لؤلؤة أوال|فكر الإمام الخميني الحلقة الثانية:كيف ينظر الخميني للقانون؟

[محروم.كوم]

فكر الإمام الخميني الحلقة الثانية: كيف ينظر الخميني للقانون؟

عباس الجمري
في العام 2010 بحثت عن فلسفة القانون، ووجدت أن هذا المبحث، بحر لا ترى شواطئه، ونشرت إحدى صحف البحرين مقاطعا من بحثي، وتحديدا في أكتوبر.
وقلت في إحدى مقاطع البحث أن الفكر الكنسي والعهد الجديد تميزَا بالخطاب الجماعي تجاه المسؤولية والخطأ، وذلك ‏انبعاثا من سلوكهم بعقيدة أن خطيئة آدم عليه السلام كفرها المسيح بدمه المسفوح ‏وصار ذلك الدم كغسيل لخطيئات البشر، فتلك الإشعاعة الغفرانية المعقودة في قلوب ‏المسيحيين بلورت نظرة خاصة تجاه المسؤولية.‏

وبالنسبة للمسؤولية في الفقه الكنسي، فقد ذهب الدكتور محمد كمال الدين إلى أن ‏سلطان الكنيسة خفف الكثير من قيود وقوانين أوروبا في العصور الوسطى، ويقول ‏في هذا الشأن: (لا شك أن سلطان الكنيسة في أوائل العصور الوسطى قد خفف من ‏بشاعة العقوبات، وأدخل بعض الأفكار الخلقية في قوانين أوروبا “العصور ‏الوسطى”، فبعد أن كان العقاب الجماعي طابعة التخويف ‏Intimidation ‎، والردع ‏والانتقام ‏Repression‎، خلق فكرة التكفير عن الذنب، ومن هناك عرفت الإرادة ‏الخاطئة في مجال المسؤولية الجنائية وكانت تشتق أصلها من مجال الإثم والخطيئة، ‏فعلى النفس أن تتطهر من آثامها طبقا للقانون الكنسي، ولكن الإرادة لم تكن هي ‏محور المسؤولية في القانون الكنسي، فرجاله يستنبطون الإرادة من الفعل.‏

وجال قلمي في مديات البحث عن العصر الفرعوني والعصر اليوناني في البعد القانوني، وتبين من خلاصة البحث أن القانون له بعدٌ فلسفي.

وبُعده ببساطة يترجم في المعنى الشعبوي للكلمة، فحينما يقال: هذه الدولة ليس فيها قانون، يُعنى من ذلك: 1) هذه الدولة ليس فيها قواعد تنظم أفرادها ومؤسساتها. 2) أو أن هذه الدولة ليس فيها عدالة. فإذن يفهم الناس من القانون : العدالة والانتظام/النظام.


ومن المعروف أن القانون تتفرع منه أنواعا مختلفة ومتخصصة، يختص كل حقل بجانب ويشتغل عليه تنظيما وتحديدا، وهذا التفرع أتى متراكما من التاريخ، وكلما تطور حقل اجترح الانسان لنفسه قوانين لتسيير شأنه بشكل صحيح، كالمرور مثلا الذي يتمتع بقوانين تختص به وتنظم شؤونه.

فالبحث في كيفية نظر الخميني للقانون يتأتى من هذا السؤال: هل الإسلام يحوي قانوناً شاملا، أم أنه يسمح بإدخال القانون الوضعي ضمن قوانينه ؟

في إحدى خطب روح الله الخميني قال أبان حكم بني صدر: (إن الحكومة في دين الإسلام هي حكومة القانون، ويتم تنفيذ القوانين الإلهية)، فما معنى ذلك؟

الإسلام مجموعة من التعاليم، تشكل تلك التعاليم نظما قانونية في التعامل مع الله أولا، ومع الناس ثانيا، ومع سائر المخلوقات في درجة ثالثة.

لذلك صار الله والناس أهم هاجسين يؤلف فيهما الفقهاء، وصار الفقيه الديني أو نائبه قاضيا بالقوة (أي: قاضٍ بما لديه من أهلية علمية)، ويسمى في المصطلح الفقهي بـ "الحاكم الشرعي"، وذلك لأنه يستطيع أن يستخرج القانون من بطن الفقه الشرعي.

وفي هذا الصدد يقول الخميني: إن الرسول (ص) وأمير المؤمنين (ع) انا ملتزمين بتنفيذ القانون. إشارة لتعاليم الله. وهذا ما حذى مؤسس الجمهورية الإسلامية بتغيير رأيه في بداية التأسيس من فكرة "المجلس التأسيسي" إلى فكرة تأسيس "مجلس خبراء الدستور"، وذلك كي لا تتأسس الجمهورية التي نشدها على أيدي مجموعة سياسيين "عاديين" ينتخبون في ظروف صعبة تعصف في البلاد، خصوصا مع وجود أطياف ليبرالية تدين بولائها للثقافة الغربية.

وقد حذر الخميني من تلك الأحزاب وتخريبها للنظام الإسلامي، وترشح عن ذلك ضبط إيقاع الانتخابات بأصول وضوابط معينة حتى لا تتكرر تجربة بني صدر سيئة الصيت لدى جمهور المريدين لقائد الجمهورية الراحل.

فالقانون في نظر الدين لا يمكن إختراعه من عقول البشر، اللهم إلا ما يطور العملية التنظيمية للناس ولا "يتعارض" مع مبدأ من مبادئ الدين، كما هو الحال للمثال الذي مر في قانون المرور وما يماثله من قوانين.

تاريخ النشر: 2013/03/05

المصدر: http://www.awal-lulu.com/news.php?newsid=127 __DEFINE_LIKE_SHARE__