منتدى استراحات زايد

منتدى استراحات زايد (http://vb.ma7room.com/index.php)
-   منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية (http://vb.ma7room.com/forumdisplay.php?f=183)
-   -   ياسين الذي استجاب له الملك أخيراً: أتعالج لأني ما أطيب (http://vb.ma7room.com/showthread.php?t=759894)

محروم.كوم 01-24-2012 02:40 AM

ياسين الذي استجاب له الملك أخيراً: أتعالج لأني ما أطيب
 
تقارير > ياسين الذي استجاب له الملك أخيراً: أتعالج لأني ما أطيب

http://bhmirror.no-ip.org/uploaded/e...0123103312.jpg

مرآة البحرين (خاص): يحدّق إليك من خلالهما بشقاوة وحب، عيناه الساحرتان، يأخذانك نحو التحديق في داخلهما طويلاً، يطل عليك من خلالهما بشقاوة وحب. بشعره الأشقر المنسدل على جبينه الصغير، بجماله البريء يأخذ عينيك، تبقى متصلباً أمام صورته، تودُّ أن لا تذهب الصورة، أو لا تذهب أنت. كيف يمكن لكل هذه البراءة أن تتنسم الموت وهي لم تعانق الحياة بعد؟ كيف يمكن لها أن تستلقي في الغياب، أن تذهب بهذه السهولة؟

لم تخلق رئتاه لهذه الأرض التي تنتشي بالتلوث أكثر مما تحتفي بالحياة، خُلقت لبيئة تتنفس النقاء، العنصر المفقود في هذه الأرض، وفي بحريننا الصغيرة الآن بشكل أخص. منذ شهره الثاني الذي خرج فيه إلى الحياة، وهو يتعالج من التلوث الذي تضيق به منطقة المعامير الصناعية، حيث تسكن عائلته. لا تزال هذه المنطقة تراكم الأمراض على أبنائها رغم كل نداءات الاستغاثة التي يطلقها الأهالي للدولة، كي تخلصهم من سموم الغازات الخانقة التي تتربص بصحتهم، لكن لا أحد يسمعهم، ربما لأنهم ليسوا مواطنين من الدرجة الأولى في الولاء بالنسبة للنظام الحاكم.

"العلاج يعني الواحد يطيب، أنا أتعالج لأني ما أطيب"، هذا ما قاله الفتى ياسين العصفور ببلاغة فائقة، وهو لم يكمل بعد الحادية عشرة من عمره، في اتصاله ببرنامج صباح الخير يا بحرين الإذاعي في 2008. كان ياسين يشكو فيها غازات مصانع منطقته التي تجعله لا يطيب، تجعل رئتيه تعودان للتلوث، كلما غادرتا باب المستشفى نحو منطقة سكنه. إنه لا يطيب، يخرج ليعود للعلاج، ولا يطيب. هكذا قضى ياسين حياته. لقد أذهل ببلاغته مقدمة البرنامج التي اعترفت بعجزها عن الرد أمامه. كان يناشد (جلالة الملك) عبر ذلك البرنامج، أن ينظر في حالته الصحية المرزية، أن يحفه بعناية تحمي طفولته النقية من سموم لا ترحم. لم يستجب حينها لتلك المناشدة أحد.

http://bhmirror.no-ip.org/uploaded/akbbj_1.jpg

لكن الملك استجاب أخيراً. بعد 3 أعوام من تلك المناشدة قرر أن يستجيب لياسين. أرسل له من يحيط منزله بالغازات الخانقة، الأشد فتكاً برئتيه. أرسل من يلقيها داخل بيته مباشرة، ليستنشقها حد الموت. ياسين الذي لا تحتمل رئتاه دخان (الشيشية) ولا رائحتها، كيف تصمد أمام دخان الغازات الخانقة التي تكالبت تحاصر بيته وتدخل إلى عمق رئتيه مباشرة. لقد استجاب الملك لنداء استغاثتك يا ياسين، استجاب أخيراً لمناشدتك، لقد ريّحك الملك، لا بتوفير بيت لعائلتك في منطقة بعيدة عن تلوث المصانع، ولا بتوفير علاج خاص لمرضك النادر (التليف الكيسي)، ليس بأي من هذا، لقد ريّحك إلى الأبد، إلى الأبد، عجل بك إلى الأبدية البيضاء.


حدث هذا في يوم 31 ديسمبر، نقل على إثرها للمستشفى مع أخيه الأكبر كرار (19 عاماً)، نجا الثاني، لكن ياسين بقى أكثر من شهر، لا يطيب. العلاج هو أن تطيب يا ياسين، لكنك لا تطيب. تلوثت رئته بسبب استنشاق كميات كبيرة من الغاز الخانق، وارتفعت درجة حرارته، صار يتنقل بين العناية المركزة، والعادية، وصل به الأمر من السوء أخيراً إلى حد أن مجرد نزع الأوكسجين عن مجرى تنفسه، يعني موته.

احتفل ياسين بعيد ميلاده الأخير في سرير التنفس، دخل عامه الرابع عشر ليغادره بعد أيام في 20 يناير 2012. لم يعد ياسين لمدرسته (الامام علي في المعامير)، ولا لصفه (الثالث الإعدادي)، لم يعد لمنطقته ليتنفس أدخنة المصانع وغازاتها الملوثة، لم يعد ليتنشق الغازات التي يلقيها كل يوم مرتزقة لا يعنيها من الإنسان والمواطن غير راتب بخس تتلقاه ثمناً للقتل، لم يعد ياسين لمنطقته الموبوءة بكل أشكال الموت. شكراً لاستجابتك أيها الملك.

في المستشفى، بقى ياسين لأيام قبل أن يستطيع الكلام، غادر العناية القصوى، عاد لشقوته وروحه المرحة التي عرف بها، لكن ابتسامته كانت هزيلة وباهتة، لم يكن وجهه قادر على أن يعبر نحو شقاوته المألوفة. يقول لابنة عمه فاطمة ممازحاً وهي تهم بتصويره: صوريني صوريني أنا صرت مشهوراً الكل يبي يصورني. تجيبه: كيف أصورك هكذا وأنت عابس.. ابتسم أولاً. يغالب نفسه، تخرج ابتسامته بالكاد، تلتقط فاطمة الصورة، لم تكن تعلم أنها آخر أثر ستحمله معها منه. في اليوم التالي يُدخل من جديد للعناية. يكتب في جهازه (الـ بي بي): عناية تايم.

تروي فاطمة لمرآة البحرين علاقتها بابن خالها، كنا أصدقاء، كانت له عبارة يقولها لي ممازحاً كلما رآني منزعجة: عندكم فلفل؟ كانت هذه العبارة تكفيني لأضحك. في المستشفى عندما كان خارج العناية، قال لي: أرسلي لي نكت، كي أقرأها عندما يحضروا لي هاتفي وأقول لك: هي ما تضحك، بس عندكم فلفل؟

يحب ياسين إرسال المسجات والرسائل الهاتفية لوالدته تحديداً، حتى عندما يكون جالساً معها في المكان نفسه، كان يمازحها بها، وهي تضحك بملء قلبها. الآن، تبكي والدته بملء قهرها وحزنها، وهي تقول: الحين من بيطرش لي المسجات الحلوة يا ياسين". يا أم يا سين، لا تبكي، لقد تعالج ياسين أخيراً، فالعلاج هو ما يجعلك تطيب كما قال ياسين، وقد طاب ياسين إلى الأبد!


http://bhmirror.no-ip.org/article.php?id=2848&cid=74


الساعة الآن 07:02 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227