ما هو السبيل لترسيخ مبدأ المواطنة و تحقيق الدولة الحديثة ؟
كيف ستنتصر الديمقراطية على الأتوقراطية؟

من خلال إصلاح التعليم الديني ..
كيف ؟
من خلال تدريس السوسيولوجيا الدينية وعلم النفس والالسنية وتاريخ الاديان المقارن ... بدلا من تدريس الدين او المذهب او الفكر الواحد بطريقة سمعنا و اطعنا ..و ستكون حينها المؤسسة تعليمية بمعنى الكلمة مؤسسة تعليمية و لن تلعب الدور التبشيري الذي تلعبه المؤسسة الدينية كالمسجد و المأتم ..
و ما الذي سيتغير ؟

ستكون كل الأفكار الدينية و اللادينية على مسرح العقل للتحليل العقلاني .. السوسيولوجي النفسي.. التاريخي .. اللغوي أو الانتروبولوجي .. الفلسفي .. و حينها سيؤمن العقل بالحقيقة النسبية التي تخلصه من التعصب الديني الذي يجعله يؤمن بإمتلاكة للحقيقة المطلقة و التي تجعله في احيانا كثيره انسان متطرف .. يرفض الآخر .. يرفض الحداثة .. و يرفض كل ما يخالف هذه الحقيقة المطلقة .. سواء عن طريق العنصرية او الطائفيه او الارهاب الذي يمارسه ضد الآخر بإسم الإسلام مثلا ..
سيتخلص عقل الإنسان من الجمود و من البدائية التي تزرعها الحقيقة المطلقة في عقله .. سيتخلص من الإيمان الاعمى .. سيتحرر عقله و سيتخلص من اي وصاية سلبيه عليه .. دينيه او سياسيه او فكرية ..سيفكر و سيبحث عن الأفضل و الأكثر فائدة .. سيؤمن بضرورة التطوير و التجديد .. سيبحث و يفكر بعقلانية و بمنطقية .. بالبرهان ..سيعي قيمة انسانيته و عقله و حياته ..

هل سمعتم عن عالم رياضيات او فيزياء قتل عالم آخر بسبب اختلافهما حول نظرية علمية معينة ؟ هل سمعتم بإن هناك جماعة خرجت لكي تستشهد او تقتل جماعه اخرى للدفاع عن نظرية رياضية يؤمنون بها ؟ هل سمعتم عن عالم فيزياء يقوم بمصادرة حق عالم او جماعة اخرى تختلف معه حول نظرية يؤمن بها هو فقط ؟
بالطبع لا .. لان الرياضيات و الفيزياء و الكيمياء و الخ .. عبارة عن حقيقة نسبية .. قابلة للتحليل و التطوير و الإختلاف و النقاش البرهاني .. و لا تقوم بغرس التعصب و التطرف و التخلف و البدائية ..

ما ينقص الكثير من مشايخ الإسلام هو تعلم العلوم الإنسانية التي ذكرتها في بداية الموضوع .. لكي يتخلصوا من التعصب و البدائية و العنصرية و الطائفية ..
لذلك اعتبر التعليم الديني في مدارسنا و جامعاتنا و الخ .. جريمة في حق اوطاننا و حياتنا و مستقبلنا .. لأن هذا التعليم يقوم بغسل عقل الإنسان بأفكار بدائية كانت منطقية في زمن ظهورها و لم تعد كذلك في عصر الحداثة و حقوق الإنسان و التفكير الحر ..

آخر قطرة ..
ما هو السبيل لتحقيق هذه الرؤية ؟

ليس بالقمع الاعمى بل بالتوعية و بالتقنين المتدرج مع مستوى وعي الشعب ..
يجب ان تعمل النخب الواعية في مجتمعاتنا على توعية المجتمع على مدى اهمية اصلاح التعليم الديني ..
بحيث يتحول إصلاح التعليم الديني مطلب رئيسي من مطالب الشعب ..
.. فالنهضة الاوربية قامت من خلال النخب الواعية المحبة للحياة .. المحبة للفكر و الادب و الفن ..
لنستغل مختلف القنوات و المنابر الإعلامية ..
لنقم بدراسة و تقييم تجربة الدول التي سبقتنا في اصلاح التعليم الديني .. مثل تونس ..و وضع رؤية خاصة تتناسب مع مجتمعنا
فانا لم اعد ارى اي امل في هذه الأجيال ..
لنزرع الامل في اجيالنا القادمة من خلال التعليم التنويري ..