منتدى استراحات زايد - جريدة عروس الاهوار السويسرية: غاندي البحرين...عبد الهادي الخواجة

غاندي البحرين...عبد الهادي الخواجة......محمد حسن الموسوياذا كان من حق الهنود الفخر بالمهاتما غاندي, فمن حق العرب والمسلمين اليوم الافتخار بالناشط الحقوقي البحريني عبد الهادي الخواجة, غاندي القرن الواحد والعشرين, الذي يمارس اضرابا مفتوحا عن الطعام منذ ما يزيد على الشهرين احتجاجا على الممارسات القمعية التي ترتكبها السلطات البحرينية بحق الشعب البحريني الثائر الذي نزل الى الشارع في حركة احتجاجية سلمية منذ عام ونيف مطالبا بحقوقه المشروعة في الحرية والديمقراطية والتوزيع العادل للثروات, وانهاء سياسة التمييز الطائفي التي ينتهجها النظام الحاكم هناك.المهاتما غاندي هو مؤسس مدرسة اللاعنف في العمل السياسي المقاوم ورائد هذه المدرسة التي تحولت الى انموذج فريد للمطالبة بالحقوق من دون اراقة دماء ولهذا اتخذ من تاريخ ولادة هذا المناضل الفذ والذي يصادف الثاني من اكتوبر يوما عالميا للاعنف يحتفل به من كل عام, والمهاتما تعني الروح العظيم او القديس او صاحب الروح العظيمة , وكان اول من اطلق هذا اللقب على غاندي فيلسوف الهند وشاعرها القدير طاغور, ولم يخطيء طاغور بذلك فغاندي استحق وعن جدارة هذا اللقب فهو قديس وصاحب روح عظيمة مات شهيدا في سبيل قضيته ووطنه وامته وترك للبشرية جمعاء ميراثا غنيا في المقاومة السلمية. غاندي الذي يقول: (تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر).
وجه الشبه بين غاندي والخواجة عبد الهادي انهما اتخذا من الصوم السياسي سبيلا لتحقيق مايردانه, واعني بالصوم السياسي الاضراب عن الطعام تعبيرا عن موقف معين ورفضا للواقع السياسي المرير. الصوم السياسي من غاندي الى الخواجه امسى سلاح الضعفاء والمستضعفين الذين يبحثون عن الحرية وتحقيق العدالة الاجتماعية ورفع الحيف والظلم عن شعوبهم. الصوم السياسي سلاح يخافه الطغاة لانهم لايستطيعون فعل شيء امامه, فما الذي لطاغية متجبر اي كان هذا الطاغية احتلالاً ام حاكماً جائراً ام نظاماً سياسياً فاسدًا مستبداً ان يفعله امام ثائرٍ صائمٍ مضربٍ عن الطعام لأساب سياسية وحقوقية؟
المتدينون على مختلف اديانهم مارسوا الصوم كل بطريقته الخاصة, فلأصحاب الديانات السماوية صومهم, ولأصحاب الديانات الارضية صومهم, لكنهم جميعا بصومهم يمتثلون لتعاليم دياناتهم, اي انه صومٌ عباديٌ القصد منه العبادة والتقرب الى الله والمعبود بتطويع النفس على تعلم الجوع من اجل الشعور بما يشعر به الفقراء والجائعون, وكذلك فان للصوم العبادي فوائدهُ الصحية على الصائم ومن هنا جاء في الحديث الشريف ( صوموا تصحوا).
أما الصوم السياسي فله غايات واهداف اخرى, فهو وان كان ميدانه الجسم البشري ايضا الا انه يهدف الى تحقيق اهداف سياسية بالدرجة الاساسية غير التي يسعى لها الصوم العبادي وان كان كلاهما يعلمان الانسان قوة الارادة والتحدي والصبر. الصوم السياسي هو شكل من اشكال المقاومة السلمية, مقاومة اشد على الطغاة من مواجهتهم ومقاومتهم بالسلاح, لماذا؟ لان السلاح يقاوم بسلاح مثله, اما الاضراب عن الطعام فلا يمكن مواجهته بسلاح بل لا يمكن الصمود امامه وهذا ما فعله غاندي مع الاحتلال البريطاني يوم بدء عام 1932 بصيام حتى الموت رفضا لسياسات الاحتلال البريطاني الذي كان ينظر للهند على انها جوهرة التاج الامبراطوري البريطاني, وكذلك احتجاجا على قانون الانتخابات الذي كان يميزبين الناخبين الهنود, ونتيجة لاصرار غاندي على الصوم السياسي خضع الاحتلال البريطاني لرغبة غاندي وتم الغاء قانون الانتخابات التمييزي والتوصل الى اتفاقية عرفت بإتفاقية (بونا).
كانت هذه البداية وحينما وجد غاندي ان سلاح الصوم السياسي فعالاً قرر استخدامه في جانب آخر اكثر اهمية, وأشد وقعا وهو الجانب الاقتصادي حينما قرر مقاطعة المنتوجات البريطانية وبخاصة المنسوجات والأقمشة التي تنتجها المصانع البريطانية, وأتخذ على نفسه عهدا أن لايرتدي قماشا انتجته معامل الاحتلال البريطاني, فقررغزل ردائه بنفسه ومن القطن الهندي ولبسه فقلده اتباعه وقاطعوا كل منتج بريطاني مما أصاب الاقتصاد البريطاني بالشلل, انه الصوم الاقتصادي الذي يتخذ من المقاطعة الاقتصادية منهجاً ووسيلةً ناجعةً حتى تحقيق مقاصدها السياسية, والى هذا اشار الشاعر بقوله :
صام هنديٌ فجوع دولةً فهل ضار علجاً صوم مليون مسلم
ومن غاندي ننتقل الى الخواجة عبد الهادي, البحريني الذي سار على خطى غاندي فاتخذ من الصوم السياسي سلاحا لتحقيق اهداف الحركة الاحتجاجية الاصلاحية التي انطلقت في البحرين منذ مايزيد على العام, ولأن النظام البحريني الحالي هو صناعة بريطانية بإمتياز رأى الخواجة ان ينتهج اسلوب غاندي في مقاومته حيث وجد ان سلاح اللاعنف امضى من اي سلاح لتحقيق ما تصبو اليه الحركة الاحتجاجية في البحرين كما فعلها من قبل المهاتما في الهند.
هناك تشابه بين هند غاندي وبحرين الخواجه, انه التشابه في الظروف السياسية, فالهند يومها كانت تحت احتلال بريطاني مقيت وحكومة مسلوبة الارادة, والبحرين اليوم تقبع تحت احتلال سعودي اسمه قوات (درع الجزيرة) وحكومة محكومة من النظام السعودي, الأمر الذي ادركه الخواجة جيدا فقرر الاتخاذ من الصوم السياسي والاضراب عن الطعام ومن سياسة اللاعنف والتظاهر السلمي منهجا في مقاومة الاحتلال السعودي البغيض والنظام الخليفي الرجعي.
منذ اكثر من شهرين والخواجة في اضراب عن الطعام تسبب له بنحول في الجسد وتردي في وضعه الصحي, اضراب لم تستطع الآلة العسكرية القمعية السعودية_الخليفية كسره او تطويعه رغم كل قسوتها وهمجيتها في العامل معه, فما الذي يمكن للاجهزة القمعية ان تفعله مع انسان قرر الصوم حتى الموت, انسان لايهمه ان وقع على الموت او وقع الموت عليه, انسان حرٌ عشق شعبه ووطنه وقضيته التي نذر عمره لها, انه يعشق الشهادة ويسعى لها ويتمناها منذ ان قرر النزول الى الشارع مع الشباب الثائر, لايحمل معه من سلاح سوى سلاح الايمان بالله وبالحرية وما أعظمه من سلاح.
ان ثائراً سلاحه الايمان, ووسيلته الاضراب عن الطعام, ومنهجه اللاعنف, ورسالته السلام , وهدفه العدالة الاجتماعية للبحرين, كل البحرين, لابد من ان ينتصر كما انتصر غاندي من قبل فحرر الهند من براثن الاحتلال البريطاني. لا شك عندي ان يوم انتصار عبد الهادي الخواجة هذا الثائر الكبير على اعدائه بات قريبا, والى ان يتحقق ذلك اليوم فانني ادعو احرارالعرب والمسلمين وشرفائهم لإعتبار يوم اطلاق سراح الثائر الحريني عبد الهادي الخواجة يوما للاحتفال تحت عنوان اليوم العربي – الاسلامي للاعنف. (ويرونه بعيدا ونراه قريبا).

http://arusalahuar.com/mochtarat/men...-07-01-19.html