منتدى استراحات زايد

منتدى استراحات زايد (http://vb.ma7room.com/)
-   منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية (http://vb.ma7room.com/f183.html)
-   -   الخشية من الله (http://vb.ma7room.com/t576676.html)

محروم.كوم 09-02-2011 03:00 AM

الخشية من الله
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ

معاشر القراء : " لما طعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ و قربت وفاته ، و كان دمه يسيل و قد جاءوه بلبن يشربه ، فخرج اللبن مع الدم الذي يسيل منه ، و لما سقط على الأرض من أثر الطعنة ، جاءه ابنه عبد الله بحجر وضعه تحت رأسه يسنده به ، فلما أفاق عمر ـ رضي الله عنه ـ و وجد تحت رأسه حجرا قال لابنه : ويلك .. ضع خدي على الأرض لا أم لك ، وويلي و يلي إن لم يرحمني ربي .. ضع رأسي على الأرض و اجعل خدي على التراب فلعل الله ينظر إلي و أنا في هذه الذلة فيغفر لي ، فقال له ابن عباس : * ما هذا الخوف يا أمير المؤمنين و قد فتح الله بك الفتوح و مصر بك الأمصار و فعل بك و فعل ؟؟ ، فقال عمر : وددت أن أنجو لا لي و لا علي …، فقالوا له : يا أمير المؤمنين إن الله قد أعد لك من الثواب ما تعجز عن وصفه الألسن و لا تدركه العقول ، فلقد فتحت البلاد و مصرت الأمصار و انتشر الإسلام على يديك ؟ ، فقال لهم : إن المغرور من غررتموه ، خذوا فتوحاتي كلها و خذوا أعمالي كلها ، و أعطوني ليلة من ليالي أبي بكر و يوما من أيامه ؟ ، فقالوا له : و ما تلك الليلة و ما هذا اليوم ؟ ، فقال لهم : أما الليلة .. إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا … و أما اليوم .. يوم الردة ، يوم أن وقف في وجه المرتدين ، ثم يبكي عمر و يقول : يا ليتني شعرة في صدر أبي بكر ، يا ليتني شعرة في صدر أبي بكر ..، ليت أمي لم تلدني ، ليتني لم أك شيئا ؟؟؟؟ " .
فما الذي أبكى الفاروق ؟؟ إنها الخشية من الله .
و الخشية هي خوف يشوبه تعظيم المخوف ، قال سعيد بن جبير : " الخشية هي التي تحول بينك و بين معصية الله " .
و قال أحد الصالحين : " ما فارق الخوف قلبا إلا خرب " .
و قال الفضيل بن عياض : " من خاف الله عز وجل دله الخوف على كل خير و أبعده عن كل شر " .
و قال يحي بن معاذ : " مسكين ابن آدم لو خاف النار كما يخاف الفقر دخل الجنة " .
و لهذا لما سئل ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن الخائفين من الله قال : " قلوبهم بالخوف فرحة و أعينهم باكية ، يقولون : كيف نفرح و الموت وراءنا ، و القبر أمامنا و القيامة موعدنا ، و على جهنم طريقنا و بين يدي الله موقفنا " .
معاشر القراء : و هناك فرق جلي بين الخوف و الخشية ، فالخوف هو خشية سببها ذل الخاشي ، و الخشية خوف سببه عظمة المخشي ، و لذلك كان العلماء بالله أكثر خشية لأنهم عرفوا عظمة الله فخافوه لا لذل بل لعظمة جانب الله .
معاشر القراء : لا تعتقدوا أبدا أن الخشية من صفات البشر فحسب و إنما هي صفة كثير من المخلوقات :
أولا : الخشية من الله من صفات الملائكة :
قال الله تعالى : (( يعلم ما بين أيديهم و مـا خـلـفـهـم و لا يشفعون إلا لمن ارتضى و هم من خشيته مشفقون )) الأنبياء 28 .
و قد روي أن النبي و جبريل ـ عليهما السلام ـ بكيا خوفا من الله تعالى ، فأوحى الله إليهما : (( لـم تبكيان و قد أمنتكما ؟ )) فقالا : (( و من يأمن مكرك )) .
و في ليلة الإسراء و المعراج سأل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ جبريل ـ عليه السلام ـ : (( ما لي أرى ميكائيل لا يضحك ؟ )) ، فقال : (( ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار )) .
هذا هو حال الملائكة الذين أخبر الله عنهم أنهم يسبحون الليل و النهار و لا يفترون ، بعضهم قائم و بعضهم ساجد و بعضهم راكع ، فإذا قامت القيامة قالوا كلهم بلسان واحد : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك .
ثانيا : الخشية من الله من صفات الأنبياء :
قال الله تعالى : (( الذين يبلغون رسالات الله و يخشونه و لا يخشون أحدا إلا الله و كفى بالله حسيبا )) الأحزاب 39 .
و يقول الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ : (( و الله إني لأخشاكم لله و أتقاكم له )) البخاري .
و يقول أيضا : (( أنا أخوفكم لله )) البخاري ، و يقول : (( اللهم ارزقني عينين هطالتين تشفيان القلب بذروف الدمع قبل أن تصير الدموع دما )) الطبراني .
و عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : (( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا )) .
ثالثا : الخشية من صفات المؤمنين :
قال الله تعالى : (( إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون ، و الذين هم بآيات ربهم يؤمنون ، و الذين هم بربهم لا يشركون ، و الذين يؤتون ما آتوا و قلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ، أولئك يسارعون في الخيرات و هم لها سابقون )) المؤمنون 57 -61 .
و قال تعالى : (( إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ، جزاؤهم عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ، رضي الله عنهم و رضوا عنه ، ذلك لمن خشي ربه )) البينة .
و قال الله تعالى : (( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم )) الزمر 23 .
و قال تعالى : (( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم و إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا و على ربهم يتوكلون ..)) .
و في الحديث : (( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، من هؤلاء السبعة : و رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ..)) .
و يقول الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ مفتخرا بخشيته من الله دون سواه :
أنا إن عشت لست أعدم قوتا **** و إن مت لست أعدم قبـرا
همتي همة الملوك و نفســي **** نفس حر ترى المذلة كفرا
معاشر القراء : و السؤال الذي يطرح نفسه : ما هي أسباب الخشية من الله ؟
1-العلم بالله : أهل الخشية هم أهل العلم الحقيقي النافع الموصل إلى سعادتي الدارين ، قال الله تعالى : (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) ، و مما ورد في هذه الآية : إنما : كلمة تحقيق تجري من وجه مجرى التحديد ، أي التخصيص و القصر ، فمن فقد العلم بالله فلا خشية له من الله .
يقول أبو بكر الوراق : * من صحت معرفته بالله ظهرت عليه الهيبة و الخشية * ، و لقد كان الرسول الكريم أعلم الناس بربه و لذلك كان أخشى الناس لجلاله فقال : (( ... إني لأعلمهم بالله و أشدهم له خشية و قال : (( أما و الله إني لأخشاكم لله و أتقاكم له )) ، و كان من دعائه : (( اللهم أقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا و بين معاصيك ..)) .
2-ذكر الذنوب الكثيرة : و التي من أخطارها أنها سبب الحرمان من العلم ، لأن العلم نور يقذفه الله في القلب و المعصية تطفىء ذلك النور ، قال نوح لقومه لما عصوه : (( و لكني أراكم قوما تجهلون )) ، و قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ (إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه )) و قال الشافعي :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي **** فأرشدني إلى ترك المعاصـــي
و أخبرني أن علم الله نـــــــور **** و نور الله لا يهدى إلى عاص
3- ذكر شدة العقوبة بين يدي الله : قال الله تعالى : (( فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى )) ، (( كلا إنها لظى نزاعة للشوى ..)) ، (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم مصيبة أو يصيبهم عذاب شديد )) ، (( إن بطش ربك لشديد )) ، ..إلخ .
4- تذكر الموت و سكراته و القبر و عذابه أو نعيمه : و القيامة و أهوالها ، و الموقف و كربته ، و الصراط و زلته ، و النهاية إما إلى الجنة أو النار ، و تعجبني حكمة أبي الدرداء إذ يقول : ** أضحكني ثلاثة و أبكاني ثلاثة : أضحكني مؤمل دنيا و الموت يطلبه ، و غافل ليس بمغفول عنه ، و ضاحك ملء فيه و هو لا يدري أراض عنه ربه أم غضبان عليه ، و أبكاني : هول المطلع ، و انقطاع العمل ، و موقف بين يدي الله لا أدري أيذهب بي إلى الجنة أم النار )) .
نماذج عن الخشية :
أبو بكر الصديق خليفة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثاني اثنين و أحد المبشرين بالجنة ، الذي لو وزن إيمانه بإيمان الأمة لرجح إيمانه ، و مع كل هذا يرى ذات يوم طيرا يطير فيقول : " طوبى لك يا طير و الله لوددت أني كنت مثلك تقع على الشجر و تأكل من الثمر ، ثم تطير و ليس عليك حساب و لا عقاب " .
عمر بن الخطاب اشتهر بأن كان في وجهه خطان أسودان من كثرة الدموع ، و كان يقول: " ليتني لم أخلق ، ليتني لم أكن شيئا مذكورا ، ليت أمي لم تلدني ؟؟"
عثمان بن عفان كان يقول : " وددت أني إذا مت لم أبعث "
عائشة كانت تقول : " وددت أني كنت نسيا منسيا "
عمر بن عبد العزيز كان يبكي و عندما قيل له لماذا تبكي ؟ قال : " ذكرت منصرف القوم بين يدي الله فريق في الجنة و فريق في السعير " ، ثم سقط مغشيا عليه .
و كان ابن السماك يعاتب نفسه و يقول : " تقولين قول الزاهدين ، و تعملين عمل المنافقين ، و مع ذلك الجنة تطلبين ، هيهات هيهات للجنة قوم آخرين ، لهم أعمال غير ما أنت تعملين " .
للحديث بقية إن شاء الله .




الساعة الآن 08:49 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227