نموذج الثورة اليمنية في إدارة الخلافات الداخلية
 

ربما يكون نموذج الثورة اليمنية أفضل نموذج بالنسبة للثوار في البحرين في التعاطي مع خلافاتهم مع القوى السياسية المعارضة التي هي أقرب إلى النموذج الرسمي في الإدارة السياسية للملفات، والتي تعتمد الحلول الوسط أو الترقيعية ضمن إطار الحفاظ على النظام وهياكله القائمة، بخلاف الثوار في اليمن والبحرين الذين يريدون تقويض منظومة الحكم الفاسدة، وتأسيس نظام جديد قائم على أنقاض النظام القديم، مع التأكيد على ضرورة محاسبة رؤوس النظام من مرتكبي الجرائم ومنتهكي حقوق الإنسان!!
وإذا كان تأثير الثورة اليمنية على النظام السعودي هي من أوحت للنظام السعودي بضرورة طرح ما يسمى المبادرة الخليجية، وخصوصا مع وجود أتباع للنظام السعودي في المعارضة، فإن العنصر الطائفي في البحرين وعدم رغبة نظام آل سعود في إعطاء الشيعة أية حقوق تذكر ولا إعطائهم حق الشراكة في القرار فضلا عن حقهم في تقرير المصير هو الذي لم يسمح بوجود مبادرة خليجية للبحرين على غرار المبادرة الخليجية لليمن!!
غير أن أوجه التشابه قائمة بين المعارضة الرسمية في اليمن والمعارضة الرسمية في البحرين من حيث الدخول الفئوي على خط الثورة وبأجندات المعارضة لا بأجندات الثوار في كلا البلدين، وباحتكار للتفاوض عن الثوار من دون الاهتمام إلى بقية الأطراف ممن فجروا الثورة وقادوها وكانوا وقودها الفعلي، غير أن ما يميز ثوار اليمن عن ثوار البحرين: أن ثوار اليمن تجاوزوا قطوع الخلاف بينهم وبين المعارضة المتمثلة في اللقاء المشترك بالإبقاء على زخم الثورة قويا ومتفجرا وحيا ونابضا حتى مع تشكيل حكومة باسندوه التي فرضتها صيغة التسوية للمبادرة الخليجية، فتواجد الثوار في اليمن في الساحات يوحي وكأن المبادرة لم تكن من الأساس، وأن مطالب الثورة هي ذاتها مطالب الثورة، أي إسقاط نظام علي عبدالله صالح بكامل رموزه ومؤسساته وإقامة نظام جديد لا يكون لعلي عبدالله صالح ولا لأبنائه وحاشيته مؤطئ قدم فيه!!
ولم يحتج الثوار لنكأ الجراح نتيجة خذلان أحزاب اللقاء المشترك لهم واستفرادهم بالحلول الترقيعية، بل اختصروا مسافات اللغو المسف والجدال القاتل للثورة وثبتوا حضورهم في الميدان كرد عملي على رفض كل الحلول الترقيعية التي تم إبرامها بين النظام والمعارضة!!
فهل ينجح ثوار البحرين في استلهام حكمة في ثوار اليمن عبر تجاوز الخلافات في البيت المعارض بتكثيف الحراك الثوري الواعي والحضور اللافت والقوي والمميز والحاسم في الشارع الثوري كرد على أية حلول ترقيعية بين النظام والمعارضة من دون الحاجة لنكأ الجراح ولا السجال المثقل لخطوات الثورة والباعث على اليأس في نفوس شعب البحرين!!
نعم، أقولها بملء الفم: أن أية حلول لا تعجب الثوار من قبل المعارضة في البحرين، يمكن الرد عليها ببساطة عبر الحضور القوي في الشارع للتأكيد على التمايز بين مطالب الثوار الذين فجروا الثورة ومطالب السياسيين الذين التحقوا بالثورة، وأرادوا قطف ثمارها لوحدهم، من دون الحاجة ولا لكلمة سجال واحدة!!
الحضور الثوري من دون سجال ولا جدل قاتل لمعنويات الثورة هو الدليل على قوة الثورة، ومن الآن يجب منع الاستثمار على حساب الثورة من قبل كل الحزبيين برفض كل آليات الضرب تحت الحزام وتحويل الثورة من حضور ميداني لافت إلى جدال على استحقاقات لم تأت بعد!!

هل تقبلون رهان ثوار اليمن أم لا يا ثوار البحرين؟ الإجابة عندكم!!