لماذا الموت لاميركا ؟!
 

بقلم: محمد جواد ارویلي

الانسان كائن حي خلقه الله تعالى واودع فيه قابليات ذهنية وروحية ونفسية هائلة كي يهتدي الى مقاصده واهدافه الدنيوية والاخروية .
ومن الامور المهمة التي دعا الله سبحانه عباده الى الالتزام بها تولي اوليائه والتبري من اعدائه اذا ما ارادوا الصلاح والفلاح في الدنيا والاخرة .
في هذه المقالة نسعى لبيان جانب مما يهدف اليه شعار الموت لامريكا على ضوء مفهوم التولي والتبري الآنف الذكر .
ولابد لنا من التنبيه اولا الى ان هذا الشعار لا يستهدف الشعب الامريكي في اطاره الجغرافي والقومي بل يستهدف حكوماته الظالمة والمستكبرة شريطة ان لا يشارك الشعب الامريكي حكوماته في هذا الظلم بشكل مباشر او غير مباشر .
ولابد ثانيا من ان نؤكد ان جذور هذا الشعار مستوحاة من القرآن الكريم . كالآية 36 من سورة النحل : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ .
فالآية الشريفة تتحدث عن وجوب اجتناب الطاغوت وتقرنه بوجوب عبادة الله سبحانه وتعالى . وتدعو الى الكفر بالطاغوت كما تدعو الى عبادة الله . ولا يخفى ان الطاغوت الاكبر متمثل اليوم بالحكومة الامريكية واذنابها بسبب ظلمهم وعدوانهم على العباد في مشارق الارض ومغاربها .
ومن البديهي ان تبني شعار الموت لامريكا يستوجب التحرك الدؤوب في التصدي لمقارعة ظلم اميركا وتجبرها والتعجيل بسحق ماكنتها وامكانياتها لمنعها من سحق ارادة الاخرين والهيمنة على مقدراتهم وثرواتهم ، ويرفض تبني هذا الشعار الجمود والانتظار السلبي والركون الى الظالمين بحجج واهية ما انزل الله بها من سلطان .
واما الاكتفاء بالبراءة من امريكا بالاقوال دون الافغال فلن يغير من الواقع شيئا ما لم تقترن هذه الاقوال بالتحرك الحثيث وبكل الوسائل لالحاق الهزيمة بها وتطهير الارض من شرها وفسادها .
ومماشاة الطاغوت – التي هي بحد ذاتها ذنب كبير- لا تقتصر على اتباعه في فكره ومنهجه بل تتعداه الى مساعدته وتبرير جرائمه والسكوت عن ظلمه وتمني بقاءه والتبسم بوجهه واحترامه والسفر لرؤيته وغير ذلك . فهذه كلها ذنوب عظيمة يتحمل وزرها العبد وسيحاسب عليها اشد الحساب يوم القيامة .
وقد اقتضت الارادة الالهية ان يؤول الطاغوت الى الزوال مهما تجبر وتفرعن في الارض كما وعد الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ” فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ” الرعد 17 “
* وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ” الاية 81 من سورة الاسراء .
الا ان المؤسف حقا ان ينتظر الناس زوال الطاغوت بعد ان اصبحوا اعوانه على انفسهم ومكنوه من رقابهم ولم يعملوا بما امر ربهم ” أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ “
ولو امعنا النظر في كلمة التوحيد ” لا اله الا الله ” لوجدنا انها تدعو الى نفي جميع الطواغيت كي يتحقق التوحيد الصادق والاّ فلا توحيد حقيقي دون نفي هذه الالهة الزائفة . وكما لا يجتمع العدل والظلم في مكان واحد فان حب الله سبحانه وحب غيره لن يجتمعا في قلب واحد ” مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ” الاية 4 من سورة الاحزاب .
وهكذا لا يمكن ان تكون الكعبة قبلة للمسلمين والى جنبها تعبد الاصنام . ولهذا امر الله سبحانه بتحطيم هذه الاصنام لاستحالة اجتماع الحق والباطل في مكان وزمان واحد .
ولكن الاعداء لازالوا يمنون انفسهم بيوم يتخلى فيه جميع المسلمين عن عقائدهم واخلاقهم الاسلامية الصحيحة ويكتفوا بعبادات وشعائر ظاهرية من دينهم دون الالتفات الى مضامينها واهدافها الحقة التي تؤكد ضرورة اجتناب الطاغوت ومقارعته بشتى الوسائل والسبل . ” ودُوا لوْ تدهنوا فيدهنون ” الاية 9 من سورة القلم .
الا ان شعار ” الموت لامريكا والموت لبريطانيا والموت لاسرائيل ” الذی يهدف الى مكافحة هذا المعنى بالذات لن يدع مجالا لمثل هذا اليوم ان يتحقق طالما هناك مؤمنون آمنوا بربهم وادركوا ان لا ايمان كامل لهم الا بمحاربة اعداء الله والطواغيت وعلى رأسهم اميركا المجرمة .
ولا يمكن ان يجتمع في قلب اي مسلم واع وقلب اي انسان حر شريف محبة الباطل والمنكر اذا ما كان حقا يسعى لنيل الحرية والكمال الانساني . اذ ان نبذ الطاغوت هو من اولى مقتضيات هذا السعي كي تتحقق الحياة الالهية الحرة الكريمة .
وقد حذر القرآن الكريم من المنافقين الذين يخشون مواجهة الطواغيت ويخوفون الاخرين بهم ، مؤكدا ان هذا الخوف نابع من الوساوس الشيطانية ” إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ “ الاية (175) من سورة آل عمران .
فالمؤمنون الصادقون لا يخشون كثرة الاعداء بل يزداد ايمانهم لمواجهتهم دون هوادة نصرة لدينهم وعقيدتهم ومبادئهم الالهية الحقة ” الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ” الآيتان 173 و 174 من سورة آل عمران ، لان الذي وعدهم بالنصر هو الله تعالى جلت قدرته .
يا ايها الذين آمنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم . ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز .

http://iranarab.net/2011/11/%D9%84%D...%D8%AF-%D8%AC/