منتدى استراحات زايد - السر في حل جمعية العمل الاسلامي

السر في حل جمعية العمل الاسلامي

أصدرت المحكمة الكبرى الإدارية أمس الإثنين 9 يوليو 2012 بحل جمعية العمل الإسلامي (أمل)، وذلك إثر القضية المرفوعة من قبل وزارة العدل لحل الجمعية،وقد بررت الوزارة رفعها للدعوى بسبب وجود مخالفات كبيرة قامت بها الجمعية في السنوات القليلة الماضية .

المتابعين الحياديين للشأن السياسي البحريني وعلى رأسهم المنظمات الحقوقية الدولية يدركون حقيقة أن الحكم الصادر بحل جمعية العمل الاسلامي هو حكم سياسي كيدي من أجل معاقبتها على موقفها و تحركاتها السياسية منذو إنطلاقة ثورة 14 فبراير ، وكذلك من أجل تضييق الخناق على المعارضة والحراك الشعبي الساعي للتحول من الدولة المستبدة الأمنية إلى الدولة الديمقراطية المدنية .

الملاحظ إلى سياسة السلطة في البحرين مع المعارضة بشكل عام، ومع الجمعيات السياسية بقيادة الوفاق بشكل خاص،وكذلك مع النشطاء السياسيين والحقوقيين على مستوى الأفراد،أنها ليست واحدة على مستوى الخطاب والأحكام الصادرة منها بحقهم كمعارضين لها على ظلمها وإستبدادها .

بمعنى أوضح أن من يقرأ إعلام السلطة كل يوم سيجد من دون عناء ، أن السلطة تعتبر جمعية الوفاق ومرجعيتها الدينية هي المسؤلة عن ما يجري في البلاد من إضطرابات سياسية"فتنة" ومن ثورة شعبية تنادي بإصلاحات سياسية جذرية بل وبإسقاط النظام ، وأن الوفاق عميلة لإيران وتريد أن تطبق ولاية الفقيه في البحرين،وأنها صاحبة أجندة طائفية ، ولا تلتزم بالقانون بتنظيمها لمسيرات وفعاليات سياسية غير مرخصة ... وغير ذلك من إتهامات وأكاذيب باطلة في حق الوفاق .

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ، لماذا لا تلجأ السلطة إلى معاقبة الوفاق والنيل من رموزها – تطبيق القانون ظلما عليهم – ما دامت تدعي أن الوفاق قامت بأعمال تضر الوطن وتهدد وحدته وتضعف من قوته ، بسعيها المتواصل إلى تحقيق أجندتها الطائفية وعمالتها لإيران ؟! .

الاجابة على هذا السؤال يأخذ شقين ، الأول أن الحكم الخليفي له حساباته السياسية التي من الصعوبة القفز عليها ، هذه الحسابات المأخوذة من الطبيعة الديموغرافية لسكان البحرين والتي تفرض أغلبية شيعية- رغم جريمة التجنيس السياسي- وأن أكثرية الشيعة في البحرين لا زالو يمشون خلف الوفاق ومرجعيتها الدينية المتمثلة في الشيخ عيسى قاسم ، وبالتالي الاصطدام الحقيقي الواسع بضرب المكون السياسي الشيعي الأكبر في البحرين ليس من مصلحة النظام الحاكم في هدوئه وإستقراره السياسي والاقتصادي بل ويشكل خطرا كبيرا عليه . ولا أدل على صحة ذلك ما لعبته الوفاق ومرجعيتها الدينية سياسيا وإنعكاسه على جماهير المعارضة منذو قبولهم بقانون الجمعيات في 2005 مرورا بدخولهم برلمان 2006 و 2010 الذي جعلهم يمثلون أكبر كتلة برلمانية من دون أي صلاحيات حقيقية أو فائدة تذكر .

الشق الثاني من الاجابة على سؤالنا ، ثبت بشكل قاطع منذو ثورة 14 فبراير أن الحكم في البحرين لا يستهدف مباشرة جمعية سياسية معارضة، أو شخصيات سياسية وحقوقية ودينية معارضة ، إلا عندما يتم الخروج عمليا عن الاطار السياسي الذي تسمح به السلطة . ومثال ذلك على مستوى الجمعيات المعارضة جمعية العمل الاسلامي التي خرجت عن العمل السياسي التقليدي للجمعيات المعارضة، ليس فقط بالتحالف من أجل الجمهورية الديمقراطية مع حق ووفاء وأحرار البحرين ، بل والعمل على التحرك الشعبي مع حركة 14 فبراير على طريقة ثورات الربيع العربي.

ومثال ذلك على مستوى الأفراد إعتقال المناضل الحقوقي نبيل رجب بعد
أن حصل الحكم الخليفي على الضوء الأخضر أمريكيا بعتقاله . السلطة بعد أن ضاقت ذرعا ونفذ صبرها من تحركات نبيل رجب ، خصوصا دعوته لخروج المسيرات في العاصمة المنامة ، والتي شعرت بخطورتها على المستوى السياسي وتزايدها شعبيا ، عملت بكل قوة على إيقاف نشاطه وإعتقاله . وبالامكان فتح قوسين وطرح سؤال مهم ،(لماذا إعتقال نبيل رجب وليس الشيخ على سلمان ؟)-الذي قال عنه وزير الدفاع أن هذا الشخص بالتحديد مطلوب للعدالة- الاجابة نحصل عليها في الشق الأول والثاني من الاجابة على سؤالنا الذي طرحناه أعلاه .

إذا السر في حل جمعية العمل الاسلامي من قبل السلطة – من وجهة نظرنا – ليس في مخالفتها لقانون الجمعيات والقانون كما يدعيه وزير العدل ، بل هو في طبيعة موقفها السياسي من ثورة 14 فبراير ، وفي خطابها السياسي المتماهي نظريا وعمليا مع ثورات الربيع العربي ، وفي نوع وقوة تحركها الشعبي على مستوى الثورة في مواجهة الحكم الخليفي في البحرين .