منتدى استراحات زايد - لبيك يا فقيه أم لبيك يا وطن !

لبيك يا فقيه أم لبيك يا وطن !

إنطلقت ثورة 14 فبراير المجيدة من ثوابت وطنية متينه ومتجذره في مسار النضال الوطني الممتد إلى العشرينات من القرن الماضي في مواجهة الاستعمار البريطاني والاحتلال الخليفي ، وفي السعي الحثيث نحو تحقيق الدولة المدنية الديمقراطية .

لذلك كانت ثورة 14 فبراير في مطالبها وشعاراتها وفعالياتها تتسع لكل الوطن وتشمل كافة البحرينيين المنادين بدولة الحرية والديمقراطية والمساواة . وهي ثورة إرتبطت بعمقها العربي من خلال ما أصطلح عليه بثورات الربيع العربي التي قادها شباب ثائر من خارج رحم الأحزاب والقوى السياسية العربية التقليدية الهرمة والمتخاذلة مع الأنظمة العربية المستبدة . لذلك شعرت السلطة في البحرين بخوف شديد من تنامي شعبية ثورة 14 فبراير بين كل البحرينيين ، بما فيهم أهل السنة الذي كان تحرك محمد البوفلاسة جرس إنذار مبكر للسلطة من خطر هذه الثورة عليها ، مما دفعها سريعا لضرب هذه الثورة الوليدة ، غير أن السلطة نجحت في إضعافها وفشلت في القضاء عليها .

سعت السلطة ومواليها لتشويه صورة ثورة 14 فبراير عبر إلصاقها التهم الباطلة بها ، مثل الطائفية والعنف والارهاب والتبعية لإيران ، إلا أنهم فشلوا في ذلك وسرعان ما إنكشف كذبهم للرأي العام الدولي . لكن من المثير للإستغراب أن التشويه لثورة 14 فبراير لم يأتي فقط من السلطة ومواليها ، بل أتى أيضا من قوى رئيسية في المعارضة البحرينية ، تحديدا من الخط الاسلامي المؤمن بولاية الفقيه ، أعني جمعية الوفاق ومرجعيتها الدينية المتمثلة في الشيخ عيسى قاسم . حيث بدى واضحا منذو مسيرة تسعة مارس 2012 التركيز المبالغ والمفرط حول شخص الشيخ عيسى قاسم من قبل الوفاقيين ، وتضخيمهم لكل ما تقوله السلطة في حق الشيخ ، والحديث لجماهير المعارضة عن مفاهيم بعيدة عن الخط العام لثورة 14 فبراير وعناوينها الوطنية الكبرى التي ضحى من أجلها جميع الشهداء والجرحى والمعتقلين ، كمفاهيم لبيك يا فقيه والقيادة الدينية والقيادة الشرعية والطاعة للفقيه ... .

لابد من التساؤل ، ما دخل لبيك يا فقيه في كل تحركات الوفاق الأخيرة في العمل السياسي الوطني المعارض ؟! لبيك يا فقيه أم لبيك يا وطن ؟ هل إقحام شعار لبيك يا فقيه يجعل من ثورتنا وطنية واسعة تشمل جميع البحرينيين أم تعطيها صبغه طائفية ضيقة لا داعي لها ؟

من حق الوفاق وأنصارها أن يؤمنوا بولاية الفقيه ، وأن يختاروا مرجعيتهم الدينية وفقيههم وأن يلتفوا حوله ويصبغونه بهالة من القداسة ، كما هو حق لسائر البحرينيين كافة بمختلف مشاربهم ، إلا أنه لا يجوز للوفاق أو غيرها من تشويه وإضعاف العمل السياسي الوطني المعارض بوضعه في أطر حزبية ومذهبية ضيقة غير جامعة لكل البحرينيين الأحرار في مواجهة الحكم الخليفي الظالم والمستبد .

القضية في البحرين هي قضية وطن لا فقيه ، ومشكلة سياسية حقوقية وليست دينية أو مذهبية ، وهي نضال شعبي وطني من أجل التخلص من الحكم الخليفي الدكتاتوري وتحقيق الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها جميع البحرينيين بمختلف معتقداتهم وأعراقهم ومذاهبهم الدينية ومشاربهم الفكرية . فكفى تشويها لمطالب ومبادئ وشعارات وأحلام ثورة 14 فبراير المجيدة .