منتدى استراحات زايد - المعارضة البحرينية بين السلمية المثالية والثورية الواقعية

المعارضة البحرينية بين السلمية المثالية والثورية الواقعية

شهدت البحرين في منتصف فبراير من العام الماضي إنطلاقة حركة 14 فبراير ، وهي حركة شعبية مطلبية تنادي بإصلاحات سياسية واسعة ، قبل أن تتحول إلى إسقاط النظام بعد يوم الخميس الدامي في 17 - فبراير - 2011 م . قاد هذه الحركة شباب تواصلوا عبر قنوات التواصل الاجتماعي الحديثة ، على طريقة شباب تونس ومصر ، بعيدا عن عمل الجمعيات السياسية التي كانت تتحرك في إطار ما سمي ب " المشروع الاصلاحي للملك " .

تم مواجهة هذا الحراك الشعبي السلمي بكل عنف ووحشية من قبل السلطة، مما أدى إلى سقوط العشرات من الشهداء ومئات الجرحى ، وآلاف المعتقلين والمفصولين عن أعمالهم وقطع أرزاقهم ، فضلا عن هتك الأعراض والتطاول على المقدسات، وممارسة العقاب الجماعي ضد أهالي القرى بإغراقهم بالغازات السامة التي راح ضحيتها العشرات من الصغار والكبار ومن النساء والرجال .

في مقابل هذه الوحشية البربرية التي مارستها السلطة ولا زالت مع المعتصمين والمتظاهرين السلميين ، إلتزمت المعارضة بجميع مكوناتها بالسلمية كخيار إستراتيجي في عملها السياسي لتحقيق مطالبها العادلة والمشروعة .

إلا أن من الملاحظ وجود خطين متباينين في المعارضة من حيث أساليب الإحتجاج،والدفاع عن النفس والعرض ، ومستوى التصعيد السياسي في مواجهة السلطة من أجل إسقاطها أو على الأقل إجبارها على القبول بإصلاحات سياسية جذرية وكبيرة .

الجمعيات السياسية بقيادة الوفاق ، لا زالت ملتزمة بقانون الجمعيات السياسية السئ الصيت ، ولا تنظم فعالياتها إلا بتصريح من وزارة الداخلية،وكان الأمر ناجحا بالنسبة لها في تنظيم مسيرات شعبية كبيرة ، غير أن السلطة ضاق صدرها حتى من المسيرات المرخصة مما أدى إلى منعها باستخدام القوة.

أما الفريق الاخر في المعارضة (المعارضة الثورية) المتمثل في حركة 14 فبراير ، وحركة حق والوفاء وأحرار البحرين وأمل ، فقد أكدوا على خيار السلمية أيضا ، ولكن بالتحرك الجاد شعبيا وجماهيريا ، وعلى طريقة تونس ومصر ، حتى لو كلف ذلك الاصطدام بالسلطة ووقوع الضحايا، إذ لا مجال للتهاون مع النظام الخليفي الحاكم في هذا المنعطف السياسي الهام من تاريخ البحرين .

مما يؤخذ على عمل الجمعيات السياسية أن مستوى تحركها السياسي وأساليب ووسائل الضغط التي تستخدمها في مواجهة السلطة لا تتوافق مع حجم ما قام به النظام الحاكم في البحرين من تعدي سافر على الأعراض والمقدسات، ومن أعمال وجرائم وحشية في حق شعب البحرين .

الكل في المعارضة البحرينية يدعو إلى الإلتزام بالسلمية وعدم القفز عليها ، لكن الخلاف حاصل في طبيعة ومستوى التحرك السياسي السلمي .

بين فريق يريد التحرك بإذن من السلطة وبمستوى سياسي ميداني ضعيف لا يتناسب أبدا مع ما تقوم به مرتزقة الحكم الخليفي من تجاوزات صارخة على الأعراض والحرمات والمقدسات ، وبطريقة لا تشكل ضغطا حقيقيا على النظام الحاكم وتردعه عن كل هذه التجاوزات اليومية لحقوق الانسان في البحرين ، ولا تغير من الواقع شيئا .

وبين فريق آخر في المعارضة يعمل على تفعيل الدفاع المقدس عن أعراضنا وحرماتنا ومقدساتنا ، فضلا عن تحقيق التحرك الثوري الجماهيري الفعال من أجل إسقاط حكم الاستبداد والطغيان والإنتقال إلى حكم الشعب لنفسه وتشكيل الدولة المدنيةالديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع بلا إستثناء .