الصين تزحف اقتصادياً على أوروبا
 

الصين تزحف اقتصادياً على أوروبا
صوفيا ـ جورج حداد*

كتبت جريدة "فايننشال تايمز" ان الصين ضاعفت توظيفاتها في أوروبا ثلاث مرات في السنة الماضية. حيث بلغت قيمة التوظيفات الصينية المباشرة في القارة العجوز نحو 10 مليارات دولار سنة 2011. وحسب دراسة اعدتها الشركة الاستشارية Rhodium Group وبنك الاستثمار الصيني CICC، فإن الشركات الصينية هي في مرحلة الاعداد لحملة واسعة النطاق لشراء الأصول الأوروبية، وهو ما يحتمل أن يصل اجماليه الى ما يتراوح بين 250 و500 مليار دولار حتى سنة 2020.

وفي رأي بعض الخبراء ان ذلك يعتبر تحولاً في سياسة التوظيفات الخارجية للصين، التي كانت تتمحور حتى الآن حول السوق المالية الأميركية. ويأتي هذا التحول في انسجام تام مع المخططات الروسية للتقارب الاقتصادي مع أوروبا، بهدف استراتيجي بعيد هو إبعاد أوروبا تدريجياً عن المحور الاميركي.
http://www.alintiqad.com/uploaded1/e.../euchina02.jpg
وبشكل عام فإن الحجم الاجمالي للتوظيفات الصينية الخارجية لا يزال ضئيل الحجم بالقياس الى حجم الاقتصاد الصيني. وبحسب رأي الكثير من المحللين فإن بكين تتجه نحو الحصول على الكثير من المكاسب من الخارج، وأوروبا في الوقت الراهن هي جذابة جداً. وتبدي الشركات الصينية على الاغلب اهتماماً كبيراً بشراء التكنولوجيا المتطورة الاوروبية، والماركات المشهورة، والانتاجات ذات المستوى الرفيع. وتقوم السلطات الصينية بتشجيع الشركات على تقوية حضورها في الخارج، من أجل ان تصبح أكثر قدرة على المزاحمة. وهذه هي طريقة من أجل تنويع الاحتياطات بالعملات الأجنبية للصين التي تبلغ 3،2 تريليون دولار، وتوظيفها في اصول اكثر عائدية.

في شركة A Capital يتوقعون ان ترتفع التوظيفات الخارجية الى 800 مليار دولار حتى سنة 2016. وحسب معطيات هذه الشركة فإن اوروبا كانت تمثل الهدف الثاني، بعد اميركا الجنوبية، للتوظيفات الصينية خلال الثلاثة اشهر الاولى من سنة 2012. والحجم العام للتوظيفات الخارجية الصينية للفترة المشار اليها بلغ 21،4 مليار دولار، منها بالكاد 1،7 مليار دولار وجهت الى اوروبا.

ومن جهة ثانية تقول النشرة الالكترونية الصينية "تشاينا دايلي" ان الصين شرعت في توسيع تعاونها مع بلغاريا في حقل صناعة السيارات، والطاقة، والزراعة، والسياحة وغيرها من القطاعات.

وقد اجتمع رئيس الوزراء الصيني فون تسياباو الاربعاء الماضي مع زعماء رومانيا، الجبل الاسود، كرواتيا، هنغاريا، سلوفاكيا، ليتوانيا، استونيا، مقدونيا، البانيا وبلغاريا في اطار اللقاء بين الصين واوروبا الوسطى والشرقية. كما قام بزيارة لمدة يومين الى بولونيا وشارك يوم امس في الندوة الاقتصادية الاقليمية، التي كانت تجري بحضور قادة حكوميين من البانيا، البوسنه والهرسك، تشيخيا، استونيا، هنغاريا، لاتفيا، ليتوانيا، مقدونيا، الجبل الاسود، رومانيا، صربيا، سلوفاكيا، سلوفينيا والمضيفين البولونيين.
http://www.alintiqad.com/uploaded1/e.../euchina01.jpg
حتى سنة 2010 كانت الاستثمارات الصينية في بلغاريا لا تتعدى فبركة لصناعة الزجاج، حقلاً لانتاج الطاقة الشمسية، وبعض المصانع لانتاج اجهزة التلفزيون واجهزة التكييف. وبالاجمال كانت الرساميل الصينية الموظفة في بلغاريا في الفترة من 1996 ـ 2010 اكثر بقليل من 17،5 مليون يورو. وفي سنة 2011 لوحدها تجاوزت التوظيفات الصينية في بلغاريا مبلغ الـ 70 مليون دولار، حينما دخلت التوظيفات قطاعي صناعة السيارات والزراعة. وهذا ما دفع السفير الصيني في بلغاريا غويو ييدجوي الى التباهي بأن الزيادة بلغت نسبة 320%. وفي المرحلة ذاتها زادت التوظيفات الصينية في القارة الاوروبية بنسبة 53%، في حين انها زادت في دول الاتحاد الاوروبي بنسبة 94%. وحسب المعطيات الصينية الرسمية فإن اكبر التوظيفات الصينية في الاقليم كانت في رومانيا ـ 2،6 مليار يورو؛ في كرواتيا ـ 1،1 مليار يورو؛ وفي بلغاريا ـ 630 مليون يورو.

وقد عبرت بضع شركات صينية عن الرغبة في المشاركة في بناء نفق تحت قمة شيبكا. وحسب المشروع المعروض فإن النفق العتيد ينبغي ان يتم انشاؤه خلال الـ 3 ـ 4 سنوات القادمة، وان يربط القسمين الشمالي والجنوبي من بلغاريا. وستعمل الصين وبلغاريا على تقوية التعاون فيما بينهما في الحقل الاقتصادي، ومصادر الطاقة المتجددة، والزراعة، والتجارة والثقافة.

وعُلم انه حتى سنة 2015 ستوظف الصين في بلغاريا 1،5 مليار دولار، وسيتم صرف المبالغ للشركات الصينية المعنية، من قبل بنك بكين للتنمية. وسيتم توظيف هذه الرساميل في قطاع الطاقة، والبنية التحتية، والزراعة، وفي التعليم وفي الطب البديل، حسبما صرح به فيكتور أزمانوف، رئيس الغرفة التجارية ـ الصناعية البلغارية ـ الصينية.

وقد اضاف أزمانوف انه من جهة اخرى سوف تطلق الصين سلسلة قروض بقيمة 10 مليار دولار. وستنفق هذه القروض لاجل تحسين المناخ الاقتصادي في اوروبا الوسطى والشرقية. والفكرة الاساسية الكامنة خلف هذه القروض هي ان تتمكن بلدان هذا الاقليم من تحسين شروط تصدير منتوجاتها الى الصين، وزيادة التبادل السلعي بين دول الاقليم والصين كي يصل الى 100 مليار دولار سنوياً. علماً ان حجم التبادل السلعي حالياً بين الطرفين هو 52،9 مليار دولار، والسلع الصينية المستودرة الى الاقليم هي اكثر بعشرة اضعاف.

*كاتب لبناني مستقل
http://www.alintiqad.com/essaydetail...id=62617&cid=4