ألا ترون إلى الحق لا يعمل به ؟
 

اللهم صل على فاطمة

ألا ترون إلى الحق لا يعمل به
وإلى الباطل لا يتناهى عنه , بهذه الكلمة المقتضبة جدا أوضح سيد الشهداء حقيقة الوضع حينها كاملا دون أن يأتي بشروح تملأ الكتب كي يفهم للناس ما هو مفهوم وواضح وبين , أراد بذلك عليه السلام أن يفكر القوم بعقولهم لا بعقول غيرهم بمعنى هذه العبارة .
الزمان هناك هو الزمان هنا , والمنكر نفس المنكر حيث لا يتناهى الباطل عن باطله , ولكن الأدهى من ذلك حين ينعكس الأمر فيكون المنكر معروفا والمعروف منكرا , نتيجة علة الإسلام السياسي الذي يطوع النص والشرع حسب الرؤية السياسية والوضع الآني , ولذا محنتنا ممضة وصعبة مستصعبة وفك رباطها يراد له كم هائل من التوعية المقننة للقادة قبل الرعية المنقادة لهم .
فإذا كان القائد جاهل بحقيقة الوضع فبالإمكان توعيته وإن كان عالما به متماه معه فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , يبقى العمل على قاعدته المشوشة وهنا تزيد الصعوبة حين تكون القاعدة مقدسة له بمستوى الإمام المعصوم حيث الخلط الذي خلقه إعلام الحزبية المقيتة وأشباه المؤمنين من الحواشي الغواشي.
إني أفقه عمق المحنة التي وقع فيها مصلح الظالم القاتل ومدى عمق الحفرة التي صنعها له عدوه وأوقعه فيها فلم يجد غير أن يعترف أمام نفسه بالوقوع وأمام قاعدته بالحنكة والصمود أمام العدو , وهي مشكلة تزيد الأمر تأزما وذلك لن اعتماد الحراك على هذه القاعدة التي إن لم تكن واعية للحقيقة فإن مردودها يكون عكسيا على القائد نفسه والمقود والمشروع ومشاريع الآخرين أيضا والمستفيد الوحيد من ذلك هو العدو عدو الجميع .
ربما تبرر السياسة الكذب والدجل والزيف للجمهور وتجعل محك الحقيقة ووضوحها بينه وبين العدو , الإثنان اللذان يعلمان تمام العلم حقيقة القوة بينهما وحقيقة الأمور , فالظالم جعل له قاعدة غبية تؤمن بكل ما يقول ضاربة دينها عرض الحائط لأنها تجد أن الدين يتجسد فيه وكذلك المصلح للظالم استعمل نفس الأسلوب مع قاعدته وهي سياسة معاوية ولقد نجح الإثنان في لم أكبر عدد من الرؤوس حولهما .
بالتأكيد ما سينتج بعد هذه الخلطة المروانية لن يكون إلا ضد المعروف ومع المنكر لأن ما بني شيء على باطل إلا وكان نتاجه باطل , وهذه هي الأرض الخصبة اليانعة للظالم حيث يقطف من شجر الإصلاحي ما يشاء لأن القاعدتان بنيتا على الباطل ولن يستفيد منها إلا الباطل ومن تعاون معه , أما الموهومون بالحق سيُسحقون بعدها في أرض سياسية ليست أرضهم ومرتع لا يرتع فيه أمثالهم وهنا يكون الصراع أزليا إن لم يوقفه الوعي الديني والأخلاقي قبل الوعي السياسي البحت .
علي الستراوي
منقول من (وكالة أوال للأنباء)