سياسة الصمود/ ملاذ اللؤلؤ
 

خاص - ملاذ اللؤلؤ

سياسة الصمود

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله قاصم الجبارين، مبير الظالمين، مدرك الهاربين، نكال الظالمين صريخ المستصرخين، موضع حاجات الطالبين، معتمد المؤمنين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله... وعلى آله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم المؤبد على أعداءهم أعداء الدين ، إلى قيام يوم الدين.

قال رسول الله(ص): (( والله ياعم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه )).
هذه العبارة رد بها نبينا (ص) على قريش عندما وفدوا لعمه أبي طالب يريدون أن يتوقف الرسول (ص) عن دعوته فقالوا لأبي طالب قل لمحمد إن أردت مكانةً سيدناك علينا لا نقطع أمراً دونك، إن أردت مالاً جعلناك أغنانا، إن أردت زواجاً زوجناك أجمل بناتنا وكان رده (ص) قاصما لسعيهم فخرجوا منكسرين منصعقين لهذا الرد ، خرجوا وهم يعلمون علم اليقين أنهم لا يواجهون جبلا من الصمود ، بل إنهم يواجهون ملهم الصمود وصانعه.

لماذا سعت قريش للرسول (ص) محاولة إغراءه بالسيادة والمال والنساء ؟
الجواب يكمن في أن قريش كانت ترى ان الرسول(ص) كاذب وإنه يسعى لأحد هذه الأمور وثبات الرسول(ص) على موقفه برده هذا كان جزما بأن ما يسعى إليه ليس أمرا دنيويا وليس رغبه في جاه أو مال بل إنه تكليف رباني وعندما تأكدت قريش من هذا اتخذت قرارات وطبقتها وحاربته حربا شعواء لا هوادة فيها فحاولت قتله مرارا وقالوا إنه مجنون وقالوا إنه شاعر وقالوا إن ربه تركه وقلاه ورموه بالحراب وشجوا جبهته الكريمة وواجههم صلوات الله عليه وعلى آله بالثبات على الموقف واجههم بصموده الذي لم يسبق له نظير.

نعم ما نراه في واقعنا المر هو إن الصمود أصبحت كلمة مهجنة لا تتصل بالثبات بشيء وهذا ما يتضح جليا في موقف الجمعيات السياسي الذي يدل على خواء مواقفها السياسية ويدل على الإفلاس السياسي الإسلامي في مواقف الجمعيات التى تدعى صلتها بالإسلام وبدأت تسجل تراجعها بالخط العريض عندما أعلنت دخولها حوار التوافق الوطني - بل عندما لبوا نداء الدعي بن الدعي في الخفاء - مخلفة وراءها المبادئ السبعة التى ادعت إنها لن تدخل حوارا ما لم تنفذ هذه المبادئ ومن أكبر التراجعات المخزية لتلك الجمعيات وعدم قدرتها على الصمود والثبات في سياستها سجلت هذه الجمعيات تراجعا هائلا بتوقيعها وثيقة المنامة حيث تحولت المبادئ السبعة إلى رؤية سياسية مهجنة - وإن كان كلاهما مهجن في أساساته - للحل في البحرين حيث أهمل ملف التجنيس واسقط ملف أملاك الدولة وأظنه سقط سهوا محاربة الفساد المالي والإداري ولم يكن هنالك حديث عن الدستور وكأنما ترديد شعار يسقط دستور 2002 شعار خاو وهو شعار يرفع لمجرد الشعار ليس إلا
ومما لا يخفى على المتتبع الحصيف ضعف هذه الوثيقة أمام ما سموه بمبادئ الحوار كل هذا وترى العوام يتشدقون بالوثيقة ولو سجلت الجمعيات تراجعا عن الوثيقة ستراهم يدعمونهم وبقوة وهذا حاصل لا محالة عاجلا أم آجلا لأنه من شب على شيء شاب عليه ومن تعود على التراجع لايمكنه أن يثبت على موقف أبدا وهذا يذكرني بقول سعد بن عبادة (( هذا أول الوهن )) والوهن مضاد للصمود ولست أدري كيف أن هذا الدرن أخذ يغزو مجتمعنا حتى ألفينا أنفسنا نفسر البلادة بالحكمة والدهاء ونفسر ضعفنا وتراجعنا بفعالية معنونة (( لا تراجع )) أو (( ليالي الصمود )) حقا كما يقول المصريون (( اللي اختشوا ماتوا )).

فالثبات على الموقف ليس أمرا هينا ولهذا فأننا كثيرا نسأل الله حسن الخاتمة والثبات وهو درب مليء بالشوك لذلك حورب النبي صلى الله عليه وآله منذ البداية لأن وضوح موقفه وصلادته لم تعطي ثغرة لمحاربيه للدخول منها بل إنه ذهب إلى أنه لن يتراجع حتى إن كلفه ذلك حياته فقال (( أو أهلك دونه )) وهذا ما سجله بعض الرموز المغيبين في ظلمات السجون على عكس التصريحات الجوفاء لدى رموز الجمعيات والتي تبتعد كل البعد عن التضحية بالنفس لان التضحية بالنفس يعنى خسران المشروع الذي يعملون من أجله وهذا ما يجعل سياسة التراجع قائمة والثبات على المواقف ملغيا في جميع حساباتهم وهذا الامر اتضح جزئيا في وثيقة المنامة عند الجمعيات الخمس واتضح جليا في موقف الجمعية السادسة عندما انزوت بنفسها بعيدا عن بقية الجمعيات الأخرى.

وهكذا أصبح الصمود في عرف من استمروا بمنهج غاندي صمودا وصمود الرسول صلى الله عليه وأله يحتاج لكلمة أخرى تتسع لما فعله ولأننا عاجزين ان نجد كلمة أخرى وهذا يعني قلب موازين اللغة وخلق مشكلة نحن في غنى عنها سنسمي صمود النبي (ص) صمودا كما فهمناه وعرفناه ونسمي فعلهم (( دومص )) وكفى.

شوذب
22 مارس 2012