اليتيم
..........

مقدمة :

في محاضرةللشيخ علي الطنطاوي يرحمه الله لنا أيام الدراسة بالكلية قال :

كان المفتش يراقب المدرسة من بعد على شكل درويش وفي ملابس خلقة ثم يركب حمارا ويتوجه إلى

إحدى النوافذ فيضربها ثم يقفر داخل المدرسة

ليشاهد كل شيء يجري هناك ويمسك المجرم بالجرم المشهود .

...............

لاتلومونني فلم استطع أن أذكر القصة كما حكاها شيخنا يرحمه الله وأنى لي بذلك .

.............................

أما قصة اليتيم فقد حصلت معي قبل زمن طويل حيث كنت معلما في إحدى القرى وفي يوم من الأيام

حضر إلينا في المدرسة شيخ طاعن في السن ومعه طفل عمره تقريبا خمس سنوات وقال :

إبني توفيت أمه البارحة ولا يوجد لدي من يعتني به أو يؤنسه اتركوه مع الأطفال لعله يلهو معهم .

تحرج المعلمون لأن المفتشين بالأمس كانوا في جولة قريبا من المدرسة وربما يصلون اليوم أو غد

فأحزنني وضعة وقلت :

أبشر أتركه عندي ........ كان الفصل مزدحما ولا توجد به كراسي ولا طاولات فقط ( حنابل )

نام الطفل .... كان البرد قارسا .... لحفته بعمامتي قرب السبورة

وفجأة دخل المفتش ( يسمى الآن موجه ) شرحت وناقش وحمل تحضيري ... وخرج قبل نهاية

الحصة .... وملامحة تدل على الغضب .

وعند نهاية الحصة وجدته يقف قرب الباب ثم يتوجه نحوي ويقول :

أستاذ شرحك ممتاز ومستوى الطلاب ممتاز ولكن ما الفائدة ... مدرس بدون عمامة وطالب نائم

ومغطى بعمامة المعلم ... وعندئذ حكيت له القصة ...

ذرفت عيناه بالدموع وقال :

سامحني أستاذ فو الله لقد ذكرتك عند المفتشين بكلام سيء

قلت له لاعليك فما ذكرت إلا مارأيت

قال :

والله لن تدخل الحصة القادمة فأنا من سيدخل بدلا منك

دخل الفصل بدلا مني وبعد دقائق دخلت عليه ....... وجدته بدون عمامة ولا طاقية وقد ألبسها الطفل

وبعد أسبوع كانت قد وصلتني عدد من خطابات الشكر من سعادة مدير التعليم الأستاذ عبد العزيز
الربيع ومن المفتش ومن مدير التوجيه وترقيتي درجه إضافية تسمى ( درجة امتياز ) آنذاك