فِيْ سَبِيْلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُوْن  تمت القصة فهل من مدّكر

__DEFINE_LIKE_SHARE__