يروى أن ملكا عليلاً قال ذات يوم : من شفاني أعطيته نصف مملكتي ، فاجتمع الحكماء، وبحثوا عن وسيلة لشفاء الملك، لم يدر أحد ما العمل، حتى هب أحدهم وقال : إذا وجدنا رجلا سعيدا حقاً في هذه المملكة ، فيجب أن نأخذ منه قميصه، و نلبسه للملك فسوف يشفى ،،، إن ما ينقص الملك حقا هو إحساسه بالسعادة ليشفى.. أرسل المبعوثون ليطوفوا في أرجاء المملكة بحثا عن رجل سعيد، فلم يعثروا على أحد راض عن حياته كل الرضا، ولم يكن في تلك المملكة كلها أي شخص بدون مشكلة تؤرقه وتمنعه من السعادة و تجعله دائم الشكوى .. . وذات يوم مر ابن الملك أمام كوخ أحد الصيادين فسمع الصياد وهو يقول " تبارك الله ..... اليوم اشتغلت جيدا، و أشبعت جوعي، وسوف أنام بعمق، فلا شيء يكدر صفو حياتي بعد الآن ". أمر ابن الملك الحرس أن يدخلوا ويأخذوا قميص الرجل على الفور، و لسوف يعطيه مقابله كل ما يطلب من مال، وأن يحمل القميص إلى الملك ليلبسه ويشفى. دخل الحراس كوخ الصياد السعيد، ليأخذوا قميصه،............ فيا هول المفاجأة التي كانت بانتظارهم، لقد كان الرجل فقيراً إلى درجة أنه لم يكن يملك أي قميص. وهكذا ظل الملك مريضاً وظل الصياد يسبح في سعادته العارية.
إن الشكوى من متاعب الحياة عادة طبيعية، وهي لا تعني اختيار البديل، بقدر ما تنفس عن أصحاب المشاكل. فالسعي من أجل إدراك السعادة هو ديدن البشر جميعاً، هناك من يرى وجود علاقة عكسية بين وعي المرء وقدرته على إدراك السعادة، حتى أن أحد الفلاسفة قال" لا سعادة إلا في الجهل ، ولا طمأنينة الا في الوهم " ........ هذا استنتاج متطرف بكل تأكيد ، إلا أن هناك وقائع تدعمه في كثير من الأحيان، هناك من يتحايل على نفسه لإشعارها بالسعادة عبر عملية تخفيض سقف توقعاته وآماله من الدنيا بشكل مطرد حتى يشعر دوماً بالإشباع، و هناك من يرى سعادة فيما يعتبره الآخرون شقاء وويلات، كأولئك الذين يبذلون التضحيات رخيصة عن طيب خاطر مقابل عظائم الأمور.
قصارى القول أن من يطلب السعادة كمن يخطب حسناء غالية المهر،فإذا لم يستطع دفع مهرها، يتراجع بسرعة ليضع معايير أخرى للحسن والجمال، حتى يقنع نفسه بالحصول على أخرى، ولا يتردد في تنصيبها سيدة للحسن والجمال، ومنهم من يعجز عن إدراكها فيحكم على نفسه بالشقاء الأبدي ...
و في هذا الموضع لابد من ذكر حديث شريف لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه و سلم -قال فيه :" لا تنظر إلى من هو فوقك ،،و انظر إلى من هو تحتك ،،،فعسى ألا تزدري نعمة الله عليك "...صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم ....
__DEFINE_LIKE_SHARE__