|
عندما بهان المواطن عن طريق القانون على الوتر «222» لميس ضيف من المواد القانونية التي تستغل بشكل مستمر، مجحف وبشع، هي المادة المطاطية رقم 222 من قانون العقوبات التي تقول: ''يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بالغرامة التي لا تتجاوز خمسين ديناراً من أهان بالإشارة أو بالقول أو بالكتابة أو بأية طريقة أخرى موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة أثناء أو بسبب تأدية وظيفته أو خدمته''. بالطبع لا أحد منّا يقبل أن تقع الإهانة على موظف، ولا حتى على المواطن بوصفه مراجعاً.. بيد أن شريحةً من الموظفين العموميين، وما إن يرتدي المرء منهم بزّته الرسمية أو يتموضع في مكتبه، يتحول من فرد عادي إلى صاحب سلطان فيلبس - بشكل تلقائي مبرمج- عباءة شخصية أخرى تتعاطى بفظاظة وعنجهية مع عموم المراجعين.. أولئك الموظفون بالطبع ليسوا بأقلية ولا هم بالأكثرية.. بل هم شريحة تتنمّر على المراجعين، وقد يمتد تنمرهم ذاك لزملائهم الموظفين.. ولأنهم يعلمون أن المواطن في موقف ضعف؛ وأن كلمتهم ستكون هي العليا، إن نشبت أي خصومة؛ تراهم يتعاملون بطريقة أقل ما توصف به أنها استفزازية، واضعين المواطن بين خيارين أحلاهما مرّ: إما المواجهة والخسارة؛ أو تصعير الخد للموظف وابتلاع الحنق واحتساب الرب.. والغالبية تعتصم بالخيار الثاني..!! القلة التي تختار مواجهة رعونة الموظف كثيراً ما ينتهي بها المطاف في أقسام الشرطة بأمر من المادة 222 أعلاه.. والقضايا التي تتعاطى معها الجهات المختصة والمتعلقة بإدعاءات إهانة موظف عام كثيفة ''أكثرها مع رجال المرور والعاملين في المشفيات الحكومية''، كثير من تلك القضايا تنتهي باعتذار المواطن ''حقناً للدماء'' وإن كان المواطن لا يعتقد أنه مذنب؛ والبقية المتبقية تنتهي بمحاكمة المواطن التي لا تهدف بالضرورة لإدانته بقدر ما تهدف للنيل منه و''بهدلته''.. ولكن ليست كل الطيور ذوات لحم يؤكل.. وهو ما يجعل القضية رقم 07200901646 والتي حكم فيها مؤخرا.. جديرة بالتأمل.. في 31 يناير المنصرم حدثت مشادة بين موظف الجوازات ومواطن قادم من دولة خليجية.. خاطب الموظف المواطن بطريقة - وصفها المواطن بالاستفزازية- وسأله من أي دولة أتيت فأجابه المواطن بالأسلوب ذاته قائلاً: من الكويت والجواز بين يديك وتستطيع أن ترى بنفسك..!! رمق الموظف الشاب المواطن الأربعيني شذرا، فما كان من المواطن إلا أن قال له - وفقا لما ورد نصاً في صحيفة الاتهام والحكم- : يالله خلصوني!! فقال له الموظف مهددا: ''انك لن تخرج اليوم من المطار''، بالطبع حينها تعالت نبرة الصوت، وسارع الموظف لاستدعاء الأمن والطاقم المناوب الذي انحاز للزميل بطبيعة الحال؛ وبعد ساعات من حجزه في المطار أخلي سبيل المواطن؛ الذي تحول لمتهم؛ فجر اليوم التالي.. هذه المواقف ليست نادرة الحصول في مواقع العمل؛ ولكنها غالباً ما تنتهي ''بحب الخشوم'' وتنازل المواطن. ولكن شباك هذا الموظف المتنمر استهدف هذه المرة الشخص الخطأ.. فقد تبين أن هذا الرجل الأربعيني هو رجل أعمال معروف!! لم يتحمل الإهانة فأوكل بأربعة محامين مهمة متابعه قضيته؛ فظفر بحكم بالبراءة بعد عدة جلسات؛ لأن عدالة المحكمة قرّرت أن قول المواطن/ المتهم للموظف ''يالله خلصوني بسرعة'' لا تعد إهانة ولا جريمة.. وحكم البراءة ذاك لم يكن النهاية بل البداية.. فرجل الأعمال ينوي مقاضاة من تسبّبوا في بهدلته وإضاعة وقته وماله في قضية بائسة كهذه..!! في ذلك الموقف عبرة لأطراف عدة: للمواطنين الذي نتمنى عليهم أن يتفادوا هذه المواقف ما أمكن، ولكن - إن هي وقعت عليهم أن لا يفقدوا بأسهم ويعرفوا حقوقهم ملياً؛ فلو وجد أمثال هؤلاء من يتصدون لهم -كصاحبنا- بين الفينة والأخرى لما تعاملوا بهذه العنجهية مع المواطنين.. وهو كذلك درس للموظفين الذين يخرجون عن حدود اللياقة ويتنمرون على المراجعين مفادها أن السحر.. قد ينقلب على الساحر أحياناً.. |
| الساعة الآن 12:33 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By
Almuhajir