منتدى استراحات زايد - الرسالة (26) السلمية و " أسحقوه" .. بقلم: لميس ضيف

الرسالة (26) السلمية و " أسحقوه" .. بقلم: لميس ضيف

https://www.facebook.com/lameesdhaif

يسألني الناس كل يوم: ما رأيك في فتوى "اسحقوه" التي أطلقها الشيخ عيسى قاسم؟ هل تقبلين بها ؟ و أي سلمية تلك التي يدعون مع تحريض كهذا وغيرها من الأسئلة المبطنة بالاتهامات - التي صارت عنوان تعاطي السلطة ورجالاتها مع مناوئيها - وليكون موقفي واضحًا " والذي يعكس موقف كثيرين مثلي " سأختزل الجواب في عناوين ثلاث :

السلمية و" الإنبطاحية" !

أن تكون مسالمًا؛ يعني أَنْ تكّف يدك ولسانك عن الآخرين فلا تعتدي على أحد ولكنها – لا- تعني أن تستلقي لمن يعتدي عليك وتدير الخد الأيسر لمن صفعك على الأيمن وتقول " كماااان" !! السلمية بمعناها المطلبي العام تعني أن تعبر عن رأيك ومطالبك بالصوت والكلمة والموقف والشعار - لا- بالتعدي على المنشئات ولا بسد الطرقات و حَرْقِ الممتلكات و الاعتداء على سلامة جسم الغير ولكن ذلك لا يعني – بأي حال - أن تترك أحدًا يهدد حياتك ويعتدي على شرفك وأهلك ومنطقتك و أنتَ راضخٌ مستكين..!في كل القوانين الوضعية : الدفاع عن النفس مشروع. . وفي كل الشرائع السماوية: الدفاع عن النفس واجب ..وما يتعرض له الناس – يوميًا - من اعتداءات على أعراضهم وحياتهم يبيح لهم الدفاع عن النفس. . ولا يحاجج في ذلك منصف ولا رشيد .. بالطبع بعض كتاب السلطة و سياسييها سيساوون هنا بين الدفاع عن العرض والحياة والدفاع عن حق المرور والسياحة وقد سمعت أحدهم يقول " من سد الشارع اسحقوه" في مفارقة تليق بسطحية تفكيرهم ومبادئهم .. والحق أن سّد الطرقات – وإن كان مزعجاً لا شك - إلا إنه لا يعادل هتك ستر حجاب شقيقتك أو لمس والدتك أو ضرب أخت لك في الدين والإنسانية ولكن .. ما عسانا أن نقول في جنود السلطة المجندين ذوي الضمير " المستتر" !

وماذا عن سدّ الطرقات والاعتداء على العسكر ؟

أَرفضُ – قَطْعاً – سد الطرقات وسكب الزيت وحرق الإطارات وغيرها من الممارسات.. و لكني ، في الوقت ذاته، أبررها وأعذر عليها.. تخيل معي أنكَ في قطار يصرخ أحد ركابه بهستيرية قربك ، سيزعجك بلا شك؛ وقد تسلخه بنظرات الغضب و الازدراء ولكن خطّ سخطك سيتبدل لو اكتشفت وجود معتدٍ آثم بمحاذاته يغرس سكينًا في خاصرته و يستلذ صرخاته.. و مِنَ السفاهة - و الانحطاط - أن تنّهر المتألم على صراخه المدوي ، وتطالبه بالهدوء والتوقف عن إزعاجك ، عوضا عن صب جام غضبك على من يغرس نصله فيه بلا رحمة..

*****
الحياة اليومية في البحرين صورة موسعة لمثالنا هذا ..البعض يسد الطرقات - نعم- لعرقلة اعتداءات المرتزقة على الشباب ومواكب تشييع الشهداء أو حتى بهدف إرهاق أجهزة الأمن.. وهناك قلة ترمي سيارات العسكر بالحجارة وسواها كردة فعل على الاعتداءات الليلية على الآمنين في القرى والجرائم اليومية ضد جيرانهم وأخوتهم.. في علم السياسة قاعدة أولية تقول : عند منع الناس من التعبير السلمي عن النفس يجنح هؤلاء للعنف..وهذا ما سنشهده في المرحلة القادمة. لاحظوا معنا أن المحتجين عندما اعتصموا في الدوار.. لم يرمِ أحد حصاة واحدة ولم يُحرق إطار ولم يسد شارع - بل على العكس - كان الشباب ينظمون السير ويكنسون الشوارع .. فلما حرمتهم السلطة من حق التعبير السلمي عن النفس وتوحشت آلة القمع في سحقهم جنحت فئة صغيرة لممارسات لا نملك رفاهية لومهم عليها ونحن نعرف بأمر السكين المغروسة في خواصرهم..

وبعدين يعني ؟!

آخر ما نريده – جميعًا- هو أن نرى قطرة دم تُراق ، لشاب كل ذنبه أنه ضجّ بحكومة أجحفتهُ حقه، ولا حتى لمرتزق وإن كان قد ترك بلده ليعمل كسياط في يد الحاكم ضد الشعب .. فكل الدماء حرام، وكل الأرواح عزيزة.. وهو ما يجب على أجهزة الأمن أن تعيه ونقولها لهم للمرة الألف ولو شاءوا لكتبناها لهم " بالأوردو" : اتركوا الناس تعبر عن رأيها..مواجهة الكلمة بالسلاح وحشية.. حرمان الناس حتى من الصراخ استبداد.. السلمية نهج ثورة ولكنها لن تدّك الطبيعة البشرية والشرقية لمجتمعنا.. ثم تعالوا هنا:ما يُضيركم لو صرخ الناس في مناطقهم صباحاً ومساءً " يسقط ويعيش"..!! قليل من الحياء وقليل من الرشد..ألجموا مرتزقتكم و بلطجيتكم عن تعذيب الخلق والاعتداء على النساء والشيوخ والأطفال .. اتركوا الناس تُطالب بما تشاء و انصتوا لهم بدلا من محاربتهم.. كفاكم عنجهية وسادية وشموا الحقيقة .. القتل والإعتقال والتنكيل لا يخمد الإحتجاجات بل يزيدها اشتعالا و اسألوا الأنظمة الأخرى التي فاقتكم في القمع.. فسبقتكم للزوال..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقابلة جريئة مع الكاتبة والإعلامية لميس ضيف على قناة on tv المصرية
انصح الجميع بمشاهدتها
http://www.youtube.com/watch?v=emGMNflv0_I