منتدى استراحات زايد

منتدى استراحات زايد (http://vb.ma7room.com/)
-   منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية (http://vb.ma7room.com/f183.html)
-   -   اجماع الخمرة (http://vb.ma7room.com/t364639.html)

محروم.كوم 03-24-2010 09:30 PM

اجماع الخمرة
 
أعمدة
إجماع الخمرة
علي أحمد الديري
http://bahrainonline.no-ip.org/./ima...hor100crop.jpg
«السياسيون أجهل الناس بما يتولون من أمر، وأن عظماءهم قوم يسايرون الحوادث ويحسبون أنهم يُسيُّرونها، ويخضعون للعامة ويحسبون أنهم الأعلون»[1] (قيافا) حكيم بني إسرائيل ومفتيها في رواية قرية ظالمة.
حين يُجمع السياسيون باسم الشرع على قضية ما، هي أصلاً خلافية، فلابد من الشك، والبحث عن حقيقة ضائعة. قد تختلف الموضوعات (حظر الخمر، صلب المسيح، سحل هيباتيا)، لكن لا يختلف الأمر بالنسبة إلى الحقيقة الضائعة وسط زحام الإجماع، سواء كان هذا الإجماع على قتل أو منع أو تحريم أو تجريم.
أعادني إجماع مجلس النواب وشبه إجماع الناس الذين اختاروا هؤلاء النواب ممثلين عن ضميرهم، إلى رواية «قرية ظالمة» مرة أخرى[2]، هناك في القرية الظالمة حصل إجماع على أن السيد المسيح خالف شريعة بني إسرائيل ويجب صلبه، والأصوات الفردية التي استيقظ ضميرها الخاص وراحت تفكر في ظلمها الذي ستتحمله، لم تستطع أن تُسمع الآخرين صوت ضميرها، فصوت الضجيج الذي كان يردد كلمة الرب ويحتجُّ باسمه أعلى من صوت الضمير الذي كان يشكك في ما أجمع عليه هذا الضجيج.
كان ضجيج قاعة النواب وهم يسايرون الحوادث ويحسبون أنهم يُسيُّرونها، يزبد بجمل كأنها تنطق عن الله «المسألة مؤصلة في كتاب الله ولا داعي لطرح الموضوع أساساً»، «سيكونون مسؤولين أمام الله»، «لا يمكن السكوت عن المنكرات ومخالفة شرع الله»، «لا نريد استفتاء على شرع الله»[3].
كان ضجيج النواب وهم يسوقون مسلماتهم وبدهياتهم لإقرار قانون حظر بيع وتداول الخمور، يكرر حجج بني إسرائيل حين أرادوا تبرير صلبهم للمسيح، كلها حجج دينية حرفيّة، الحجج الدينية لا تصلح وحدها للتشريع للدولة، فالعقل الفقهي الذي يُشرِّع للفرد لا يصلح أن يكون هو نفسه الذي يُشرَّع للدولة، فالدولة مجال عام لا خاص، عام لجميع المختلفين في المعاصي والطاعات والديانات والطوائف ومرتكبي الصغائر والكبائر.
جزء كبير من الجدل الذي مازال يجري في إيران منذ قيام الثورة وحتى اليوم يدور حول محاولة جعل الدولة تتوافق تماماً مع «الفقه»، وهذا ما عبّر عنه رجل الدولة والدين عطاء الله مهاجراني في مقالته أمس بمناسبة عيد النيروز في صيغة تساؤل سمّاه التساؤل الملح: هل ينبغي أن تتوافق جميع التقاليد الثقافية والاجتماعية مع الفقه؟ بمعنى إذا لم نجد مبرراً في الفقه لمهرجانات مثل مهرجان النار، فهل يصبح لزاماً علينا رفضها؟[4].
مع الأسف أن الساحة المحلية هنا في البحرين، قد خنقت تساؤلات بوادر حركة الإصلاح الديني، وأعانها على ذلك الاختناقات السياسية والمساومات على الملفات الحساسة، وأصبح هناك إجماع داخل الجماعات الدينية أدى إلى موت الضمير الفردي والعقل الفردي، فكثرت المسلمات والثوابت والشعارات والشعائر.
يقول «قيافا» الفقيه والحكيم والفيلسوف ملخصاً حكمته الفردية التي لم يستطع أن ينطق بها إلا إلى ضميره الخاص وعقله الفردي «إن بين أمر الله وأمر السياسة ما بين الأخلاق والحياة، تنافراً وتباعدًا واختلافاً، ليس أصلها التناقض وإنما مرجعها إلى صعوبة ترجمة أوامر الله إلى أعمال السياسة كما تصعب ترجمة مبادئ الأخلاق إلى أعمال الحياة»[5].
وما يفعله نواب أوامر الله هو أنهم يزيدون حياتنا صعوبة بسبب إصرارهم على هذه الترجمة المستحيلة في الحياة، وأقول مستحيلة لأنك حتى لو نجحت في تطبيقها بقانون القوة أو بقوة القانون المستمد من الجماعة في لحظة شحنها وتصلبها، فإنك ستفاقم من تناقضات الحياة وتناقضات الجماعة، وستزيد التناقضات الجماعية والفردية وفي هذه التناقضات انحطاط الأخلاق. فالمنع العام يخلق سوق سوداء في الاقتصاد وسوق مزايدات في الأخلاق وبضائع كذب ونفاق يروجها سياسيون يسايرون وهم يحسبون أنهم يُسيّرون.
إن خطاب رئيس كتلة الوفاق النائب علي سلمان يضعنا على محك هذه الصعوبة حين يبرر دفاعه المستميت عن قانون المنع «دستورنا وجميع وثائقنا تشير إلى أننا بلد مسلم عربي له تاريخه الطويل الذي ينتمي للإسلام، ولكن في كثير من تطبيقاتنا هناك مخالفات كثيرة تناقض ما جاء في الدستور والمواثيق وممارسة المحرمات ومن ضمنها الخمر يتناقض مع هذه الركائز»[6].
ولنا تاريخنا الطويل في التعدد والتسامح والتنوع والحرية الفردية في اختيار ما يتعلق بنمط الحياة الشخصية، وهو تاريخ لا يتعارض مع الانتماء إلى الإسلام، فالإسلام قابل للتأويل مع الزمان والمكان وأشكال تنظيم السلطة والدولة غير قابلة للتأويل، الدولة نص والإسلام تأويل، من هنا حيويته وتعدد تمثيله وأشكال تجسّداته.
حيوية الانتماء إلى الإسلام تكتسب فاعليتها من التنوع في طبيعة هذا الانتماء، وتفقد هذه الفاعلية حيويتها بمجرد حكر هذا الانتماء في نمط تدين الجماعات الدينية المسيّسة. مهمة الدستور أن يكفل الحرية الشخصية للفرد في المجال العام، والحريات الفردية جزء أصيل لا يجوز الانتقاص منه بحجج تجعل أعمال الحياة صعبة، أعمال الحياة التي تضج اليوم بطوائف من ديانات مختلفة وعمّال من جنسيات مختلفة واقتصاد من موارد متعددة. لندع هذا الانتماء حياً ليكون جامعا لاختلافاتنا في أشكال تمثيل الإسلام.
أنا لست مع هذا القانون، لأني أريد أن يبقى المجال العام ساحة للحرية الشخصية الفردية التي يقرر فيها الناس خياراتهم من غير وصاية، ومن غير صعوبة، ولأني أريد لنص لدولة أن يُوسّع المجال العام للحريات الفردية.
إن ماء الذهب الذي يريد أحد النواب أن يكتب فيه مداخلات النواب في جلسة حظر الخمور ويتركه صدقة جارية، ليته يكتب إلى جانبه بماء الخمرة مداخلاتهم في الدفاع عن غاسلي الأموال ومديري اللعب بالتركيب الديمغرافي للبحرين. وليته يكتب إلى جانبه بماء المسكرات مداخلاتهم في إجهاض الملفات الوطنية


الساعة الآن 01:02 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227