كلمة حق في واقع يحيط به الباطل
 

سألت قبل فترة ماذا تفضل ، اسقاط النظام او اصلاحات سياسة.
فاجبت ان كانت المسألة هي ما افضل فانا افضل اسقاط النظام والقبض على هذه العصابة ومحاكمتها، محاكمة ليس من خلال القضاء بل من خلال محاكم ثورية.
ولكن هذا يبقى ما افضل وما اتمنى، بينما لو كان السؤال هو على ماذا تعمل حاليا، فسيكون الجواب بانني اعمل على الوصول الى اقصى ما يمكن الوصول له من حقوق لهذا الشعب.

هل تراني منبطح او مهزوم وانا اقول هذا ؟؟
طبعا لا، فانا استطيع الجلوس خلف شاشة الكمبيوتر والعن الوفاق ليل نهار والعن حمد وكل من يرضى بحمد وببقاء حمد، لكني لا افعل ذلك وعوضا عنه احاول العمل من اجل تحصيل الحقوق والسبب بسيط وهو انني بالقول دون العمل لن احقق شيء وحمد لن يسقط وانا اكتفي بالقول يسقط حمد ومن اراد حمد.

ايها الاحبة هناك واقع ملموس مفاده ان الثوار للاسف الشديد تراجعوا الى داخل القرى، وان كثيرا منهم جلسوا يتابعون السياسة وما يجري فيها، يحاولون فهمها عوضا عن سوقها هي ومن يمارسها لتسير نحو خياراتهم كما حصل في فبراير من العام الفائت.
هناك واقع ملموس ايها الاحبة، فيه 100 منظر للثوار مقابل عشرة ثوار يراد لهم ان ينفذوا خطط المنظرين.
هناك واقع ملموس ايها الاحبة فيه عدد كبير من الثوار يكتفي بالثورة من خلال الصراخ يا منتقم
هناك واقع ملموس ايها الاحبة فيه الثوار في الشارع يصابون بشكل يومي وانا لم استطع وخلال اشهر من محاولات جمع التبرعات لعلاجهم الا جمع مبلغ اقل ما يقال فيه انه تافه.
هناك واقع ملموس ايها الاحبة وهو ان الثوار وفي قرى عديدة يتوقفون عن استعمال الملوتوف احيانا لانهم لا يستطيعون جميع مبلغ تافه لشراءه.
هناك واقع مزري يعيشه بعض منظري الثورة حيث وبدل البحث في اسباب تقوية الحراك الثوري بقوا يسبون ويلعنون السياسيين.
هناك و هناك وهناك .

ايها الاحبة، ان اردتموها ثورة عارمة تقتلع الاخضر واليابس، فالشارع موجود والهدف معلوم، ولكن هذا الامر يحتاج الى عمل لا الى تنظير، ويحتاج الى استعداد لبذل النفس والمال لا الى الجلوس حلف شاشات الكمبيوتر حيث انه وفي بعض الاحيان يكون عدد متابعي تغطية حدث ما في الانترنت يفوق باضعاف عدد المشاركين في هذا الحدث.

لا ازال اذكر في يوم اعلان اول امير من امراء الدوار عن نيته الذهاب الى حيث مولد ثورتنا كيف تعالت الاصوات ( كلنا معك ) ولكنه وفي ذلك اليوم وجد نفسه وحيدا يسير بمفرده الى المرتزقه بلا ناصر ولا معين.

لا ازال اذكر اول حضور لي في تقرير المصير ( لن اذكر المنطقة ) وكيف كان العديد من اهالي تلك المنطقة يخاطبوننا ونحن نفر من المرتزقة ( اذهبوا من هنا لماذا تجلبون مصائبكم الينا ) وذلك بدل فتح بيوتهم لنا.

لا ازال اذكر المئات الذين لبسوا الاكفان وكتبوا عليها انا الشهيد التالي واتساءل اين هم.

لن اقلل من شأن ما قدمه هذا الشعب من تضحيات، ولكن في نفس الوقت لن اعظام ذلك واقول، حسنا قدما ثمن كاف لاسقاط النظام فلنجلس الان وعلى النظام ان يسقط، فنحن ان اردنا فعلا اسقاطه فعلينا ان نوجه نظرنا الى الامام ومن ثم نبدأ المسير دون ان نهتم لـ ( كم ) التضحيات التي سنقدم.

نعم نحن قدمنا تضحيات، وتضحيات كبيرة، ولكننا لم نصل بعد بل اجزم واقول باننا لن نصل ابدا وهذا هو وضعنا وواقعنا وحالنا، وصدقوني حين اقول ان مع وضع كهذا فان السياسيين هم من سيتقدم المسير وهم من سيأخذ هذا البلد الى حيث يشاء، واللوم هنا لا يقع عليهم قدر ما يقع على مخالفيهم، فهم لن يستطيعوا شيء ان كان الطرف الثاني اقوى ولكنهم سيستطيعون فعل كل شيء مع هذا الواقع.
هم لم يعدونا باسقاط النظام، بل كان هدفهم ومنذ اليوم الاول هو بلوغ اقصى ما يستطيعون من تحصيل الحقوق عن طريق اصلاح هذا النظام، وقد عملوا من اجل تحقيق هذا الهدف ولا يزالون، بينما الطرف الآخر وللاسف اقول بقي يلعن هذا الظلام الذي يراه بدل ان يقوم من مكانه ليشعل شمعة يبدد بها هذا الظلام.


العنوا السياسة والسياسيين قدر ما تشاؤون ولكن ان اردتم سقوط المشروع السياسي للجمعيات فلابد ان يكون مشروعكم المقابل جاهز ويعمل عليه، فلا يجوز ابدا تسقيط مشروع بلا وجود البديل، ولا يجوز ايضا ان يكون هذا البديل مجرد شعار خاوي وفارغ وحالم.


ملاحظة :
هذا الموضوع مستوحى من احد ردود الاخ ينبد الطائفية