منتدى استراحات زايد - هل يبقى الدوار رمزاً للانتصار أم يتحوّل إلى مسجد ضرار

ماذا بعد العودة إلى الدوار؟

قريباً تحلّ ذكرى الرابع عشر من فبراير ومعها ذكرى انطلاق أعظم ثورة في تاريخ وطننا ومعهما الحنين إلى دوار اللؤلؤ الذي احتضن مولد ثورتنا. ووسط التحشيد الهائل والمستعر لذكرى الثورة، نجد موضوع التحشيد الأول هو الدوار أو العودة إلى الدوار.

ولكن رغم ما تحمله هذه العودة من معانٍ هامة وعظيمة، يجب أن نتوقف لنسأل أنفسنا بكل وضوح: ماذا بعد العودة إلى الدوار؟ وماذا إن لم تنجح العودة؟ هل الدوار بالنسبة لنا مجرد حلم جميل عشناه في فترة من الزمن ونريد أن نعيشه ثانية؟ إذا كان كذلك، فهي الفكرة التي وصلت لها الوفاق وستجهز لكم نسخة منه في المقشع مع المنصة والأناشيد والنفيش والشاي والخيام وما شئتم.

أما إذا كان بالنسبة لنا موطئ التحدي وأول بقعة ينبغي تحريرها من هذا الوطن، لأن إرادة السماء شاءت أن يلتئم فيها جمعنا ويسقط فيها ولأجلها شهداؤنا، فتلك مسألة أخرى تتطلب ما هو أكثر وأهم من الوصول إلى الدوار.

محاولة العودة إلى الدوار والتحشيد لها غاية في الأهمية، لأننا فقدنا هناك شيئاً نحاول استرجاعه، فقدنا المد الجماهيري الحاشد والإحساس الغامر بالكرامة والتحدي والقوة والإيثار والقدرة على البذل والتضحية. لذلك ينبغي أن يعود الجميع إلى الدوار: لكي يستعيد الجميع معاً ذاك العنفوان بمجرد وقوفهم فوق تلك الأرض الطاهرة، يستعيدوا ذاك الشعور بالعارم بالقدرة على إنجاز النصر كي ينضموا إلى قافلة الثوار المقاومين المرابطين في الميادين، وليس كي يمكثوا طويلاً في حلم الدوار.

بمعنى آخر، سواء وصلنا الدوار أم لم نصل هذه المرة، فإن مجرد وصولنا للدوار لن يحقق هدفنا إذا كان هدفنا حقاً هو إسقاط هذا النظام المجرم القاتل. فإما أن يُسمح لنا بالوصول للدوار، لننطلق فوراً منه لاحتلال المؤسسات الحساسة وفرض الإضراب العام بقطع الطرق والسيطرة على مراكز الشرطة والمؤسسات الإعلامية وإخضاع كل ما يقع تحت أيدينا لسيطرتنا، فنكون ثوارا فعلاً..

أو نعجز لشدة القمع عن الوصول، فنعود هذه المرة لننظم صفوفنا جيداً ونستوعب دروسنا ونكون مقاومة..المقاومة التي تنتصر بإلحاق أكبر ضرر ممكن بالعدو بالعمل الهادئ الخفي دون شوشرة وضوضاء.. المقاومة التي تنفذ عمليات تكتيكية تصيب النظام في مقتل وترغمه على التنازل..المقاومة التي تعتمد مبدأ الحسم الميداني بجعلهم يألمون كما نألم وأكثر مما نألم.

فقد تكفلت الأوضاع الأمنية المتدهورة لنا بركن الاقتصاد الذي استطعنا بصمودنا أن نصيبه في مقتل ولن يزداد في قابل الأيام إلا تدهوراً، وفي العام القادم يبقى علينا تحطيم ركن المرتزقة، لنفعّل استراتيجية السحق والنعوش الطائرة.. بعدها ستسقط الدولة تحت أقدامنا ونعود للدوار دون جهد لنعلن منه انتصار الثورة لا تزييفها، ونحتفل فيه بالنصر لا بالخديعة.