التفاصيل الدقيقة لما حصل اليوم + كان النصر على بعد خطوة..
 

اليوم أثناء تشييع الشهيد علي القصاب وأثناء خروجنا من أبوصيبع إلى الدوار.. اعترضتنا قوات المرتزقة وقامت تطلق مسيلات الدموع.. تراجع الكثيرون ولكن الجنازة واصلت سيرها.. ونحن من خلفها.. تراجعت قوات المرتزقة أمام هيبتنا.. كنت وكثيرين نريد الهجوم عليهم.. ولكن منعنا بعض المتظاهرين.. فهمت لاحقا أنه قد يكون فخا إعلاميا لتصويرنا كمعتدين.. حيث كانت قوات المرتزقة منتشرة على ثلاث فرق.. واحدة عند أبوصيبع وواحدة عند كرانة وواحدة في الطريق القادم من دوار القدم.. وكان بعضهم محصورين بيننا فوق الدوار.. لم يتدخل قوات الشغب لقمع مسيرة التشييع حيث كان الحضور مهيبا.. وصلت مقدمة المسيرة إلى دوار جنوسان-الشاخورة وأقمنا الصلاة على روح الشهيد.. أكملت المسيرة طريقنا.. أما أغلب الحضور فظلوا على الشارع جالسين.. بعد ذلك انتشرنا على امتداد شارع البديع وانتظرنا في مكاننا حتى الساعة الثالثة وخمس وعشرين دقيقة..

انطلق بعتد ذلك جمع من الشباب إلى دوار كرانة-أبو صيبع.. الغريب أن قوات الشغب لم تقمعهم.. كان القوات قد انتقلت بالكامل باتجاه كرانة.. وكان منظرنا مهيبا جدا.. خاصة عندما كبّرنا.. أحسسنا بأن الأرض تهتز تحتنا.. المرزتقة كانوا محاصرين من كل الجهات.. وكانت هناك جبهات عديدة للمواجهة.. الكثير من المتظاهرين كانوا يستخدمون وسائل الوقاية من مسيلات الدموع.. ولكن ليس أغلبهم.. باختصار.. اليوم كان شبيه بيوم 15 فبراير و11 مارس..

شبيه بـ15 فبراير بسبب الفرحة العارمة اللتي أخذت الكل بعد سيطرتنا على امتداد شارع البديع.. وشبيه بـ13 مارس لأننا كنا نقف في وجه المرتزقة دون أن يعتدي أحدنا على الآخر.. وصلنا الساعة 3:25 واستمر وجودنا حتى حوالي الرابعة والثلث.. كانت قوات المرتزقة تغير من تموضعها كل خمس دقائق.. وكأنهم في حيرة من أمرهم.. ثم بدأ القمع من كل جانب.. القنابل الصوتية أمامنا ومسيلات الدموع خلفنا.. فهمت الوضع بسرعة.. إنهم يريدوننا أن نتراجع لأن المسافة بيننا وبينهم كانت صغيرة جدا ولا يمكن لهم إطلاق مسيلات الدموع علينا مباشرة..

ظللت واقفا مكاني لبضع ثواني.. خاصة مع مرور سيارة أمامي حمتني من كل الطلق.. ولكن هجم علينا المترزقة كالكلاب.. كانوا ملثمين تماما إلا أعينهم.. وكانوا يحملون العصي ويركضون باتجاهنا.. رأيته ينظر لي.. بدا كأحد النينجا المسلحين المستعدين للقتل.. فسارعت بالهروب.. كان كل شيء أمامي أبيض.. بالكاد كنت أرى الأرض.. الكثير من النساء سقطن على الأرض.. وجدت نفسي فجأة في كونتري مول.. كان بعض الشباب والنساء ملقيين على الأرض.. والبعض يبكي.. كان الجميع تقريبا مختنقين.. إلا فئة بسيطة حمت نفسها بالكمامات والسوائل المضادة لمسيلات الدموع.. أستطيع أن أقول أن رش الدوار الأبيض فعال بنسبة 100% ومجرب مرات عديدة.. خرجت من المجمع إلى أبو صيبع عن طريق أحد السلالم.. ثم تواصلت المواجهات في أبوصيبع ولم تنتهي حتى أذان المغرب.. بعد الصلاة ركبت سيارتي وعدت لأكتب هذا الموضوع..

العامل الوحيد المفقود هو وجود القيادة.. أنا متأكد أنه لو كان معنا الشيخ محمد حبيب المقداد لكان أعطى المرتزقة مدة إلى الساعة الرابعة أو الرابعة والربع ربما.. كنا سنسحق الشغب سحقا.. الطريقة الأخرى اللتي كنا سننتصر من خلالها هي لو قمنا باللصاق بقوات المرتزقة مثل ما فعلنا في مسيرة الديوان..

لا يسعني إلا أن أتحسّر على عدم وجود هذه القيادة الميدانية.. وأن أدعو له بالفرج العاجل.. إنه خير قائد..

أرجو منكم تقييم ما حصل اليوم مع بيان نقاط الضعف والقوة والدروس المستفادة..