![]() |
الثورة .. طائفية! - الدكتور سيد عباس هاشم يعلم كل منصف أن وصم الثورة بالطائفية صادر عن النظام وعن أتباعه المتصملحين من وراء بقاء الإستبداد، أو بدوافع طائفية للمحافظة على التمييز الطائفي في مناصب ومراكز الدولة. وهي دعوى لم يصدقها منصف أبدا، حتى مع تصدي شخصية ذي وزن ثقيل كالشيخ القرضاوي حين زعم ظالما، أن الثورة في البحرين طائفية. وقد جالوا في البلدان، وبخاصة المنبر الإسلامي من أجل أن ينفرّوا الشعوب العربية من الثورة ويمنعوا من دعمها، وذلك بتكرار حوادث معدودة على الأصابع، تم منحها صبغة طائفية كذبا وتزويرا للحقائق، حتى أن الكذبة الكبرى، وهي قطع لسان مؤذن سني، طرحوها في تونس ومصر بصيغة الجمع: قطعوا ألسن المؤذنين السنة، واعتدوا على بنات السنة، وضربوا الطلاب السنة في جامعة البحرين. أما القرضاوي فقد أرجع سبب وصمه الثورة بالطائفية، لأنها ثورة شيعة ضد سنة، ولكنه أحجم عن توضيح هذه التخريجة السقيمة، إذ أن المعارضة حتى وإن كانت أكثريتها شيعية، ولكن كيف أصبحت ضد السنة؟ هل السنة هم الذين نهبوا حقوق الشيعة، وبالتالي فهي ثورة لاسترجاع الحقوق منهم؟ هل السنة هم الذين يحكمون والشيعة يودوا أن يحكموا مكانهم؟ الحكم قائم على التمييز الطائفي، ولكن ذلك بيد النظام وليس السنة. وأما الحكم، فهو ليس حكما إسلاميا سنيا، بل حكّام ينتسبون للمذهب المالكي السني، يحكمون بدستور نصفه علماني، فحتى الحكّام لا يدّعون انهم يحكمون باسم الإسلام السني، ولهذا من السخرية تطبيق نظرية ولاة الأمر بالمنظور الديني البحت عليهم، بغض النظر عن صحتها وخطأها في ذاتها، إذ يفترض أن الدستور هو الذي حدّد وظيفتهم ومكانتهم، بينما تتضمن هذه النظرية القفز العالي جدا على الدستور. وأما لكون الحكّام ينتسبون لأهل السنة، ولكون أكثر المعارضة، شيعة فلا يكفي لوصم الثورة بالطائفية، وإلا فماذا يسمي القرضاوي ثورة الخميني الشيعي ضد الشاه الشيعي؟ وثورة الشعب الليبي السني على القذافي السني؟ ثم أن الشيعة لم يطالبوا بحكم إسلامي شيعي، بل طالبوا بدولة العدل والمساواة، وديمقراطية الحكم من خلال تفعيل مبدأ (الشعب مصدر السلطات جميعا) وهو ما نصّ عليه ميثاق العمل الوطني، وذلك كحل وحيد للتخلص من الاستبداد بالثروة والقرار، فهل من وسيلة لأخرى كضمانة للتخلص من الاستبداد فعليا وشل قدرة النظام مستقبلا من تكرار استبداده وجوره الفاحش بممارسة القتل والتعذيب وانتهاك الأعراض من دون رادع كما جرى بعد قمع اعتصام الدوار؟ معايير طائفية الثورة وأرى إمكانية وصم الثورة بالطائفية إذا انطبق عليها أحد المعايير التالية: 1- أن تكون مطالبها طائفية 2- أن تكون شعاراتها وخطابها طائفيا 3- أن تكون ممارساتها طائفية (1) ومطالب المعارضة لا صلة لها بتمييز طائفة دون أخرى، لأنها مطالب تنشد الديمقراطية، غير أن الحقيقة التي يتوارى عنها الكثيرون، تتعلق بالتوجس من الأكثرية الشيعية التي ستصل في تصورهم إلى الحكم في حال تفعيل مبدأ (الشعب مصدر السلطات جميعا). وهذا الهاجس لا علاقة له بالخشية من أن يظلم َالشيعة السنة، لأن ممارسة السلطة تتم في إطار الدستور الذي يحمي العدالة ويفرض المساواة، وهكذا هي الديمقراطية. ولكن الهاجس الذي تم على أساسه زرع الشك القاتل في جزء كبير من الطائفة السنية، نابع من أحد أمرين: خدمة وحماية الاستبداد القائم، أو رفض المساواة بين الطوائف في مناصب الدولة بدافع طائفي بحت.المطالب (2) لقد دفع الغضب الثورة السورية لتبني شعارات طائفية تدعوا لإبادة العلوية، وتستعين بفتاوى ابن تيمية في تكفيرهم واباحة سبي ذراريهم وذلك لأن الحاكم علوي، بينما نعرف أن الكثير من الوزراء وغالبية أفراد الجيش الذي ينفذ العمليات العسكرية هم من الطائفة السنية. أما في البحرين، فعلى العكس، فالحكّام وأغلب الجيش وقيادات الأمن وأفراده من مارسوا الانتهاكات بمختلف أشكالها، ومن استغنموا مناصب المفصولين وجردوهم منها،..الخ، جلّهم محسوبون زورا على الطائفة السنية، ولكن أبت الثورة إلاّ تنزيه الطائفة السنية الكريمة عن هذه الفعال ورفضت احتسابها عليها. ولهذا اليوم، لم يصدر من خطاب المعارضة وما تردده حناجر المعارضين سوى شعارات التودد وتكريس الاخوة بين الطائفتين، وهذا هو حكم الشرع، إذ لا تزر الطائفة وزر فعال وممارسات أفراد منها مهما كثروا وزادت نسبتهم.الشعارات والخطاب وفي البحرين، يقوم أنصار النظام من مشايخ دين ممن يعلنون ولاءهم للحكم، بسب وشتم الطائفة الشيعية من على المنابر، وذلك من أجل جرّ الساحة لاصطفافات طائفية، إلا أن هذه الاستفزازات المدعومة رسميا والتي وصلت لدرجة محاولة منع مواكب العزاء، لم تستطع أن تجرّ المعارضة لاقتفاء الخطاب الطائفي، لأن المسألة واضحة، فذلك مراد النظام الذي لا تحرك نيابته دعاوى ضد أولئك النفر، وسببٌ لتشتيت الثورة عن مطالبها العادلة. (3) وإذا جئنا للممارسة، فمن المذهل أن لا تُسجل حتى حادثة طائفية واحدة من قبل المعارضين، مع كثرة ما أصاب مساجد وحسينيات الشيعة من اعتداءات، وكثرة خطف على أيدي رجال مدنيين، وربما وصلت المسألة لدرجة القتل في نقاط التفتيش في مارس وأبريل، إذ أبت الثورة بوعيها أن تحتسب هذه الحوادث إلا كونها حوادث مدبرة من قبل أطراف في النظام. بالتالي ومن أجل وصم الثورة بالطائفية، لم يبقَ للنظام وأبواقه والمتمصلحين من بقاء استبداده سوى تكرار أكذوبة قطع لسان المؤذن عرفان والتعرض لفتاة المرفأ التي لم تُصبْ بسوء وصدمت بسيارتها من كان يفسح لها المجال لتمرّ، بجانب قلب حقائق ما جرى في جامعة البحرين، وإظهار الضحية هو المجرم، والتغاضي عمن دخلوا بسلاحهم وتسببوا في تحويل الاعتصام الطلابي إلى صدامات.الممارسات ملاحظة هامة جداً: مع ذلك أرجو من القارئ ملاحظة التالي وهي ملاحظة مهمة جدا، وهي أن هذه الحوادث الثلاث التي ما فتأوا يجترونها بلا ملل ، قد حدثت بين 12-14 مارس، أي ثلاث حوادث في ثلاثة أيام، ولم تحدث قبلها ولا بعدها أي حوادث أخرى، فأين الممارسات والأعمال الطائفية طيلة أكثر من سنة كاملة من الثورة؟ وهل من العدل وصم ثورة بالطائفية بناء على ثلاث حوادث في ثلاثة أيام وحملها للخارج بلا حياء؟ ومع ذلك، هل يستيطع منصف أن يدّعي، أن هذه الحوادث صدرت بدوافع طائفية لاستهداف أهل السنة كما يكررون دوما؟ وأين الإنصاف أمام عشرات الضحايا الشيعة التي لم يقف قطار تساقطهم بعد؟ المصدر: شبكة فجر البحرين |
الساعة الآن 12:31 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By
Almuhajir