الموقف مما يحدث في سوريا
 

يمكن القول عن نظام الحكم في سوريا أنه "جملوكية"، أي ملكية في صورية جمهورية. فبشار الأسد ورث الحكم عن أبيه حافظ الأسد العام 2000 بعد وفاة الأخير. حافظ بدوره أستولى على الحكم العام 1970 بعد أن قام بما يسميه "الحركة التصحيحية" داخل حزب البعث.

سوريا بلد نال استقلاله من فرنسا في العام 1946، ولكنه لم يشهد أي حياة ديمقراطية سليمة في تاريخه، وإنما سلسلة من الانقلابات العسكرية التي حدثت في الأعوام 1949 و51 و54 و58 و61 و62 و63 و66 وآخرها انقلاب حافظ الأسد في 70. بل كان هناك أكثر من انقلاب واحد في بعض السنوات. وبالطبع أيام الاستعمار الفرنسي لم تكن أحسن حالا.

النظام السوري أتخذ مواقفا معادية لأمريكا والهيمنة الغربية. أولا انتهج الاشتراكية كنظام اقتصادي فلم تجد الشركات الاحتكارية الأمريكية طريقها للسوق السوري. عوضا عن فتح مقرات وقواعد عسكرية لأمريكا كما تفعل دول الخليج، دعم النظام السوري المقاومة في جنوب لبنان والأراضي الفلسطينية. أيضا يحظى النظام السوري بعلاقات متينة مع إيران خلافا لبقية الأنظمة العربية التي تعمل على زيادة عزلة إيران. ولا ننسى أن النظام السوري تخاذل عن حماية الحدود مع العراق إبان الاحتلال الأمريكي مما سهل تسلل "المجاهدين" إلى العراق، الذين توجهوا أساسا لمقاتلة المحتل الأمريكي (وخاضوا بعد ذلك صراعا طائفيا ضد الشيعة)، وبذلك ساهم النظام السوري في أن يكون العراق مستنقعا غرق فيه الأمريكان.

كل هذا جعل إسقاط النظام السوري وإبداله بنظام موال لأمريكا هدفا للغرب. عندما جاءت ثورات "الربيع العربي" لم تكن هناك ثورة شعبية في سوريا. دمشق، العاصمة، وحلب أكبر مدينة في سوريا، ومناطق العلويين والمسيحيين والأكراد لم تشهد مظاهرات ضخمة. كل ما حدث هو مظاهرات في مناطق ريفية كدرعا ودير الزور، قمعتها القوات المسلحة السورية بعنف، ووكان هناك مئات القتلى، وربما يصل عددهم إلى بضعة آلاف. ولكن حتما الأرقام التي تنشرها المعارضة السورية غير صحيحة. ثم كان هناك"المجلس الوطني السوري" الذي يضم أطياف المعارضة التي تريد الوصول للسلطة، وما يجمع كل هؤلاء المعارضين ارتمائهم في أحضان الأمريكان والأنظمة الخليجية. ثم كان هناك "الجيش السوري الحر"، ولا أعرف وصفا لميليشيا تحارب الدولة غير: إرهاب.

هناك معارضة شريفة في سوريا لا شك. وعلى رأسها هيثم مناع، تريد أن تتحول سوريا إلى ديمقراطية. لكن ما نعرفه عن الجيش السوري الحر ومجلس اسطنبول "المجلس الوطني السوري" أن هدفهم هو إسقاط النظام السوري وإقامة نظام موال للغرب والأنظمة الخليجية، ووصول أفراد هذا المجلس إلى سدة الحكم. أما الديمقراطية فهي آخر همهم، وإلا لماذا يتحدث شخص مثل برهان غليون عن قطع العلاقات مع حركات المقاومة في وقت تحتاج الثورة الحقيقية لدعم هذه الحركات؟الغرب، الذي كان يطالب بإسقاط النظام، يبدو أنه لا يريد أن يغرق في مس

ما نعلمهم حتى الآن، أن الشعب السوري لن ينعم بالديمقراطية قريبا، وفرصة وجود ثورة شعبية حقيقية معدومة. الشعب السوري إما سيكون تحت حكم الأسد القمعي الداعم لإيران والمقاومة اللبنانية والفلسطينية، أو سيكون تحت حكم قمعي آخر داعم لأنظمة الخليج وأمريكا وإسرائيل.