منتدى استراحات زايد

منتدى استراحات زايد (http://vb.ma7room.com/)
-   منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية (http://vb.ma7room.com/f183.html)
-   -   لا تبخسو (http://vb.ma7room.com/t690507.html)

محروم.كوم 11-29-2011 06:20 PM

لا تبخسو
 
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى مخبراً عن قول نبيه شعيب عليه السلام: (وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ) (هود: من الآية85)، المعنى إلى هنا مكتمل، فلقد نهاهم النبي الكريم عليه السلام عن التطفيف في المكيال والميزان، وهو داء انتشر في ذلك المجتمع، ولكنه عليه السلام لم يقف على أمر الكيل فقط فالتطفيف أعم وأشمل من مجرد انتقاص الناس أقواتهم، إنه داء قد يوجد في كل جوانب الحياة، ولذا عم بعد تخصيص فقال: (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ) (هود: من الآية85)، لا تبخسوا من يستحق الاحترام ما يليق به، لا تبخسوا من يستحق منصباً ما يجب له، عند الحكم عليه، أو عند تقييم جهوده، أو عند ذكر مناقبه وتجاربه، لا تبخسوا الناس أشياءهم معنية كانت أو حسية.

إن العدل من أجَلِّ قيم الدين، فما تُعرف عقيدة جعلت العدل من صلب قضاياها كما عرفت به عقيدة الإسلام، فقد أمر به مع الجميع مع العدو والصديق، (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا) (المائدة: من الآية8)، (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا) (المائدة: من الآية2)، أمر بالعدل مع القريب والغريب؛ أمر بالعدل بين الأولاد والزوجات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) (النساء: من الآية135)، أمر بالعدل في القول، (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى) (الأنعام: من الآية152)، بل أمر بالعدل في جميع الشؤون، وجمع ذلك كله قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ) (النحل: من الآية90).

إن الحياة الإنسانية إذ فقدت قيمة العدل، تحولت إلى غابة يأكل قويها ضعيفها، ويعتدي كبيرها على صغيرها، وإن الظلم إن انتشر انتشر معه الحقد، والحسد، والكره، وتفكك ذلك المجتمع الذي غرق في بحر الظلم، فلم يعد رابطٌ يربط أهله أو يستطيع ، ولم يعد بالإمكان جبر ما هشمه الظلم، وقضى عليه الحقد من تلك الوشائج بين أفراده.

إن كثيراً من الناس قد يسهل عليه الالتزام بكثير من قيم الدين، ولكن يعسر عليه أن يتمثل قيمة العدل في كثير من جوانب حياته، وإني أذكر في هذا المقام سؤال قدم للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله من بعض الخيرين، ذكروا فيه أحد المصلحين، وربما كانوا مختلفين مع ذلك المصلح، وربما لم يكونوا يرونه مصلحاً، وكان فحوى السؤال للشيخ ابن باز يحمل منهم جواباً بين ثناه، والقصد منه استنطاق سماحة الشيخ بما أوحي له من جواب في صيغة ذلك السؤال، وفحوى السؤال: هل فلان –أحد المصلحين- يصح وصفه بالمجدد، وانتظر السائل عبارات التجريح والسلب لذلك المصلح من سماحة الشيخ، فقد كانوا نظراً لصياغتهم السؤال لا يشكون في ميل الشيخ إلى مثل رأيهم فيه.

فقال الشيخ بعدله وإنصافه وعلميته المعهودة: إن التجديد نوعان، تجديد كلي مثل الذي وقع من الصحابة وبعض سلف الأمة والأئمة الهداة كشيخ الإسلام ابن تيمية، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وقد يكون التجديد، جزئياً كأن يقوم أحد العلماء بتجديد جانب من جوانب الدين، وإحياءه بعد اندثاره في حياة الناس.
فكان جواباً موفقاً ليس لأن فيه ذبّاً عن عرض ذلك العالم، بل لأنه أحيى ميزان العدل في نفس السائل أو هكذا ينبغي أن يكون.


الساعة الآن 10:25 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227