لقد أحيط بنا.. هكذا قال الشيخ المقداد، وهذه هي حقيقة المؤمراة
 

كنت في اتصال هاتفي مع الشيخ عبدالجليل المقداد لأتبين منه خبر توقف التحرك الجديد عن نشاطه لوجود عقبة تعترض طريقه، كما صرح بذلك في مجلسه ليلة الثلاثاء الأستاذ عبدالوهاب، فقال من جملة ما قال "لم نكن نتوقع أن طريقنا مملوء بالشوك إلى هذه الدرجة، فقد أحيط بنا" وقال أيضا "إن أسوأ الأشياء أن يوظف الدين، والأسوأ منه أن يوظف لخدمة الظالمين، بدل أن يوظف الأشخاص أنفسهم لخدمة الدين".
شخصيا، كنت قد خمنت ثلاثة سيناريوهات لهذا التوقف، الأول: موضوع الشرعية، ووجود من شوش على شرعية التحرك الجديد عند المرجعيات الخارجية المعتمدة لديه من الطرف المقابل، وخصوصا مع طرح المحسوبين على الوفاق والمجلس العلمائي عدم القبول بتعدد المرجعيات.
الثاني: عدم انسجام فريق العمل داخل التحرك الجديد في الموقف من القضايا الرئيسية المهمة، الموقف من الانتخابات المقبلة، الموقف من الدستور، الموقف من العلاقات مع التيارات السياسية الأخرى، وتحديدا الموقف من الوفاق، مما قد يؤدي في حال صحة هذا السيناريو إلى النخر في جسم التحرك الجديد منذ بدايته!
الثالث: أن العقبات قد تكون بسبب صعوبة التأسيس وهي بحاجة إلى إعداد كبير يتطلب الوقت لإنجازه في ظل التشويش الواضح الذي تمارسه السلطة والمعارضة في الوقت نفسه.
وقد أكد الأستاذ في رده علي بأن الفريق منسجم غاية الانسجام، وأن الإعداد قائم على قدم وساق للبرامج والرؤى، أما في موضوع الشرعية، فأكد مقولته بأن المقصود بالشرعية هي المرجعيات الكبيرة في الطائفة، وليس أي عالم في البحرين، وأن الاحتكام لها بشأن تعدد المرجعيات السياسية في البحرين هو المطلوب!
حقيقة، لقد وضعت يدي على قلبي، وأحسست بأن المسألة تشتمل على عقبة من النوع الخطير، واليوم أكد لي كلام الشيخ المقداد هذا الفهم "لقد أحيط بنا".
من الواضح أن هناك من العلماء من استخدم نفوذه وحظوته لدى المرجعيات الخارجية لضرب التحرك الجديد في أساس شرعيته التي اكتسبها تحت عنوان "تعدد المرجعيات في البحرين" وأن هذا العنوان الملتبس ربما جعل بعض المرجعيات الخارجية تردد في دعم أو تبني التحرك الجديد خوفا من حدوث فتنة، حتى لا يفهم من ذلك أن المرجعية العليا للطائفة ترجح فئة مع العلماء على أخرى، وهذا ما جعل التحرك الجديد بعد أن كان مطمئنا لموضوع الشرعية وعاملا عليه لفترات طويلة وممتدة من خلال قنوات مباشرة وغير مباشرة أن يتريث إلى أن يتبين الخيط الأبيص من الخيط الأسود!!
إنها انتكاسة للدين باسم الدين، إنها قتل لروح الأمل التي بثها التحرك الجديد تحت يافطة عدم الشرعية، إنها والله جريمة تساوي جريمة الانقلاب على الدستور والتطهير الطائفي بجناحي التجنيس والتمييز، لأنها تضع خيار الطائفة كلها في توجه سياسي أثبت فشله وعدم كفاءته وكفاءة القائمين عليه، إنها أنانية سياسية وحزبية، وهي فجيعة مدوية لأنها باسم الشرعية اخترقت الوعي، ومعايير الصواب والخطأ، ودجنت وعي الناس لصالح صنمية الرمز لا ألق الفكرة، إنها قتل لروح الدين التي تقدس الفكرة والصواب ولا تقدس الأشخاص والعناوين، وتكريس لظلم الظالمين من خلال تثبيت منهج المسايرة والملاينة والضعف، فما أشد حسرتي على هؤلاء الناس المستضعفين المغرر بهم، وأتمنى لو تبلعني الأرض ولا أعيش لمثل هذه الأيام البائسة التي يشعر فيها الإنسان بأن عقله وقلبه وضميره مختطف ومرتهن، فإما أن يصمت وإما أن يكون بعيدا عن الشرعية الصنمية الأحادية!!
ومن عليه يا ناس أن يصمت، يصمت واحد مثل عبدالوهاب حسين، أي الله: تفو على هذا الزمن!! يصمت علامة جليل مثل الشيخ عبدالجليل، أي الله، تفو على هذا الزمن، يصمت مثل الخواجة والسنكيس والنوري وكل الكوكبة المجاهدة، لا يصمت ابن الشارع، يصمت أكبر وأسمنها، ممن خدم الدين، لماذا؟!!! لأنه بحسب منطق متشرعي الصنمية ضد الدين!!
شخصيا، أحمل مسئولية ما يجري على الطائفة من كوارث بسبب ترجيح خيار فاشل يعترف أصحابه بفشله، أحمل هذه المسئولية ومن دون مواربة!!!
أولا: العلماء الكبار وكل من روج لفكرة أحادية القيادة في ظل عجز القيادة الحالية عن الدفاع عن الوطن وعن هذه الطائفة المظلومة، وعلى رأس هؤلاء، وليعذرني ويغفر لي إن كنت تجاوزت حدودي: سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم، وقد يكون هو أكثر من ستقع عليه مسئولية الكوارث المظلمة التي ستصب على شيعة آل بيت محمد من هذا النظام الخليفي العنصري الفاشي الاستئصالي.
ثانيا: أحمل المسئولية كل مرجعية تدعم خيار القيادات الحالية من دون أن تتبين حقيقة هذا الخيار ثقة منها في الأشخاص لا المنهج، وربما لم أكن أجرؤ أن أقول هذا الكلام حينما جاءت النصائح في الاتجاه العام، أما وقد سعى الساعي إليهم نكاية بالتحرك الجديد، لكسر رابعته من خلال جعلهم على الحياد، فليعلم مراجعنا العظام أن كل كارثة تصب على البحارنة ستكون في ذمتهم، لأنهم لم يدققوا فيمن يدعمون، ونظروا إلى العناوين لا إلى الجوهر، وكل ارتداد عن الدين بسبب فشل من كان قيما على الدين سيكون في ذمتهم!
فانظروا ما أنتم فاعلون
أخيرا: أقول للقائمين على التحرك الجديد: إذا لم تنفع خطواتكم في حل عقدة الشرعية، فأنا أنصحكم وأنا الصغير الصغير، وأنتم كبار هذه الأمة، أن تعتكفوا في منازلكم كما فعلا الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر احتجاجا على لحق به من ظلم العمائم والملتبسين بالدين في حوزة النجف الأشرف، لتقولوا للعالم كله: ها نحن الكبار بلا رأي، ومن يصادر حريتنا هو إخوة لنا باسم الشرعية!
لقطة أخيرة: كان الأستاذ مجهدا بالأمس، والإجهاد كان نفسيا بسبب هذا المصاب الجلل، والشيخ المقداد - وهو بارع في الفصاحة والتبيان - كان متلجلجا، ولا يدري ما يقول: وأنا أضع هذين المشهدين أيضا بعهدة الشيخ عيسى أحمد قاسم، وأحمله أيضا مسئولية عواقب هذه المشاهد المؤلمة وهو سيد العارفين!!