اغتصاب
 

السلام عليكم

لن احكي قصة اغتصاب لمؤمنة كما نعهد بالوجه الخاص ولكن هذه الكلمة المكونة من ستة أحرف تشمل أكبر من معناها المتداول ولكل جزئية فيها من الألم القدر نفسه للمعنى الأخص فيها , نحن حقيقة نعيش واقعا كله اغتصاب ولعل ما يهون ذلك الواقع المر أن هناك من رضي به وأن هناك من مسح الله على قلبه فأبى أن يرى هذه الحالة المستشرية ويسكت عن واقع مر يمض القلوب ويذيب الجلمود .

لست ممن يميل للتشاؤم على الإطلاق فإني تعلمت من سيدي الحسين عليه السلام صاحب الثورة التي لا يوجد بها أي سلبي على الإطلاق تعلمت منه آلاف الدروس في الصبر والأمل ولعل موقفا واحدا يغنيني عن الميول للشؤم والأياس والقنوط وذلك حينما رمى بدم الرضيع قائلا للسماء (إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى) وهي قمة التسليم لله عز وجل فمن يملك قلبا طاهرا كهذا الرجل لا مجال لأن يكون للتشاؤم مدخلا في قلبه , ولكن هي الحقيقة التي لا مجال لإخفائها على الإطلاق أننا نعيش الإغتصاب في أكثرمن منحى من نواحي حياتنا وثورتنا .

الحر يرى بعينه الإغتصاب ويأسف للمغتصَب ويحمل حرقة في قلبه لا يمكن إطفاؤها إلا إذا دافع المغتصَب عن نفسه من المغتصِب أو حاول ذلك إن لم تكن لديه القدرة أو أنكر ذلك في قلبه دون رضا على أهون الأمور وأقلها ولكن حينما يرى الحر بأم عينيه رضا المغتصَب فهي محنة كأداء وكذلك حينما يراه جاهلا ذلك فهي محنة أخرى تضاف إلى أخواتها , فأي محنة حقيقة يعيش الإنسان الحر ؟!

لا أنكر أن اغتصابا وقعه أخف من الآخر بعض الأحيان فلا يقارن العقار بالفرج ولا المال بحرية الكلمة فالأولان وإن كانا اغتصابا فهما بلا شك أهون من التاليان , أما الألم في كل اغتصاب يكون على حسب دين الإنسان ووعيه وغيرته فرب عقار لدى إنسان أغلى من شرفه فمن نمى المادة في فكره لا كمن نمى الغيرة والدين وهذا أمر غير مستغرب على الإطلاق والشواهد عليه في الدنيا كثيرة جدا .

قد أضع في موضوعي هذا حالة واحدة فقط من أنواع الإغتصاب في غير المعهود فتبادر لأذهان الأحبة قارئي مقالي كل أنواع الإغتصاب ما أعلم وما أجهل منها وبسرعة غير معهودة خصوصا ونحن في جو الثورة المنتصرة بإذن الله تعالى وفي وطيسها الحامي حين يكون فكر الثائر كله (حقوق) , بل ليس مبالغة مني حين يقرأ بعض الأحبة العبارة الأولى منه فتكفيه لمعرفة كل خفاياه دون أن يتعب نفسه أو يرهقها في قراءة الباقي منه.

الإغتصاب لفظ كريه جدا يكاد يكون ممجوجا لدى كل خلق الله عز وجل حتى البهائم منها ناهيك عن بني البشر بمختلف تلاوينهم وأديانهم وفكرهم , وإن اختلف وقعها فهي ممقوتة على أي حال وفاعلها شقي دعي مجرم والمفعول به مظلوم وظالم , فالمظلوم من رفض الفعل والظالم من تم عليه الفعل وبقي ساكتا دون أن يستنكر ومن قبل بالفعل من أجل مكسب أو من قبل به لقبول الإعتياد تحت حس العبودية .

حينما يتم اغتصاب الفكر سواءا عبر الدين أو فلسفة سفسطائية تقلب الحق باطلا والعكس , هي حالة تؤسس إلى حالات كثيرة من الإغتصاب وتمهد لقبول كل أنواعه حين يكون الهدف الأسمى هو لمن يغتصب الفكر فتكبر حينها عبادة الذات التي خرجت للدنيا مرتين مبال في مبال وحين يكون الحق في شخص لا في فكره , وهنا لا يمكن لأحد أن يعذر هذا المغتصَب فكريا لأن الله تعالى في محكم كتابه قال (وهديناه النجدين) وخير الإنسان للطريقين الحق والباطل وألزمه مصيره لأن الحجة لله بينة في هبة العقل للإنسان , قد يسألني البعض كيف نعرف أن فلانا مغتصَب فكرا ؟ , والجواب واضح وصريح فهو بين أمرين إما أن يخالف في فكره الفطرة التي فطر اللهً البشر عليها فيكون الأمر واضح للعيان من كل بني البشر أو أن يخالف شرع الله تعالى بمخالفة صراح أو مخالفة عن جهل وبعد إعلامه بها يصر عليها كمخالفة ولا ينثني عن المواصلة فيها , هذه الحالة خطيرة جدا والصراحة أنها اليوم واضحة ومعقدة لتجمد العقول عن الفهم أو عن قبول الإفهام , وأقل وصف يقال في صاحب هذه الحالة أنه مخمور بخمر التبعية وبيع الفكر والتعليب أو كما يصف البعض (قبول الإستحمار) , وكما أسلفت أن هذه الحال هي بوابة الدخول لقبول كل أنواع الإغتصاب ثم البناء على الأوهام , وهنا يتبادر لذي العقل سؤال مهم كيف تتم حالة الإغتصاب مع الرضى من قبل المغتصَب ؟

يتبع إن أمدنا الله في العمر

على صفحتنا

مظفر