منتدى استراحات زايد - لا/ لعيد/ الحب ..

][®][^][®][السلام عليكم ورحمة الله وبركاته][®][^][®][

عيد الحــب وعصر العولمـــة"

قال صديقي: ما هذا الذي قرأته لك في مقالك السابق يا صاحبي؟!

قلت: وماذا قرأت؟

قال: أراك تحاول أن تفسر الاحتفال بعيد الحب تفسيرا تآمريا* وكأن كل شيء يدور حولنا مؤامرة* كفانا هذه النظرة التشاؤمية لكل ما حولنا يا صديقي! لماذا ننظر دائما للنصف الفارغ من الكوب؟ ماله عيد الحب؟ أليس مناسبة سعيدة للمتحابين* وتبادل الهدايا بينهم* وفرصة طيبة أيضا للتقريب بين الزوجين والإصلاح بين المتخاصمين؟

قلت: حسنا يا صديقي* هل انتهيت؟

قال: نعم

قلت: وهل نحن في حاجة أن نستورد يوما من الغرب لكي نصلح فيه بين المتخاصمين ونقرب فيه بين المتزوجين؟ إن إسلامنا يا صاحبي جعل حياتنا كلها قائمة على الحب! وتبادل الهدايا فيما بيننا مسلك إسلامي "تهادوا تحابوا"* كما حرم الإسلام الخصام بين اثنين فوق ثلاثة أيام* وجعل أبناءه جسدا واحدا إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر* وعندنا أعيادنا ومناسباتنا الكثيرة.. ألا تكفينا؟

قال: ولكن* ألست معي يا صديقي أن فكرة عيد الحب وغيرها من المناسبات المهمة كعيد الأم مثلا رغم أنها مستوردة من الغرب على حد قولك إلا أنها كانت فكرة ناجحة دفعت الكثير من الناس أن يبروا أمهاتهم في هذا اليوم.

قلت: وهل يكفي يوم في العام كي يبر الناس أمهاتهم*إنني أعرف بعض أصدقائي يجعل يوما كل أسبوع أو ـ على الأكثر ـ كل أسبوعين في حال انشغاله* يزور فيه أمه ويقدم لها هدية ويحكي معها ويدخل عليها السرور* كما يجعل لزوجته يوما في الشهر ويطلق عليه اليوم السعيد يعفيها تماما من عمل البيت ويدعوها للعشاء خارج المنزل ويقضيان معا يوما ممتعا ممتلئا بالدعابة والغزل والشوق والغرام* أليس هذا شيئا جميلا.

قال صديقي: بلى* جميل ورائع.

قلت: لماذا إذن لا نقلد هذا النموذج* أليس أفضل مما جاء به الغرب؟ عندنا يا صاحبي ما يكفينا ويغنينا!

قال صديقي: ولكن يا صاحبي ما المانع أن نأخذ من الغرب أحسن ما عنده ونترك له سيئه؟

قلت: يا سيدي* إن الغرب مفلس في جانب القيم والأخلاق* فاشل في نظام الأسرة والمجتمع* ونحن قد أغنانا الله بقيم وأخلاق ونظام رباني وهدي سماوي يبقى فقط أن نعمل به "أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير"

قال صديقي"منفعلا": اسمح لي أن أسألك سؤالا واحدا!

قلت : تفضل يا صديقي.

قال: هل الإسلام يحرم الحب؟

قلت : كلا، إنه لا يوجد دين كالإسلام يحث أبناءه على الحب* ويربط بينهم برباط الود والعطف

قال صديقي "بارتياح": حسنا* إذا كان هؤلاء يدعون إلى الحب* والإسلام لا يحرم الحب* فلماذا لا نجتمع سويا على إحياء هذا المعنى النبيل الإنساني؟ كفى الإنسانية تفرقا يا عزيزي!

قلت : يبدو أنك لم تفهمني بعد يا صديقي! إنني لا أتحدث عن الحب كمعنى إنساني نبيل. إنني أتحدث معك فقط عن التبعية والهرولة والتقاط الفتات من وراء الغرب دون وعي أو تفكير.. صدقني يا صاحبي إن المعنى النبيل للحب لا يعرفه الغرب* إن فاقد الشيء لا يعطيه. عيد الحب وغيره من الشعارات التي يتشدق بها الغرب ما هو إلا ستار يتخذه ليخفي وراءه فشله وإخفاقه. ثم قل لي بربك أنت تطالب بأن يجتمع العالم كله خلف هذا المعنى النبيل؟

قال "في عجلة": نعم أطالب بذلك!

قلت : اسمح لي أن أقول لك إنك حسن النية يا صاحبي!

قال: ولِمَ تقول ذلك؟

قلت: لو كنا نحن الذين نحتفل بعيد الحب هل يا ترى كان الغرب سوف يحتفل معنا بهذا العيد؟

(صمت صديقي وعلامات الدهشة بادية على وجهه)

قلت(مستأنفا حديثي): ألا تتفق معي أن التضحية والفداء من المعاني الإنسانية النبيلة كذلك؟

قال صديقي : بلى* أتفق معك.

قلت:إن الغرب لا يحتفل معنا بعيد الأضحى المبارك ونحن نحيي فيه معاني التضحية والفداء التي تتجلى في قصة أبي الأنبياء إبراهيم وولده وزوجته الذين هم خير من القديس فالنتين عندهم وهم يعرفون ذلك جيدا! وأزيدك من الشعر بيتا كذلك.

قال"باهتمام": تفضل

قلت: إنهم بدلا من أن يشاركوننا فرحة هذا العيد أو يهنئوننا به فإنهم ينتقدوننا ويثيرون جمعيات الرفق بالحيوان تندد بذبح هذه الأعداد الكبيرة من الخراف ـ يا لرقة مشاعرهم! ـ وكأن الخراف أثمن عندهم من ملايين البشر الذين يذبحون بأيديهم بغير حق!

قال صديقي : ولكن عيد الأضحى مناسبة دينية* بينما عيد الحب مناسبة عامة لا علاقة لها بالدين.

قلت "مستغربا": من قال لك هذا؟ إن عيد الحب يا عزيزي مناسبة دينية كذلك* لها جذور بعيدة وتاريخ قديم عند النصارى.

قال متعجبا: هل أنت واثق مما تقول؟

قلت"مؤكدا " : نعم* وماذا كنت تحسب إذن؟

قال: كنت أحسبه موضة حديثة من موضات العصر كعيد الأم مثلا.

قلت : لا يا صديقي يبدو أنك تجهل أصل هذا العيد عند النصارى، تذكر أشهر الروايات أنه في منتصف القرن الثالث الميلادي كان هناك إمبراطور روماني يدعى كلوديوس، وكان ذا همة في الحرب. و يريد أن يجعل الرجال يتطوعون في جيشه. ولما كان قلة من المتزوجين يُقبلون على التطوع، أُخذ يشجع على العزوبة، ويمنع الزواج، فلم يعجب هذا الأمر فالنتاين وهو أحد الأساقفة بالكنيسة المسيحية في روما، وأخذ يشجع على الزواج ليكافح نوازع الرذيلة في المجتمع المسيحي.

وأخذ يعقد قران العشرات سراً، في غرف مظلمة. وكان لا بد من الشموع، التي صارت رمزاً لمشاعر الحب الحالم. وكان لا بد من الهمس كذلك حتى صارت تلك الأمور طقوسا تقليدية متوارثة عندهم.

وفي إحدى الليالي، سمع الأسقف والعروسان وقع أقدام، إنهم جنود كلوديوس، عند ذلك لاذوا جميعا بالفرار* وتمكن العروسان من الهرب، وقُبض على فالنتاين، وحكم عليه بالموت. وفي انتظار تنفيذ الحكم كان المتزوجون والعشاق يأتون إلى سجنه، ويلقون إليه بالزهور وبطاقات الحب. وأعدم في يوم 14 فبراير سنة 269 للميلاد. ومن يومها صار هذا التاريخ عيدا يحتفلون به كل عام. أستحلفك بالله يا صديقي! مالنا نحن وما لهذ الاحتفال؟ أنحن نصارى؟! أم هو التقليد الأعمى فقط؟!

قال صديقي: إذا كان الأمر كذلك فإن هذا العيد يعتبر شأن ديني خاص بالنصارى* وأعتقد أنه لا يجوز شرعا ولا عقلا مشاركتهم فيه وإلا أصبحنا مثلهم.

قلت: حسنا يا صديقي هذا ما أردت أن أصل إليه.

شكرني صديقي على هذا الحوار الموضوعي الذي كان الغاية منه الوصول للحقيقة دون جدال ولا مراء فشكرته كثيرا وأثنيت عليه لسعة صدره وأفقه كذلك.

منقول