هاني الفردان : أنا رافضي لأن ديني ومذهبي ليس للبيع
 

أنا رافضي لأن ديني ومذهبي ليس للبيع

إلى من يهمه الأمر، أكتب لك مقالي هذا، بعد قراءتي لتغريدة عبر «تويتر» بقلم (ش.د) الملقب بالوجيه «لكل رافضي ينوي دخول ملة الإسلام - عقيدة اهل السنة - بنية صادقة وبأن ينطق الشهادة بحق، له منا تعديل اوضاعه وتصفية ديونه بالكامل ولوجه الله».

ولوجه الله أوجه خطابي هذا لكل مسئول في الدولة، لوزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف المعني بذلك، وإلى النائب العام المعني بحفظ الحق العام، في ظل هذا التهجم السافر على مكون مهم من مكونات المجتمع، والذي وصف بأنه خارج الإسلام في إشارة واضحة لتكفيره.

في يوم الاثنين (11 يونيو/ حزيران 2012) صدر تصريح رسمي بشأن القبض على شاب قذف إحدى زوجات النبي (ص) عبر «تويتر» وحكم عليه بالحبس لمدة عامين.

في ذلك التصريح وصف من المتهم بأنه «من منحرفي الفكر وفاسدي العقيدة بالدخول على أحد المواقع الالكترونية، وتدوينه عبارات بلغت حدّاً من القذارة الخُلقية والانحطاط يعف اللسان عن ذكرها، تتناول القذف في أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وتنال من مكانتها وقدرها المُشرفين، وفور العلم بالواقعة فقد صدرت الأوامر بسرعة بذل كافة الجهود الممكنة وتكثيف أعمال البحث والتحري لسرعة الوصول للمتهم الحقيقي كاتب تلك العبارات، وقد أسفرت جهود البحث عن التوصل إليه حيث تبين أنه شاب في التاسعة عشرة من عمره».

إن صح ذلك الاتهام فنحن معكم في إجرائكم وتحرككم، فنحن من دعاة الالتزام بالأخلاق الإسلامية الفاضلة، ولم نخلق لنكون سبّابين أو شتامين.

إذا كتب شاب مراهق على مواقع التواصل الاجتماعية، استوجب منكم التحرك السريع والعاجل للبحث والقبض عليه خوفاً على الأمة من الفتنة، فأينكم ممن يقذفون ويخونون نصف أبناء هذا الوطن، وأكثر ويفسقونهم في كل مكان، ويخرجونهم من الملة، بل يدعونهم لدخول الإسلام.

هناك في هذا البلد من اعتبر أكثر من نصف البحرينيين كفارا وغير مسلمين، ودعاهم لدخول الإسلام، بل قدم عرضاً مالياً ليغريهم بذلك من خلال تحسين وضعهم المالي وإسقاط الديون عنهم.

إلى كل مسئول في الدولة رفع لواء المصالحة، وحفظ نسيج المجتمع وعدم الإساءة للمكون الآخر، والدعوة لإثارة الفتن الطائفية، ما هو إجراؤكم فيما يقال؟ ألم يصل لكم؟ وإن لم يصل لكم فهذه دعوة عامة تقدم لكم لتحريكها قضائياً والحفاظ على النسيج الاجتماعي وخوفاً من الفتنة أيضاً.

إلى المسئولين في الدولة من أعلى مستوياتها إلى أدناها، ألا تعتبرون تلك التغريدة هي الأخرى «بلغت حدّاً من القذارة الخُلقية والانحطاط يعف اللسان عن ذكرها»، أم ان لميزان العدل كفتين غير متساويتين، ولعيون العدل زوايا مختلفة؟

معالي وزير العدل، سعادة النائب العام، ألم تقرأ تلك التغريدات التي تضرب النسيج الاجتماعي بعرض الحائط، وتقذف وتشتم وتخوّن طائفة كبرى في هذا الوطن، بل بلغت لحد التكفير والدعوة لدخول الإسلام.

أجهزتكم سريعة في الكشف عن من يستخدمون المواقع الالكترونية، فهل وصل لمسامعكم قيام جهات في هذا البلد بالتغريد أيضاً والمس بشريحة كبرى في هذا البلد، تشكو من التمييز حتى في الحساب والكتاب، فتحاكم من ينتمي لها بسبب أحاديث وتغريدات بسبب مواقف لهم، فيما يترك من يتعدى عليهم ويكفرهم من دون حسيب أو رقيب؟

ألا تستوجب تلك التغريدة تحركاً من قبل أجهزتكم للكشف عن حقيقة تلك التغريدات التي تعبث في البلاد وتنتهك الحرمات، وتعتدي على طائفة كبرى من الناس بلا مسوغ قانوني أو أخلاقي.

طالبتم في تصريحكم «بإيقاع أقصى عقوبة ممكنة على شاب غرد وسب، وعلى ناشط حقوقي غرد واتهم بالسب ولقيا ذلك، ليكون رادعاً كما تقولون لهما ولغيرهما ممن قد تُسول له نفسه إتيان مثل تلك الأفعال، ولمجابهة تلك التصرفات المنحرفة التي من شأنها المساهمة في إثارة فتنة لا طائل من ورائها، وتكدير صفو المملكة التي تنعم بالتجانس والمودة بين كافة سكانها وأطيافها والذين تجمعهم وشائج دم ونسب وقرابة هي أكبر من أن ينال من لُحمتها الموتورون والمهووسون».

لماذا؟ لماذا لا نجد تحركاً مماثلاً، يحفظ حق جزء كبير من المجتمع ويصون حقوقه من المساس والإهانة؟ ألا تعتقدون بأن تغريدات (ش.د) وغيره الكثير، هي الأخرى تهدف لخلق الفتنة بين مكونات هذا المجتمع، وهو ما يعِدُ لخلق أزمة طائفية في البلد لا تحمد عقباها، ويضرب القيم التي تحدثت عنها، بل يهدف لتعكير ما جاء في تصريحاتكم من «صفو المملكة التي تنعم بالتجانس والمودة بين كافة سكانها وأطيافها والذين تجمعهم وشائج دم ونسب وقرابة».

ألا تعتقد أيضاً بأن ذلك الحديث العلني يأتي في خانة من وصفتهم بـ «الموتورين والمهووسين» الذين يهدفون للنيل من لحمة الوطنية وتماسكها من خلال تكفير فئة كبرى في المجتمع ووصفهم بأبشع الأوصاف، واللعب الدائم على هذا الوتر لضرب تلك اللحمة.

لماذا نجد الملاحقات القضائية لا تطال سوى - وأكره قولها - اطراف محسوبة على فئة معينة؟، ولماذا يحاكم مغردون ويترك آخرون؟

نحتاج الى أن نتلمس على أرض الواقع حيادية العدالة بعيداً عما هو مكتوب على أوراق القانون، وأن يكون لميزان العدالة كفتان متساويتان.

في الختام كلمتي لـ (ش.د)، ديني ومذهبي ليس للبيع، وهو لا يقدر بثمن ودمي فداء له، ولا تهن دينك ومذهبك بحديثك، فهل له ثمن؟ وهل يقوم على شراء ذمم الآخرين؟ وهل دينك دينارك، لذى تعتقد بأنك قادر بمالك على شراء ذمم الآخرين؟

نعم أنا رافضي، لان ديني ومذهبي ليس للبيع، وكما يقول الإمام الشافعي: إن كان رفضا حب آل محمد... فليشهد الثقلان أني رافضي.

http://www.alwasatnews.com/3637/news/read/695992/1.html