منتدى استراحات زايد - مدافع دبي تحفظ الذاكرة الشعبية

http://www.suae.net/newsm/309.jpg

يبدأ محيط حديقة الصفا بالتململ قبل حوالي نصف ساعة من حلول موعد الإفطار. تتهافت السيارات لحجز مقاعد مميزة قرب مسرح الحدث. تكل خطوات الرياضيين فوق مضمار الجري حول خاصرة الحديقة. يتخذ بعض الأطفال من موقف السيارات المحاذي فسحة للركض واللعب، فيما يقبع أقرانهم ممن أنهكهم الصوم في السيارات شاكين بطء الدقائق الأخيرة قبل ظهور مدفع رمضان، نجم العرض اليومي في الحديقة.

ويطل المدفع بحلته العسكرية من على ظهر قاطرة تجرها مركبة تابعة لشرطة دبي يقودها ثلاثة أفراد وتبدأ بإفراغ حمولتها من الذخيرة داخل سور حديدي وضع في موقف السيارات، ثم تبدأ إجراءات تثبيت المدفع وتوجيه فوهته صوب النقطة التي تغرب من عندها الشمس، وسط فضولية بعض الأجانب الذين يتساءلون عن المدفع الرمضاني ومعنى وجوده، ومحاولات الأطفال التحرش بالمدفع وابتكار حيل للاقتراب منه. منذ ستينيات القرن الماضي، تبنت دبي إعلان حلول موعد الإفطار عبر دوي مدفع رمضان الذي يعتبر أحد أهم سمات الشهر المبارك التي كانت منتشرة في معظم البلدان العربية والإسلامية، وأكثرها ارتباطاً بالذاكرة الجمعية والشعبية.

وعلى الرغم من افتقاد المدينة لمكان ثابت لمدفع رمضان، إلا أن ذلك لم يمنع السكان من المواطنين والوافدين من بناء ذاكرة خاصة مع المدفع المتحرك، حيث ينتصب المدفع يومياً في المكان الذي تختاره القيادة العامة لشرطة دبي قبل غروب الشمس بحوالي 20 دقيقة، ويبقى في مكانه لـ25 دقيقة بعد حلول موعد الإفطار، بحراسة عناصر الشرطة الموكلة إليهم أمر تلقيم المدفع وإطلاق الذخيرة.

يقول النقيب عبدالله مبارك بن مصبح، رئيس قسم الأسلحة والذخائر في الإدارة العامة للخدمات والتجهيزات أن دبي تحوي 6 مدافع إفطار، يتوزع أربعة منها بين ديرة (مصلى ديرة ومنطقة الراس) وبر دبي (مصلى العيد وحديقة الصفا)، بينما تحتفظ باثنين آخرين كمدفعي احتياط في حال تعطل واحد من المدافع الرئيسية. ويوضح ابن مصبح أن المدافع الأولى التي استخدمت في دبي خلال شهر رمضان كانت فرنسية الصنع. أما المدافع المستخدمة حالياً، فقد تم اعتمادها منذ بداية السبعينيات، وهي بريطانية الصنع من نوع PDR MK1L Conons .52 وتستورد دبي الذخائر الصوتية من أحد المصانع المتخصصة في مدينة جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا، وتبلغ كلفة الطلقة الواحدة حوالي 800 درهم.

وتخضع المدافع خلال فترة الخدمة في رمضان إلى عملية تنظيف يومية. فإضافة إلى تنظيف الهيكل الخارجي للمدفع من البارود، يتم تشحيم الأسطوانة الداخلية للمدفع بوقود (الديزل) فور عودته من أداء مهمته، كما ينظف المدفع مرة أخرى من الغبار قبل إخراجه من المركز لتنفيذ عملية الإطلاق. وتتم هذه العملية بأمر من صاحب الســــمو الشـــيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي يوجَّه يومياً إلى القيادة العامة، والتي بدورها تصدر أمر الإطلاق إلى عناصر الشرطة الموزعة على مواقع المدافع الأربعة.

قبيل إطلاق الذخيرة الصوتية بدقائق، يتجمَّع الجمهور الرمضاني في محيط المدفع محافظين على المسافة الآمنة التي تفصلهم عنه، وذلك استجابة لتوجيهات عناصر الشرطة، ليومض بعد لحظات شرار برتقالي من فوهة المدفع يرافقه دوي هائل، ثم يعلو التصفيق لبرهة، يقفر بعدها المكان إلا من غيوم دخانية بيضاء تسرح في فضاء حديقة الصفا.

( الإتحاد )