منتدى استراحات زايد - الملك وإحراج المعارضة الرسمية

الملك وإحراج المعارضة الرسمية

كما كان متوقعا لم يأتي حاكم البحرين حمد بن عيسى بجديد في خطابه الذي ألقاه يوم الثلاثاء الماضي 14-8-2012 بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك ، بل على العكس أكد على سياسة الغطرسة والاستبداد والضرب بيد من حديد لكل من يخرج على الحكم الخليفي ويطالب بالتغيير السياسي الجاد وتحقيق حلم الدولة المدنية الديمقراطية .

ولم يتردد الملك حمد في نعت المعارضة والثورة وجماهيرها الذين يشكلون أغلبية شعب البحرين بأسوء النعوت وأدناها كدعاة الفتنة والمغامرين والمقامرين "... وتلك الأخوة من نعم الله الكثيرة علينا، والتي يجب أن نرعاها حق رعايتها، ونحافظ عليها، وندافع عنها، ونحميها من مكر الماكرين ودعاة الفتنة والمغامرين والمقامرين بوحدة الشعب وتماسكه ومكاسبه" .

بل أكثر من ذلك وصف الملك حمد أغلب شعبه بالكافرين حينما تغنى بأمجاده الزائفة والواهمة بالتصدي للأطماع الخارجية ومن ساعدها من الداخل " إن مملكة البحرين كانت على مر العصور محط أطماع الطامعين، ولكن شعبنا الأبي عرف كيف يتصدى لها بصموده، ووحدة صفوفه، واجتماع كلمته، والتفافه حول ولي أمره، فتكسرت تلك الأطماع «وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا " .

وبالنسبة للتدخل الخارجي وإرتباط الثورة في البحرين بإيران فالأمر أصبح مضحكا وقمة في السخرية والتندر ، لأن حمد بن عيسى نفسه لم يعترف حتى بتقرير بسيوني الذي برء الثورة من أي إرتباط خارجي وهو التقرير الصادر من اللجنة الملكية لتقصي الحقائق التي تم تشكيلها بأمر منه (الملك حمد)، والأكثر من ذلك سخريه طلب حكومة البحرين قبل أيام قليلة إعادة السفير الايراني إلى المنامة .

الغريب في الأمر أن المعارضة الرسمية بقيادة الوفاق لم تحرك ساكنا ولم تعلق بحرف واحد على خطاب الملك الأخير ، (وعندما سئل الشيخ علي سلمان عن خطاب الملك الأخير أثناء لقائه بأهالي المالكية قال الشيخ : لا تعليق لأنه لم يأتي بجديد ) رغم تجني الملك حمد الواضح والسافر على المكون الأكبر من شعب البحرين ، فضلا عن الكذب والتزييف الذي أشتمل عليه خطابه البائس .

يقال إذا عرف السبب بطل العجب ، فمشكلة المعارضة الرسمية بقيادة الوفاق أنها تتبنى إستراتيجية إصلاح النظام والتي لا تستند هنا على الحراك الشعبي الضاغط بقوة- كما حدث في ثورات الربيع العربي- بل على الحراك الشعبي المحدود وعلى ثلاثة عوامل أساسية لإنجاحها ، الأول التقرب من جناح الملك وابنه ولي العهد بوصفهم إصلاحيين أو معتدلين داخل العائلة الخليفية الحاكمة ، الثاني زيادة العلاقات مع الأمريكان من أجل توفير الضغط اللازم على النظام الحاكم في البحرين لتقديم بعض التنازلات السياسية ، والعامل الثالث إستثمار حراك المعارضة الثورية ورموزها من أجل إبتزاز السلطة في تقديم بعض التنازلات السياسية المحدودة والقبول بتسوية سياسية لا تحدث تغييرات سياسية جذرية تؤدي إلى تحقيق الملكية الدستورية الحقيقية .

بدى واضحا أن الملك في خطابه الأخير عمل على الضغط أكثر على المعارضة الرسمية التي تسعى كثيرا للدخول في حوار(جاد) مع السلطة ، إذ وصف كل من في المعارضة والثورة بالمغامرين والمقامرين ، وبدعاة الفتنة والعمالة للخارج ضد الوطن .

المعارضة الثورية لم تتفاجأ بخطاب حمد بل على العكس عزز من ثقتها وقوتها ورؤيتها في العمل الثوري الجاد في مواجهة الحكم الخليفي والعمل على إسقاطه . أما بالنسبة للمعارضة الرسمية فقد شعرت بالاحراج من خطاب الملك لأنه لا يتناسب إطلاقا مع رؤيتها في إصلاح النظام وإقامة الملكية الدستورية .

صحيح أن الملك حمد في خطابه الأخير لم يعطي أهمية للمعارضة الرسمية إلا أنه يعول عليها الشيئ الكثير في الخروج من مأزقه ومأزق أسرته الحاكمة ، إذ لا يزال الحكم في البحرين ومن خلفه الامريكان والبريطانيين يدركون جيدا أن الحل السياسي الأمثل الذي يوقف الثورة البحرينية وإنعكاساتها الاقليمية ويحمي الأسرة الحاكمة ويحفظ المصالح الامريكية والبريطانية يجب أن يمر عبر الوفاق ومرجعيتها الدينية وإلا فالأمور ستتعقد أكثر ولن تصب في صالحهم .