السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهأكدت مصادر خليجية مطلعة تحدثت مع إيلاف ليلة الأحد أن الخلاف السعودي الإماراتي لم يكن وليد اللحظة بل إنه جاء عقب ثلاثة أشهر من المداولات الصامتة خلف الكواليس بين الأجهزة الحكومية في البلدين قبل أن يدخل منعطفاً جديداً بإصدار الرياض قراراً يقضي بمنع استخدام بطاقة الهوية في التنقل بين البلدين.وأوقفت السعودية العمل بآلية تنقل تسمح للمواطنين الإماراتيين بدخول البلاد باستخدام بطاقات هوية وطنية تقول إنها تجعل مناطق سعودية جزءا من دولة الإمارات العربية المتحدة.وبحسب مصدر مطلع فإن مسؤولاً سعودياً رفيعاً سأل نظيره في الداخلية الإماراتية عن سبب تأخر أبو ظبي في الرد على تحفظات الرياض حول الخريطة الظاهرة على بطاقة الهوية الإماراتية فقيل له باعتذار إن الملف لم يعد من صلاحياته وأنه أصبح بيد ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد.وبعد ثلاثة أشهر من التحفظ السعودي الذي ظهر جلياً في رسالة أرسلها وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز إلى حكومة أبو ظبي، والتي لم ترد الأخيرة عليها، قررت الرياض إيقاف التنقل ببطاقة الهوية حتى يعاد النظر فيها.وكما أشار مصدر دبلوماسي تحدث مع "إيلاف" فإن حكومة دبي طلبت قبل نحو شهر تدخل زعماء ثلاث دول خليجية لحل هذه الأزمة. وفي ذلك الاجتماع طلب حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد الذي رافقه نجله الشيخ حمدان من سفراء كل من الكويت والبحرين وعمان نقل شكاوى بلاده ضد السعودية.ويقول دبلوماسيون خليجيون قدّر لهم الالتقاء بنظراء لهم في الحكومة الاتحادية الإماراتية إن سبب احتجاج أبو ظبي هو اتفاقية ترسيم الحدود بين الرياض والدوحة في وقت يرى فيه الإماراتيون أن السعودية تجاهلت طلباتهم في تعديل الاتفاقية الحدودية التي وقعت بين البلدين في السبعينات.ومنحت الاتفاقية السعودية ممر خور العديد الذي يبلغ طوله 25 كيلومترا في الخليج وهو ما حرم الإمارات وقطر من حدود برية مشتركة. واحتفظت الإمارات في منطقة العين والتي حاولت القوات السعودية السيطرة عليها في خمسينات القرن الماضي.إلا أن ما تعلمه "إيلاف" يؤكد أن الاحتجاج الإماراتي يعود إلى اتفاقية ترسيم الحدود السعودية مع اليمن، إذ تعتقد الإمارات أن المملكة قد تنازلت عن عدد من أراضيها لصالح اليمن مقابل إنهاء الخلاف الحدودي بين البلدين، ما يجعل لها الحق في أن تطالب بشريط بحري مستطيل يربطها بشكل مباشر مع قطر.وفي حقيقة الأمر فإن الاتفاقية السعودية اليمنية قد أنهت مطالبات اليمن التاريخية في الحصول على إقليمي جازان ونجران. وحسب الرواية السعودية فإن هذه الاتفاقية لم تشهد أي تنازلات تذكر في الحدود البرية أو البحرية.ومنذ سنوات انتقل ملف الخلافات الحدودية إلى رجل السعودية القوي ووزير داخليتها الأمير نايف بن عبد العزيز الذي عاصر ملف الخلاف الحدودي مع عدد من الدول الخليجية وخصوصاً الإمارات منذ بدايته. وكان له الدور القوي في إقناع الملك فيصل بن عبد العزيز بقبول توقيع الاتفاقية مع أبو ظبي والتنازل عن المطالب السعودية في كل من العين و أجزاء من واحة البريمي. كما أنه هو الذي نقل خبر موافقة الملك السعودي على الاتفاقية إلى الشيخ زايد آل نهيان الذي كان فرحاً بتوقيع الاتفاقية وضمانه الحصول على العين بشكل خاص التي كان يعتبرها بيضة القبان. وكانت حركة النقل البري للشاحنات بين السعودية والإمارات قد شهدت الكثير من العراقيل مؤخراً، خاصة عند معبر الغويفات، وهو ما عزته السلطات السعودية آنذاك إلى تطبيق معايير جديدة.كما توترت العلاقات السياسية إلى حد ما في الفترة الماضية، بعد أن رفضت الإمارات استضافة السعودية لمقر المصرف الخليجي المشترك، ما دفعها إلى إعلان تخليها عن مشروع العملة الخليجية الموحدة.وبينما تريد السعودية تعديل بطاقة الهوية الوطنية التي أصدرتها الحكومة الإماراتية ويبلغ عمرها أربعة أعوام، فإن الإمارات تطالب بتعديل اتفاقية عمرها أربعون عاماً تم تسجيلها في كل من الجامعة العربية والأمم المتحدة وعدد من الهيئات الدولية.ووصف المحلل والكاتب الإماراتي عبدالخالق عبدالله القرار السعودي بأنه "معاقبة للإمارات على موقفها من اتفاقية العملة الخليجية الموحدة"، مشيراً إلى أن الانتقال بالهوية "كان من أهم الإنجازات في مسيرة مجلس التعاون الخليجي الملموسة لدى المواطن العادي، وكان ينبغي الحفاظ على هذا المكتسب، وبالذات من الشقيقة السعودية".وتابع في تصريحات نشرتها "الإمارات اليوم" :" نشعر بأن هذا القرار يمس المواطنين، أكثر من أي جهة أخرى، إذا كان يراد منه إيصال رسائل ما، كما أنه يلحق ضرراً بالغاً بالعمل الخليجي المشترك، الذي استثمر فيه كثيراً، على الرغم من مشروعية الخلافات التي يمكن أن تحدث بين الأشقاء وتحل في إطارها الثنائي".وعلى جنبات المآدب الرسمية العليا في الإمارات، وخصوصاً بلاط أبو ظبي الذي يعج بالمستشارين السعوديين، تدور الأحاديث حول أن السعودية تحاول من حين لآخر فرض هيمنتها عليهم، بل إنه تم الحديث صراحة عن إمكانية ترتيب حملة إعلامية لمواجهة السعودية على غرار الحملة القطرية التي قادتها قناة الجزيرة قبيل اقتناع قطر بالأمر الواقع والمصادقة على الاتفاقية المبرمة بين البلدين.ويقول مواطن إماراتي كان يتحدث من دبي عن الخلاف السعودي الإماراتي إن بطاقة الهوية "معترف بها في العالم كله ولن يضرنا إن لم تعترف بها دولة واحدة".