نصيحتي: ولكم في "فتح" عبرة يا (وفاق)!
 

معروف عن السياسة بأنها عالم قذر.. لا يعرف صديق ولا يعرف ثقة ولا يجيد من غير المصلحة لغة! مثل السياسة "كمثل الحية يسعى إليها الغر الجاهل ويحذرها ذو اللب العاقل"! أكثر الحركات الدينية المسيسة انحرف لأنها غاصت في السياسة أكثر من التزامها بالدين كأصل..

أنظروا أين أوصلت أمريكا "فتح" والقضية الفلسطينية! بعد عقود طويلة مريرة من النضال والكفاح المسلح والتضحيات خادعوا الثورة الفلسطينية وحولوها إلى دولة بلا دولة وكيان بلا كيان وطعمة سائغة في فم الكيان الغاصب تتعرض لاعتداءاته متى ما شاء وكيفما شاء، وبين كل فترة أعادوا التلويح بخديعة استئناف "مفاوضات السلام" وذلك بعد أن جردوهم من كل شيء وحولوهم إلى فصائل ضعيفة لا حول لها ولا قوة سوى التناحر فيما بينها حتى أخذ يمزقهم الزمن بين "متشدد" و "معتدل" إرضاء لرغبة الصهاينة والأمريكيين.

ما حدث بالامس في فلسطين درس واضح لا يحتاج إلى ساسة محللين واجتماعيين لاستقائه. بدأوا بتشطير فصائل الثورة، فصيل يقاتل فصيل -نيابة عن الأعداء- وهكذا تزداد هوة الخلاف في فئات المجمتع، جهة مخدوعة بأنها حكيمة وتجيد فن السياسة هدفها إرضاء الأمريكان والرضوخ بإملاءاتهم وألاعيبهم ووعودهم الكاذبة المخادعة، وأخرى ترى في ذلك انحرافا وتعارض الفكرة وتصر على المقاومة، وهكذا انقسم المجتمع الفلسطيني إلى قسمين وكل قسم إلى فرق وأقسام وهكذا!

بعد أن خدع الأمريكيون الفلسطيين وجرودهم من كل عناصر القوة والتماسك والكرامة والثورة، أصبحوا يذلونهم بين حين وآخر داعينهم إلى حوارات بدون شرط. وفي كل مرة يبدأواالحوار يوقفونه بحجة وأخرى.. وهكذا. وحتى لا تفلت الأمور يقومون بين فترات بمناورات من أجل تحريك المياه الراكدة وتنشيط الوعود وإعادة التخدير عبر الإعلان عن استئناف المفاوضات.. وهكذا.

وكما في فلسطين ومصر غيرهما.. اليوم أمريكا تعلم بالوضع في البحرين جيدا وتتابعه بدقة وعلمية من جميع النواحي وتعرف نفسية كل فصيل وحجمه وهي تتعامل مع الوفاق تماما كما تعاملت بالأمس مع غيرها وما تنوي فعله معها هو تمزيق المعارضة والالتفاف على الثورة ثم وأدها -عبر استخدام الوفاق. ثم بعد أن تتحقق أهدافهم سيضربون حتى بالوفاق بعرض الحائط -كما ضربوا بغيرها، حيث لا أمان ولا ثقة في السياسة، وخاصة من الأعداء!
والغريب في الأمر، أن العبر في هذه الحياة كثيرة ولكن يقل فيها المعتبر! وتحذيري للوفاق هو أن لا ينجروا مع الامريكيين أكثر بل يكون لهم موقف قوي صلب وواضح بـ "أننا شعب لاينقسم على إثنين وأننا لسنا فتح ولسنا مستعدين لأن نخسر قاعدتنا الجماهيرية وديينا ودنيانا بخدعة منكم كما خدعتم غيرنا"!

فليس للوفاق سوى رأسمالها من شعب وجمهور ومواطنين ولن يبقى لها في النهاية سواهم، وينبغي عليها أن لا تفرط أو تغامر بهم لعيون الأعداء. لذلك فهي (الوفاق) أمام خيارين لا ثالث لهما؛ إما أن تكسب أو أن تخسر دينها ودنياها وشعبها وثورتها.. إما بركونها لسياسات الأعداء الخبيثة، وإما بموقف مبدئي حاسم بعيد عن السياسة القذرة التي هي أكبرمما يجيدون ويخبرون هم أمام الأمريكيين.
فلهؤلاء غرف عمليات تعمل على مدار الساعة على كل بقاع الأرض وبخاصة البؤر الساخنة التي تلفح مصالحهم، ولا يأتونك إلا للإضرار بك فقط!
ثم -إن كنا من أدعياء الإيمان- ألا يجدر بنا أن نكون ممن يهئ لظهور الحجة (عج) فعلا.. قولا وعملا؟!! وأين قولنا وأين عملنا من هذا الإدعاء؟!!

فهل من متعظ؟!