منتدى استراحات زايد - حق تقرير المصير : توحيد المعارضة وإسقاط السلطة

تقريرالمصير : توحيد المعارضة وإسقاط السلطة

عباس المرشد

قبل حوالي العام أطلق إئتلاف 14 فبراير فعالية حق تقرير المصير ((self-determination)) كشعار وكرؤية سياسية تختزل مفاتيح حل الأزمة المزمنة في البحرين. حق تقرير المصير جاء بمثابة منطقة وسطى يمكن لقوى المعارضة أن تجتمع عليها دون أن تخسر أيا من القوى جزءا من رؤيتها السياسية إذا ما أرادت أن توجد حل جذري لأزمة البحرين. فحق تقرير المصير بسقفه الأدني يعني إعطاء الشعب حق اختيار نظامه السياسي وشكل حكومته وهو الحد الذي يتفق مع الحد الأدنى لما عرف لاحقا بوثيقة المنامة المعبرة عن رؤية وتطلعات القوى المعارضة الرسمية ممثلة في الجمعيات السياسية الموقعة على الوثيقة.

التفاعل والاستجابة لحق تقرير المصير جاء من أعلى مستوى في القيادات الروحية والسياسية حيث عبر الشيخ عيسى قاسم في العديد من خطبه وأحاديثه عن شرعية طرح عنوان تقرير المصير بل إنه دعا أكثر من مرة لحق تقرير المصير كمخرج سياسي يجنب البلاد أزمات متراكمة. من جانبه فقد استشعر النظام خطر تركيز مسألة حق تقرير المصير وإمكانية طرحها كشعار موحد تجمع عليه القوى السياسية فبادر لإعلان الحوار الوطني واستخدام ورقة الحوار كوسيلة للتهرب من التزاماته السياسية والحقوقية. في حين بقيت الجمعيات السياسية المعارضة متحفظة على تصعيد مطالبها وتبني حق تقرير المصير انطلاقا من رؤية قانونية دولية تقضي بصعوبة إن لم يكن استحالة موافقة الأمم المتحدة كجهة دولية مسئولة على إجراء حق تقرير المصيرفي البحرين متمسكة " الجمعيات" بالمنظور الدولي والإقليمي لأزمة البحرين.

الآن وبعد عام من استهلاك ورقة الحوار وإمكانية التوصل لأنصاف الحلول بالتفاوض مع النظاملم يعد مطلب حق تقرير المصير مطلبا خياليا أو حلما خصوصا وأن نظام الحكم قد استنفذ كل الوقت في الترتيب لحوار مجهول وغامض ومن غير المتوقع أن يثمر عن نتائج ترضي طموح تطلعات الشعب هذا إذا عقد فعلا وتخلص النظام من التبعية السعودية.

من الملاحظ هنا أن أدبيات المعارضة والخطاب الرسمي للمعارضة ركز كثيرا على فضح أوراق النظام في محاصرة الثورة والإجهاز عليها وسرد في ذلك تفاصيل أوراق عديد مثل البلطجية والطائفية إلا أن الأخطر هنا من البلطجية والطائفية هي ورقة الحوار التي يتستر بها النظام كلما زاد الخناق عليه وزادت محنته.

مرجعية حق تقرير المصير

لقد تحركت ثورة 14 فبراير منذ انطلاقتها من مرجعية حقوقية دولية والتزمت بها كإطار حقوقي وقانوني وذلك من خلال تبني السلمية كوسيلة وحيدة لتحقيق المطالب دون الإخلال بمدا الدفاع عن النفس وإذا ما طرح حق تقرير المصير فإن المرجعية الدولية تؤكد على هذا الحق عبر قرار الأمم المتحدة رقم (2955) حول حق الشعوب في تقرير المصير والحرية والاستقلال وشرعية نضالها بكل الوسائل المتاحة لها والمنسجمة مع ميثاق الامم المتحدة. وفي قرارها رقم(2070) بتاريخ 30/11/1973 طلبت من جميع الدول الاعضاء الاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها واستقلالها وتقديم الدعم المادي والمعنوي وجميع انواع المساعدات للشعوب التي تناضل من اجل هذا الهدف. وقد وسعت الامم المتحدة من نطاق تطبيق حق تقرير المصير وجعلته احد حقوق الانسان الاساسية كما جاء في العهدين الدوليين في 16/12/1966م الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية واصبح العهدان نافذا المفعول منذ عام1976م حيث تم النص في المادة الاولي من العهدين علي حق تقرير المصير بنص واحد موحد وهو" تملك جميع الشعوب حق تقرير مصيرها وتملك بمقتضي هذا الحق حرية تقرير مركزه االسياسي وحرية تأمين نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي".

إن حق تقرير المصير الذي يمكن أن يكون أرضية تماسك قوى المعارضة وتوحدها أمام آلة البطش والدجل يرتبط بما هو مقرر في القوانين الدولية بمجال واسع تمثل فى حق الشعوب فى اختيار شكل الحكم والطموحات السياسية او اختيار النظام السياسى والاقتصادى والاجتماعى والثقافى بدون تدخل خارجى . ومن ثم فان الاستفتاء يشمل فى هذه الحالة عدة مجالات مختلفة تشمل الدستور وتعديلاته والقوانين وسياسة الحكومة وترشيح رئيس الدولة، وغير ذلك من الموضوعات بالاضافة لاستفتاءات اتجاهات الرأى العام بالنسبة لموضوع او قضية معينة.

إن حق تقرير المصير لأي شعب من شعوب الأرض هو أمر كفلته كل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية، وقبل ذلك أكدت عليه الشرائع السماوية المعروفة. وأنه لا يجوز إجبار الناس على الرضوخ لما لا يرتضونه ويقبلون به، فلابد من أخذ رأي وموافقة الجماهير في نظام الحكم الذي تقبل به وترتضيه على أراضيها وبما أن شعب البحرين لم تتح له الفرصة الحقيقية والفعلية طيلة نصف قرن مضى في التعبير عن نظام الحكم الذي يرتضيه ويقبل به على أراضيه فلابد من إعطائه هذه الفرصة وهذا الحق المشروع، وهي مسألة بديهية ومنطقية وتتفق مع العدل والإنصاف. ولذلك يعتبر مضمون وآلية (حق تقرير المصير) هو أفضل وسيلة لحفظ الحقوق للمكونات.
وربما احتاج الوضع لوضع المزيد من تفاصيل تدشين هذه الرؤية السياسية والإمكانيات المتاحة لها عمليا وكيف تتحقق على أرض الواقع وهو ما سأتناوله لاحقا