اقتراح مشروع تحويل أودية جبال السروات إلى جهة الشرق

[محروم.كوم]

بسم الله الرحمن الرحيم

اقتراح مشروع تحويل أودية جبال السروات إلى جهة الشرق

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين ، و على آله و صحبه الطيبين الطاهرين ..
و بعد ، فلا شك أن هاجس الأمن المائي ينتاب الكثير منا ، و ذلك في ضوء مخاطر الجفاف و التصحر و نضوب المياه الجوفية و التي باتت تشكل تحديا وطنيا و تنمويا ، بل و مصيرياً .
لا سيما و قد قدَّر بعض خبراء المياه لدينا المدة الزمنية لاستكمال نضوب المياه الجوفية في معظم البلاد السعودية بعقد من الزمان فقط ، أو أكثر من ذلك أو أقل ، مما يوجب علينا أن نبذل الغالي و النفيس في سبيل البحث عن الحلول تِلو الحلول لعلاج هذه القضية المصيرية ..

و من تلك الحلول ـ في نظري ـ الاستفادة القصوى من مياه الامطار التي تنعُم بها المرتفعات في بلادنا الغالية ، بدلاً من ذهاب الجزء الأكبر منها إلى البحر .
لاسيما المرتفعات الغربية منها و هي :
1 ـ جبال السروات
2 ـ جبال الحجاز
3ـ جبال مدين

ـــ و لنأخذ على سبيل التحديد جبال السروات و التي تعتبر من أهم تلك المرتفعات ، حيثُ يبلغ معَّدل مجموع مياه الأمطار الساقطة عليها سنوياً : (37,5) مليار م/3 . (1)
و هي نسبة كبيرة من مجموع أمطار المملكة السنوية ، و الذي يبلغ 125 مليار م/3. ويصل ارتفاعها إلى اكثر من 3000 متر .

إلاَّ أن مياه أمطار (جبال السروات) ، والتي يتجه نحو (90) وادياً منها إلى ساحل البحر الأحمر ، ومن أهمها (36) وادياً تقع في الجنوب الغربي وتحمل ما مقداره نحو (95%) من مجموع سيول تلك الأودية ، ينتهي معظمها إلى شواطئ البحر الأحمر .
مع العلم أن كمية أمطار جبال السروات لوحدها تعادل تدفق مياه دجلة والفرات في العراق (في الوقت الحاضر) مجتمعين مرتين و ثلث تقريباً ، حيث يبلغ تدفقهما (16) مليار م/3 سنوياً تقريباً .

و بالتالي : فلعل عملية تحويل أودية جبال السروات لتصب شرقا ، تحقق فائدة مزدوجة للمنطقة :

1ـ حيث تساهم بوقف الهدر المائي الضخم الناتج عن صب مياه تلك الأودية في البحر دون الاستفادة المثلى منها .

2 ـ كما تساهم بالحد من تعرض المدن الساحلية لمخاطر الفيضانات و تجريفات السيول ..
ــ هذا عدا مكافحة مخاطر التصحر و الجفاف الذين يهددان معظم المناطق المتاخمة للصحراء .
ـ و كذلك فوائد أخرى بيئية و تنموية و سياحية..

 
الخطوط العريضة لفكرة المشروع :


تتم عملية تحويل اتجاه أودية جبال السروات الى جهة الشرق:

أ ـ إما عن طريق تحويلها الى أودية تصب جهة الشرق أصلا ً ـ إذا أمكن ذلك ـ
كوادي ترج أو وادي تبالة في جنوب الجزيرة العربية ــ (على سبيل المثال) ـــ ، و الذين يتصلان بوادي بيشة .


( لاحظ : أن الأودية الواقعة شرق مرتفعات السروات أغلبها يتجه من جهة الغرب الى جهة الشرق ، بعكس غالب أودية مرتفعات السروات و التي تتجه غربا الى جهة البحر الأحمر ، مثل وادي خلب، و وادي خمس، و وادي جازان، و وادي ضمد، و وادي صبيا، و وادي شهران، و وادي بيش ...الخ .
ـــ و ربما أمكن تطبيق هذه الفكرة في مرتفعات الشمال الغربي ، كوادي الرمة شمال الجزيرة العربية ، و الذي تصب فيه روافد كثيرة ، معظمها من حرة خيبر و حرة بني رشيد .
إذ ربما أمكن تحويل بعض أودية الشمال الغربي و التي تنتهي في البحر الأحمر إلى وادي الرمة أيضاً ، و ذلك للمحافظة على مياهها من الضياع في لُجــَّة البحر . )

ب ـ أو عن طريق حفر أنفاق ـ او تدشين أنابيب ضخمة ـ تنحدر شرقا مخترقة الكتلة الصخرية لمرتفعات السروات ، و ناقلة للمياه للاتجاه المقابل ، بعد بناء سدود تجميعية تستقبل مياه الامطار غرب السروات ، و تتصل بتلك الأنفاق ، و من ثم الاتصال بأودية المنطقة شرق السراة .
و غني عن الذكر أن ذلك ـ بالطبع ـ يستدعي توسعة تلك الأودية (المحوَّل إليها) و تجريف جوانبها لتستقبل أكبر كمية من المياه المحوَّلة .

ج ـ وضع سدود عملاقة في النهاية الطرفية لتلك الأودية ، تضاهي سد الملك فهد بن عبد العزيز ببيشة و الذي يعتبر أكبر سد في الشرق الأوسط ــ بعد السد العالي في مصر ــ ، حيث يحتجز السد خلفه أكبر بحيرة صناعية عذبة في المملكة تصل مساحتها إلى 30 كلم مربع ، بسعة تخزينية تبلغ 352 مليون متر مكعب من المياه العذبة ، و ذلك لحفظ المياه المحوَّلة عبرها .



 
و كذلك سيساعد بإذن الله حجر تلك المياه في هذه السدود على تكون امتدادات نهرية لتلك الأودية من المصبات انتهاءاً بالسدود العملاقة المذكورة ..



د ـ كما بالامكان تخزين تلك المياه في منخفضات المناطق التي تشكل بتكوينها الجغرافي أحواضا طبيعية جاهزة ، كوادي الدواسر . بيشة و التي ترتفع 1163 مترا عن سطح البحر .
. الحريق . و التي ستستفيد ــ بإذن الله ــ مباشرة من تلك الثروة المائية ، و التي تمر بها أو حولها تلك الأودية المحوَّلة .

 
هـ ـ لتوضيح إمكانية تخزين مياه الامطار : بالإمكان تخزين الفائض من مياه تلك الأودية في أجزاء من المنخفضات الطبيعية في الربع الخالي
و التي يصل عمقها إلى 26 متر تحت سطح البحر في بعض المناطق ، بينما تبلغ مساحة المنخفض 312 كيلومترا مربعا تقريباً.
و ذلك بحَدر تلك المياه عبر أنابيب ضخمة و عملاقة ، من المرتفعات السابق ذكرها إلى منخفضات الربع الخالي ، حيث سيساعد اتجاه انحدار تضاريس المملكة من الغرب نزولاً إلى جهة الشرق على انخفاض تكلفة نقل المياه العذبة ، و ذلك باستثمار مُعامِل الجاذبية الأرضيَّة ..

http://forum.nooor.com/images/upload...61e8e009ea.jpg


مقطع عرضي توضيحي ، يبين شدة انحدار تضاريس المملكة بِدءاً من المرتفعات الغربية
في المملكة ، و انحداراً إلى السهول الشرقية في ضفاف الخليج العربي .

ملاحظة :

عملية تحويل أودية جبال السروات إلى جهة الشرق لا تؤثر سلباً على الحصة المائية لمناطق غرب جبال السروات سواء ، سواءُ الشعف أم الساحل :
1ـ لأن تلك المناطق من أغزر المناطق مطرياًّ ، إذ تتمتع المنطقة الجنوبية الغربية بنسبة أمطار عالية ، حيث تقدر كميات سيول أودية تهامة بنحو (1265)مليون متراً مكعباً في السنة، أي بنسبة (62%) من مجموع سيول المملكة جميعها البالغة (2025) مليون متراً مكعباً في السنة ، و هذه النسبة المطرية تزداد كثافة، لدى الاتجاه من الشمال إلى الجنوب ، و لذلك فهي تعتمد في الغالب في زراعتها على السقي بمياه الأمطار.
( ملاحظة :
لا يتجاوز أقصى اتساع لسهل تهامة 45 كم فقط ..بالقرب من جيزان ، بينما لا يتجاوز أدنى اتساع لسهل تهامة 20 كم فقط عند رابغ في الجزء الشمالي من تهامة .)

2ـ أن عملية التحويل ــ و على أحسن الاحتمالات ـ ستطول من 20% إلى 30% من مياه أمطار جبال السروات ، بينما ستستعصي النسبة الكبرى من الأمطار عن أن يشملها التحويل

3ـ أن الاستفادة الأولى من السدود التجميعية المقامة ستكون للمنطقة القريبة منها
، في حين أن شدة انحدار مياه امطار جبال السروات جرَّاء نزولها من مرتفعات شاهقة دون تخزينها تقلل من مقدار الاستفادة منها بالنسبة للأرض و المزروعات.

4 ـ أن عملية التحويل تستهدف النسبة الزائدة من المياه و التي تنتهي الى البحر ، و التي تستدعي إنشاء قنوات تصريف لمياه الأمطار الى البحر ـ كما هو الحال الآن ـ لتجنيب المنطقة مخاطر الفيضانات و تجريفات السيول.
.
و الله أعلم و أحكم ، و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم .

محمد بن حسن المبارك
الرياض 22 / صفر / 1436 هجرية

(1) انظر جريدة الرياض : مقابلة مع الأستاذ "عبدالله بن عبدالعزيز الرشيد" - باحث ومهتم في شؤون المياه ..بعنوان :
(أمطار «جبال السروات» أفضل الحلول لمواجهة خطر ندرة المياه ) .
العدد 16495 = الخميس 15 / شوال / 1434 هـ

الرابط : http://www.alriyadh.com/861486
مصدر آخر : ( جبال السروات.. مستقبل آمن لتوفير الماء)
جريدة الشرق = http://www.alsharq.net.sa/2013/09/02/932640

.
. __DEFINE_LIKE_SHARE__