منتدى استراحات زايد

منتدى استراحات زايد (http://vb.ma7room.com/index.php)
-   منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية (http://vb.ma7room.com/forumdisplay.php?f=183)
-   -   عباس المرشد : قولوا لهم أني أكرههم (http://vb.ma7room.com/showthread.php?t=987531)

محروم.كوم 08-12-2012 12:50 PM

عباس المرشد : قولوا لهم أني أكرههم
 
عباس المرشد > الحوار الباهت: قولوا لهم أني أكرههم



عباس المرشد*


وحدها القوة التي بمقدورها تغيير الأوضاع الساكنة أو تلك غير المرضي عنها. قاعدة يفهمها كل من لُدغ من جحر السياسة ومن جذرها اللغوي المخيف، القاعدة رغم بداهتها بل وأحيانًا صوابيّتها تبدو غريبة على مُجتمع خبر السياسة قبل أن يشهد دولته، وتصارع مع تياراته قبل أن تُلقى تلك التيّارات في غياهب السجون، وقارعات المنافى. النظام الممسك بجلابيب الحكم في البحرين يُقر أنّ القوّة هي مركب مزدوج، يتشكّل أولًا من قوّة عسكرية واستخباراتية ضاربة، عديمة الفائدة الأخلاقية، لكن فاعلة في تلقين دورس القمع، والشراسة، والدناءة في مُلاحقة المُعارضين، وتتبّع المُحتجّين في شوارعهم وبيوتهم، وثانيًا من قوة الخداع، والمُداهنة، والحشد من جهة جوقته المختصة بتلميع الجرائم، وتحويل الجلادين لضحايا، وقلب الطاولة على المُعارضين، بوصفهم إرهابيين وفئة ضالّة وشرذمة طائفية. ليست هذه كل الحكاية، فللنظام ما يُخفيه أيضًا ويستخدمه كلّما ضاق به الأمر ذرعًا، واشتدت عليه مضاعفات أفعاله الشنيعة.

إنّها القدرة على الاستحواذ على قوّة المعارضة، ومُقاسمتها في شرفها وطهرها. القوّة لدى قوى المعارضة، إسلامية أو يسارية، مُنتزعة من أفعال أخلاقية ونظرية خاصّة في العيش المُشترك وغلبة الخير على الشر. القوّة لدى المُعارضة بكل أطيافها هي القدرة على التحمُّل والصبر، حتى ولو كان الزمن المطلوب أربعين سنة هي سنوات احتكار رئيس الوزراء لرئاسة الحكومة، بل صبرٌ يطول لعقودٍ أطول من تلك العقود الأربعين، فالمطلوب من وجهة نظر المعارضة يستحق الصبر والصبر والصبر كسرًا لقاعدة الفيل الذي لا يطير.

ما معنى أن لا يكتفي النظام بمفهومه للقوّة المُركّبة ويسعى لأن يُشاطر المُعارضة فعلها الأخلاقي، رغم تبرّئه منها، خلال أقسى وأشد عملية فضح للأخلاق في تاريخ المنطقة، بارتكابه انتهاكات لم يقوَ على فعلها إلا شخصٌ واحد كان مصيره جحرًا كجحر ضب، ونهايةً غير مأسوفٍ عليها، باستثناء لسان السلطة الأنثوي سميرة رجب.

بالعودة لسجل ذاك التشاطر، فالنظام يتشدّق بمُفردة الحوار لكونها توفّر له غطاءً سياسيًا وإعلاميا لما تقوم به قوّات المُرتزقة من جرائم يومية، لكنه يُلحّ عليها في أوقات أزماته، وتحالك الظلام عليه، فهو يجد في الترويج للحوار والدعوة إليه ورقةً مهمّةً ضمن ملف أوراقه، الضامّة أوراق الطائفية، والتمييز، والعسكرة، والأمن البوليسي.

مثل هذا الكلام يستند لمُعطيات ووقائع لم يمضِ عليها شهور، فأولًا لجأ النظام للحوار مبهورًا وخائفًا عندما تلقّى النظام مُكالمة من البيت الأبيض في مساء 18 فبراير/ شباط، فسارع لبناء أسطورة الحوار الوطني وشيّدها بأمرٍ ملكي، وعندما قمع وعسكر المنطقة والبلاد بعد 16 مارس/ آذار، خضع ورجع مُرجّحًا الحوار بعد قائمة طويلة من الضغوط، أثبتت له عجزه وفشله في إدارة الأزمات الدائمة، وخرج رأس النظام يجوب المُحافظات والمجالس لقبول رأيه.

مرّةً أخرى، ولأنّه غير مُعتاد على الحوار، ولا على الاقتناع بنظرية العيش المُشترك، فقد فقد تماسكه وخرَّ صريعًا أمام القوّة الأخلاقية التي أظهرتها مجاميع الشباب في الميادين، وها هو الآن يجد نفسه في عُزلة، وفي مآزق مُتداخلة مع بعضها البعض، لا يكاد يخرج من واحد، إلا وعلق ببداية مأزقٍ آخر. لذا فهو يتوسّل المُشاطرة واحتساء نخب الأخلاق بدلًا من نخب القوّة، وهو في ذلك يتحصّن قليلًا ويحمي مخزنه العسكري، ويحنُّ لرائحة البارود كي يُثبت نظريته أنّ القوّة هي العسكر والخداع.

النظام يعيش الآن عزلةً سياسية، حيث أصبحت جرائمه وفعاله عبئًأ على حُلفائه، ومصدر إحراجٍ لهم أين ما ولّوا وجوههم، ولم يعد بالإمكان إغماض العين عنها، ومن جهة أشد قسوة فهناك خشية متزايدة من قيامه بتصدير أزمته خارج مجالها، وقيامه بتأسيس أعراف سياسية في المُقاومة والاحتجاج لا يُشجّع عليها أشقاؤه في المنطقة. حتى الدعم الاقتصادي الذي تُصرّ السعودية على دفعه وتعويضه، بات مُشكلةً من حيث نقص المدخولات الخاصّة باستثمارات أقطاب النظام الخاصّة، فالدعم الاقتصادي يتوجّه لسد نقص العجز في ميزانية الدولة، المُنهارة أصلًا، في حين أنّ المطلوب هو تشحيم الميزانيات الخاصّة وعوائد الاستثمار الخاصّة، وهو ما لا يمكن للدعم السعودي أن يوفّره مهما كان سخيًّا.

في السياسة المحلية، وبعد انفلات أوضاع طبالته، الوضع غير مُختلف فهو يعيش العزل، والعزل في فقه الإمام الغزالي "حرام"، وصار من الصعب عليه أن يُعيد أمجاد الماجدات والفوراس في تجمّعات الزار والتشجيع على القتل. فعنصره الأساس قضى على نفسه قبل أن يُقضى عليه، وفق حسابات خاطئة وتقديرات جشعة زادت من تفاقم ظاهرة حسد البغايا في صفوف مواليه، فلم يعد النظام "الملجأ الأخير للنذل"، ولم يعد يقوى على كسب وشراء بائعين جدد لضيق السوق ونفاد البضاعة.

لعلَّ ما تقدّم يُقدّم جزءًا من الإجابة على سؤال لماذا يُحاول النظام مُشاطرة المعارضة في قوّتها، فكل ما يسعى إليه سابقًا في كل التبادلات وجلسات التواصل، كما تُسمّيها الجمعيات السياسية، كان طموحًا لأن يجد مخرجًا مُناسبًا له دون اكتراثٍ لواقع الشعب ومطالبه، فالاستخدام المُكثّف والمُتعدّد للحوار من قبل النظام، كان يستهدف تحقيق أربع وظائف على الأقل، هي التوحّش، المُرواغة، التحصّن، والمُساواة، وهي الأغراض نفسها التي يُروّج للحوار من خلالها الآن، أي التنفيس عن عزلة فرضها على نفسه، والتحصين لمرحلة تُذكّر بمثل الفأس والحية ورائحة البارود. فالحوار الذي يدعو إليه ويُحضّر له شخصٌ يدعي إفكًا ويُشيّد أكبر كذبات البحرين فجورًا، لا أعتقد أنّ صادقًا يُمكنه التناغم معه، إلا أن يكون ذلك رغبةً في لجمه وإفحامه، والقول له بأننا نكرهكم ونكرهكم ونكرهكم.

* كاتب من البحرين


الساعة الآن 06:05 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227