فلسفة التمرد

التمرد يأتي بعد أن يكون الشعب قد استنفد الصبر على غياب الكرامة، ووجد بأنه لا يحتمل التأخير عن الخروج على الأوضاع المقيدة للحياة الحرة الكريمة والتي أخذت تشتد وتضيق عليه أكثر لتهدده في وجوده وتستهدف عرضه ومقدساته ودمه وماله.

وعندما تكون متمرداً فإنك تضع كل ما تتمرد عليه تحت قدمك كي تنهي حالة الشعور بالإهانة وفقدان الشعور بالإحترام والتقدير الضروريين لتحيا كإنسان يحترم عقله ويتمسك بدينه والذي يمكنه أن يصبر على كل شيء إلا أن يصادر منه عقله ويهان الدين أمام ناظريه.

أنت في تمردك ترفض أن تظلَّ الحالة المتمرد عليها كما كانت فتبقى تعيش الكبت والقهر، أنت في تمردك ما خرجت إلا لتبدأ في انطلاقتك بروح مفعمة بالتحدي والإقدام والصبر والإستقامة حتى تنتهي لبلوغ غايتك؛ غايتك في إنجاز التغيير المنشود.

لقد سئمت من التسويف والترقيع وأيقنت بألا تسويات تنفع أويمكن لها أن تصمد مع العدو التاريخي وأضحى مجرد النقاش بهذا الشأن وإمكانية أن يحصل تلاق وحل وسط بإمكانه أن يقنع بحرانياً واحداً بعوده المياه إلى مجاريها وهو عبث بلا شك يشعرك بالغثيان ولا تصدق أن بين بني جلدتك ممن كان يجلس بالأمس بالقرب منك في الدوار وفي كل بقعة شهدت إراقة دم وهتك عرض وتدمير مسجد وإهانة مؤمن ومؤمنة يحدث نفسه فضلاً عن غيره بهذا الأمر.

وأنت لو كنت تضع في خَلَدِكَ وتحدثك نفسك بوجود أو قبول خط رجعة أو استجابة لما يمكن أن يطرح من أوراق سياسية أو ما يلوح به العدو من عصا أمنية فحاصل هذا أنك لم تفهم فلسفة التمرد ولمَّا يدخل ويتحرك التمرد في وجدانك وعقلك.

ولأنك قد عقدت العزم على التمرد فإنك تدرك أن التمرد يحمل في تطبيقاته العملية مضمون الإستمرارية التي يسبقها توطين النفس على التضحية والإستعداد والعمل على تصعيد الأساليب والتقدم فيها إلى أن يجيء اليوم الذي تشعر فيه بأنك متحررٌ من العبودية لما سوى الله سبحانه وتعالى. إن النفس المؤمنة تتمرد على حبائل التضليل والغواية من الشيطان وجنوده من الجن والإنس لتكون في ساحة القدس الإلهية مستسلمة منقادة لمن يملك ناصيتها، أما أولئك المفتقرون الذين هم من عدم وإلى عدم فليس لك إلا أن تكون في حالة حرب ومقاومة دائمة معهم حتى ينصرك الله عليهم فيأخذهم أخذ عزيز مقتدر.


تحياتي : بحر اللؤلؤ