دروع بشرية من نواب البرلمان و«أمهات مصر» وشيوخ الأزهر لوقف العنفوزير الداخلية يناشد الثوار العودة إلى «التحرير» لمعرفة «المندسين»

القاهرة: وليد عبد الرحمن وعصام فضل
تجددت الاشتباكات بين متظاهرين وقوات الأمن المصري في الشوارع المحيطة بوزارة الداخلية أمس، لليوم الرابع على التوالي، بعد انهيار الهدنة التي دامت لساعات، في وقت ناشد فيه اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، ثوار «25 يناير (كانون الثاني)» التوجه إلى محيط المواجهات أمام وزارة الداخلية لمعرفة الثوار الحقيقيين من المخربين وإقناع الثوار بالعودة إلى ميدان التحرير، حيث يتاح لهم حق التظاهر السلمي، بما يخول الشرطة التوصل لمن سماهم «المندسين في صفوف الثوار» للتعامل معهم.

http://www.aawsat.com/2012/02/06/ima...ws1.662303.jpg

وفي حين أكد اللواء إبراهيم أمس أن «قوات الأمن التزمت بأقصى درجات ضبط النفس حتى لا تقع أي خسائر في صفوف المتظاهرين.. وفي ظل إصرارهم، تم الالتزام فقط بالدفاع عن مقر وزارة الداخلية»، شكل نواب مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) ومسيرة لأمهات مصر، دروعا بشرية بشارع محمد محمود (محيط وزارة الداخلية) لمنع اندفاع المتظاهرين باتجاه قوات الأمن والاشتباك مرة أخرى.
وقال وزير الداخلية في مؤتمر صحافي بمقر وزارة الداخلية أمس، إن «المتظاهرين قاموا بقذف الحجارة والطوب والشماريخ (ألعاب نارية) باتجاه وزارة الداخلية وحاولنا حثهم على التوقف، إلا أنهم أصروا على الاستمرار في الضرب».
وأضاف وزير الداخلية أن الشرطة تعاملت مع المتظاهرين بقنابل الغاز المسيل للدموع فقط، مشيرا إلى أن النيابة العامة تأكدت، خلال المعاينة، من أن جميع قوات الأمن المركزي مسلحة بقنابل الغاز لا غير.
وأشار اللواء إبراهيم إلى أن «المتظاهرين استمروا في التوافد على مقر الوزارة بأعداد كبيرة حيث تقدموا إلى باب على بعد 10 أمتار من مبنى وزارة الداخلية في محاولة لاقتحام المبنى وحرقه»، مضيفا أن «عمليات الكر والفر استمرت حتى فجر أمس، ثم قامت أعداد من المخربين باقتحام مبنى مصلحة الضرائب وتم القبض على 123 من هؤلاء».
واعترف الوزير بأن ما حدث من مدير أمن بورسعيد خلال مباراة الأهلي والمصري كان تقصيرا منه، ولذلك صدر قرار نقله فور تلك الأحداث، مؤكدا أن الشرطة تحاول استعادة دورها الذي تدهور بعد أحداث ثورة «25 يناير».
وأعلنت وزارة الصحة ارتفاع عدد الإصابات في اشتباكات مساء أمس، وقال الدكتور هشام شيحة وكيل وزارة الصحة للطب العلاجي، إن عدد المصابين بلغ 138 مصابا تم نقلهم إلى المستشفيات وتم علاجهم جميعا وغادروا المستشفيات باستثناء 19 حالة ما زالت تتلقى العلاج حتى أمس.
في غضون ذلك، شكل نواب البرلمان وعدد من الائتلافات الشبابية والنشطاء ومسيرة لسيدات مصريات أطلق عليها مسيرة «أمهات مصر»، دروعا بشرية، في مبادرة للفصل بين المتظاهرين والأمن أمام وزارة الداخلية؛ للإسهام في تهدئة الأجواء. وكانت مبادرة وقف العنف قد أطلقها عدد من نواب البرلمان أول من أمس، بالاتفاق مع عدد من القوى الثورية خلال اجتماع اللجنة المشتركة من لجنة الدفاع والأمن القومي ولجنة الشباب والرياضة في البرلمان. ونظمت «أمهات مصر» أول مسيرة باتجاه الداخلية للدعوة إلى وقف الاشتباكات، ورددن هتافات «سلمية.. سلمية». وقالت إيمان سلمان لـ«الشرق الأوسط»، «جئنا لحماية أبنائنا، وحتى تتوقف قافلة الشهداء». ووجهت سلمان الدعوة «لجميع الأمهات للنزول إلى وزارة الداخلية وتشكيل دروع بشرية لمنع قوات الأمن من إطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع تجاه أبناء مصر».
وسبقت مسيرة أمهات مصر، مسيرة نظمها الشيخ مظهر شاهين، خطيب مسجد عمر مكرم بميدان التحرير ومعه أئمة الأزهر الشريف، لوقف الدم، والفصل بين الشباب وقوات الأمن المركزي. كما وصلت مسيرة أخرى يتقدمها المخرج السينمائي خالد يوسف وعدد من الفنانين للتفاوض على هدنة جديدة. وأطلقت 14 منظمة حقوقية مبادرة لإعادة هيكلة وزارة الداخلية عن طريق تشكيل لجنة وطنية تضم خبراء أمنيين وقانونيون وقضاة ومنظمات مجتمع مدني، وقال مدير «مركز هشام مبارك للقانون» المحامي الحقوقي أحمد راغب لـ«الشرق الأوسط» إن «المبادرة هي الخيار الأمثل لإصلاح الجهاز الأمني ووقف ممارساته التي تعود عليها خلال سنوات من القمع»، مضيفا: «من شأن تطهير الداخلية أن يعيد أيضا بناء الثقة بين المواطنين وأجهزة الأمن ويوقف حالة الاحتقان التي تسيطر على معظم المواطنين تجاه الشرطة».
وقالت المنظمات في بيان لها أمس إن «شهادات شهود العيان في أحداث استاد بورسعيد الأربعاء الماضي، أكدت تعمد قوات الأمن، لأول مرة في تاريخ مباريات كرم القدم عدم تفتيش الجماهير؛ الأمر الذي سمح بتسريب العديد من العصي والأسلحة البيضاء التي تم استخدامها في المذبحة».
وطالب البيان بالتوقف الكامل عن ارتكاب كل انتهاكات حقوق الإنسان، وفتح ملف الجرائم التي ارتكبت أثناء المرحلة الانتقالية من أجل التحقيق فيها ومسائلة مرتكبيها، موضحا أن ذلك لن يتم إلا بتعجيل تسليم السلطة إلى هيئات منتخبة من الشعب، داعيا إلى تطبيق قواعد صارمة للقضاء على ما وصفه بـ«دعوات الحض على الكراهية»، دون انتهاك حرية الرأي والتعبير، والكف عن تحريض بعض المواطنين ضد بعض وإلقاء مسؤولية الفشل على فئة غير مسماة من الشعب. ونبه البيان إلى أن دعوات الحض على الكراهية، جريمة جنائية معاقب عليها وفقا للقانون المصري والقوانين الدولية.
في السياق ذاته، اتهم اتحاد شباب الثورة، وزارة الداخلية بتعمد إفشال أي مبادرة للتهدئة ووقف الاشتباكات الدائرة في محيط مقر الوزارة بين قوات الأمن ومجموعات من الشباب الغاضبين على خلفية مذبحة استاد بورسعيد. وذكر بيان للاتحاد أن وزارة الداخلية لا تحترم تعهداتها مع الحركات السياسية بوقف الضرب أمام الوزارة وإفشال أي مبادرات للتهدئة، وتعمد إلحاق الأذى بشباب الثورة وإصابتهم.
وأضاف البيان أنه كلما أعلنت الداخلية عن هدنة لإفساح المجال لعمل دروع بشرية من الشباب، فإنها تخالف هذا الإعلان وتزيد من ضربها «الاستفزازي» بالقنابل المسيلة للدموع والخرطوش. واتهم البيان وزارة الداخلية باستخدام ميليشيات مسلحة من البلطجية في الاعتداء على شباب الثورة، مما أدى إلى إصابة أحمد ماهر المنسق العام لحركة شباب 6 أبريل بشرخ في الجمجمة، وعمرو حامد عضو المكتب التنفيذي للاتحاد في شارع نوبار باشا أول من أمس بعدد من الكدمات، إثر محاولتهما فض الاشتباكات في محيط الوزارة، مشيرا إلى أن هذه الميليشيات تم استخدامها في الاعتداء على الثوار منذ موقعة الجمل حتى حادثة بورسعيد.