أقلام حرّة لؤلؤة أوالبقلم:جلال آل حسن المشهد الانتقامي الذي مارسه النّظام الخليفي خلال موسم عاشوراء هذا العام؛ هو تكرار للمشهد نفسه الذي امتد طوال فترة الطوارئ وبدء الاحتلال السعودي في مارس 2011م. كان المُراد أن يُوقظ الخليفيون والسعوديون النّزعة المذهبيّة ويدفع المواطنين لرفع الشعارات الطائفيّة ومواجهة بعضهم البعض مذهبيّاً. رغم كلّ الدّمار البشع والانتهاك الواسع للعلامات والمقدّسات الشيعيّة بما فيها هدم المساجد لم يفلح الغزاة والمحتلين من تحقيق مرادهم، وبقي الشعار العام للمواطنين المحتجين متمحورا حول المواطنة والديمقراطية وتقرير المصير. توتير الوطن مذهبياً مهمّة قذرة ليس لها زمن، أو بالأحرى فإنّ زمنها ممتد بامتداد الجنون الطائفي الذي عمّ المنطقة بأسرها. وبالنسبة للنظام الخليفي فإنّ مخزونه القمعي في اضطهاد المواطنين لم ينجح في إجبارهم على السكوت ورفع الرايات البيضاء، وهو الآن في طور توظيف القمع في الاتجاه المذهبي، اعتماداً على اعتقاده بأنّ ما الفتنة المذهبيّة يمكن أن تُنجَز من خلال مراكمة العداوة والاستمرار في إهانة مقدسات ورموز الطائفة الشيعيّة، والتي يمكن أن تنفجر كما يظنّ النظام في نهاية المطاف لتدخل في مرحلة جديدة من المواجهة الداخلية على أساس الحمية المذهبيّة. البحرينيون أبطلوا هذه الخطّة حتّى الآن. ويمكن القول بأن المواطنين في البحرين هم البنية المواطنيّة الاستثناء الذي امتنع عن الانجرار في الخنادق المذهبيّة أو الاستغراق في الشعارات والخطابات القائمة على الاقتتال المذهبي. وليس الوعي الديني هو السبب الوحيد في ذلك، ولكن أيضاً قناعة البحرينيين بأن مشروعهم النضالي ضد الاستبداد الخليفي والاحتلال السعودي سوف يسقط نهائياً بمجرّد التهاوي في الوحل المذهبي، وبالتالي فإن الدماء الطاهرة والجراحات والعذابات كلها ستذهب سُدى. يحافظ البحرينيون على قاعدتهم الوطنية في النضال، حمايةً لهذا النضال نفسه، ولأنّ مخططات الفتنة ومحاولات الاستدراج مستمرّة وبالغة الهوْل؛ فإنّ الحذر مطلوب على طول الخط، خصوصاً مع اقتراب لحظة المفاصلة، حيث بدأ الخناق يلتفّ حول عنق الخليفيين وأسيادهم من آل سعود.