مسَلّمات الثورة المضادة "المغلوطة" – هل سنصدقها؟
 

مقدمة
فشل مخططات النظام الخليفي الساقط والفاقد للشرعية والإدارة الأمريكية لاحتواء الثورة والقضاء عليها باستخدام القوة بعد أكثر من عام من انطلاقها حدى بهذه القوى إلى البحث عن أساليب مختلفة أكثر خبثا وأقل كلفة.
الثورة كالقطار المندفع لا يقف في وجهه عائق إلا وأزاحه، فلذلك الطريقة الوحيدة للسيطرة عليه هي التغلغل فيه عبر "غرفة القيادة" من أجل الوصول إلى مقود التحكم وإعادة توجيه القطار من الداخل إلى مسار آخر يقذفه في جرف هاو!
وهذا بالتحديد هو الدور الذي تلعبه قوى الثورة المضادة "الداخلية".

ومن أجل حرف قطار الثورة عن مساره الصحيح – أي إسقاط النظام الخليفي – عمدت قوى الثورة المضادة إلى دس العديد من المسلّمات المغلوطة عن طريق أبواقها – وما أكثرها – والتي تهدف في نهاية المطاف وبشكل مدروس بدقة وعناية شديدة إلى إقناع الشعب المعارض بقبول "الإصلاحيين" من آل خليفة حكاما وملوكا على بعد إقصاء "المتشددين" من السلطة. المكافأة التي وُعدت بها قوى الثورة المضادة هي ملأ الفراغ في السلطة الذي سيتركه إقصاء "المتشددين" من آل خليفة.
من منطلق مسؤوليتنا كمركز سياسي ثوري يتبنى خيار الشعب ويعرف الكثير عن ما يجري وراء الكواليس بين قوى الثورة المضادة والإدارة الأمريكية، سنقوم بإصدار سلسلة مقالات تفضح المسلّمات المغلوطة التي تم دسها وتكشف حقيقتها وأهدافها.

حوار سلمان بن حمد: هل فشل حقا بسبب دخول درع الجزيرة؟
الانطباع العام أن الحوار بين ولي عهد آل خليفة سلمان وقوى المعارضة الرسمية كان على وشك النجاح ولذلك أقدمت السعودية على إرسال قوات درع الجزيرة لإفشال هذا الحوار.
ولكن نعتقد أن الحوار فشل عمليا بعد أن تمكن الشباب من حشد عدد هائل فاق جميع التوقعات في مسيرتي الديوان والصافرية ويعزز اعتقادنا موقف الجمعيات السياسية من تلك المسيرتين والضغوط الهائلة التي مارستها الجمعيات على الأستاذين المشيمع وعبد الوهاب والشيخ محمد حبيب المقداد بل حتى أن جريدة الوسط أطلقت خبرا كاذبا يدعي تنازل الشباب عن المسيرتين!

العدد الهائل المشارك في المسيرتين لم يترك مجالا للشك بأن الجماهير المعارضة بشكل عام والشبابية بشكل خاص مستقلة في اتخاذ قراراتها وأن الجمعيات السياسية لم تعد تتمتع بالشعبية التي كانت تحظى بها قبل 14 فبراير مما يعني أن الغالبية الساحقة من الجماهير لن تلتزم بنتائج الحوار حتى لو اكتمل.

دخول قوات درع الجزيرة: هل تم حقا بضوء أخضر أمريكي؟
الإشارة إلى "الضوء الأخضر" توحي بأن القرار اتخذ في الرياض وأن واشنطن وافقت عليه. نعتقد أنه لو كان القرار حقا بيد الرياض لدخلت قوات درع الجزيرة البحرين في يوم الخامس عشر من فبراير وليس مارس. نعتقد أن احتلال البحرين من قبل هذه القوات جاء بأمر مباشر من الإدارة الأمريكية وذلك بعد أن أفشلت مسيرتي الصافرية والديوان الحوار الذي اجتهد فليتمان كثيرا لإنجاحه فجاء الاحتلال السعودي كعقاب للشعب البحريني.

صراع الأجنحة في العائلة الخليفية: هل حقا هناك أجنحة مختلفة ومتصارعة؟
نعتقد بأن هذه الفكرة هي أخطر الأفكار التي تمكنت قوى الثورة المضادة من جعل الكثير يصدقها ليس في الداخل فحسب بل وفي الخارج أيضا. أولا الخليفيون كلهم أدوات تأتمر وتنتهي بالأوامر الأمريكية حرفيا ولا يملكون الصلاحية بأن يقرروا بأنفسهم حتى المناصب التي يشغلونها. ألم تقم الإدارة الأمريكية بتصفية الأمير السابق عيسى بن سلمان (البتري) ليس لأنه خالف الأوامر ولكن بمجرد انتهاء صلاحيته؟ ألم يتنحى حسنى مبارك طواعية عن سدة الحكم عندما أمرته هيلاري كلينتون بذلك؟ ألم يتنحى الرئيس اليمني عن السلطة طواعية بحسب المبادرة الخليجية "الأمريكية"؟ والامثلة كثيرة لا تحصى.
ثانيا هذا الطرح وإن كان يحمّل "جناح الخوالد ورئيس الوزراء" كامل المسئولية في الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت في حق الشعب، إلاّ أنه يبرئ العائلة الخليفية بشكل عام وحمد وابنه سلمان بشكل خاص (نصور "المعجزة" حالة خاصة سنتطرق إليها إذا اقتضت الحاجة). تبرئة حمد وسلمان من الانتهاكات هو بمثابة صمام أمان لبقاء العائلة الخليفية في الحكم.

استهداف الشيخ عيسى قاسم: هل هو تهديد جدّي حقا؟
يعتقد الكثير أن اعتقال نبيل رجب جاء مقدمة لـ "ضربة أمنية" ستطال القيادات في المعارضة بمن فيهم الشيخ عيسى قاسم وقد "سرّب" موقع مرآة البحرين الكثير من الأخبار بهذا الخصوص من مصادره "الخاصة". ولكن بعد إعادة النظر نعتقد أن هذه التهديدات ليست جدّية على الإطلاق ليس لأن النظام يخاف من رد فعل الشارع أو المجتمع الدولي (ألم يعتقل النظام الشيخ الجمري رحمه الله بل وتم تعذيبه بشكل وحشي أيضا). السقف السياسي المنخفض جدا الذي يلتزم به الشيخ عيسى قاسم هو في رأينا يشكل صمام أمان لبقاء العائلة الخليفية في الحكم من جهة، ومن جهة أخرى يساهم طرح الشيخ عيسى قاسم السياسي بشكل كبير في كبح القوى الشبابية الساعية لاقتلاع النظام الخليفي من جذوره.
إذا في ظل الوازن السياسي الحالي ليس من صالح النظام استهداف الشيخ عيسى قاسم والتهديدات التي يطلقها النظام تساهم في تعزيز طرح الشيخ عيسى السياسي بشكل غير مباشر عن طريق استفزاز مشاعر الجماهير واستنهاضها للدفاع عن الشيخ.