منتدى استراحات زايد - سنة أولى "طلاق" تصيب 33% من زواج المواطنين

سنة أولى "طلاق" تصيب 33% من زواج المواطنين

حوار: علاء البدري حذرت الدكتورة موزة العبار، الباحثة الاجتماعية والخبيرة بوزارة الشؤون الاجتماعية، من تضاعف تداعيات وخطورة مشكلة الطلاق على المجتمع الإماراتي، بالإضافة إلى تأثيرها السلبي في الدور الذي يجب أن تقوم به الأسرة الإماراتية في المحافظة على القيم الإيجابية، مشيرة إلى تزايد معدلاته بشكل كبير داخل الأسر الإماراتية حديثة التكوين .

وأكدت، في حوارها مع “الخليج”، أن خطورة الظاهرة تزداد إذا وضعنا في اعتبارنا أن ارتفاع معدلات الطلاق يؤدي إلى انخفاض معدلات الخصوبة، ما يزيد من مشكلة الخلل الحادث في التركيبة السكانية في المجتمع، موضحة أن الشواهد الميدانية تشير إلى أن أكثر من 33% من حالات الطلاق تمت خلال السنة الأولى من الزواج .

وطالبت بضرورة إجراء البحوث والدراسات الاجتماعية الجادة لمواجهة هذه الظاهرة، بالإضافة إلى ضرورة تكاتف جهود الجهات والمؤسسات المعنية بالمجتمع، مؤكدة في دراستها الأخيرة “الطلاق . . دراسة ميدانية على مجتمع الإمارات” أهمية رصد المشكلة، باعتبارها ظاهرة تؤرق المجتمع، وبهدف تحقيق فهم أعمق وتقييم أشمل وتقديم تشخيص أدق لها . . فكيف نحقق ذلك ؟ هذا ما طرحناه في حوارنا معها .

* هناك تحديات كثيرة تواجه المجتمع، فما أهمها التي تواجه الأسرة الإماراتية في عصر العولمة؟

- للعولمة تأثيراتها المتعددة في المجتمعات والثقافات كافة، فهذه الظاهرة جعلت العالم كله قرية صغيرة، تلاشت فيها حدود الزمان والمكان، وكان لهذه الظاهرة مجموعة كبيرة من التأثيرات الايجابية والسلبية، والذي يهمنا الآن هو معرفة وطرح آثارها السلبية وتحدياتها التي تواجه المجتمع والأسرة الإماراتية .

من أهم هذه الآثار والتحديات انتشار القيم المادية والاستهلاكية، بحكم ما تفرضه العولمة من ثقافة أفرزها الانفتاح على الثقافات الأجنبية، بالإضافة إلى تهميش الهوية والثقافة الوطنية، حيث تعمل العولمة على إضعافها، وفرض قيم وعادات وتقاليد مختلفة عن قيم وعادات المجتمعات العربية عامة والإمارات خاصة .

وكذلك أثرت هذه الظاهرة بالسلب في المجتمع، حيث أفرزت قيم الأنانية والفردية على حساب القيم الجمعية والترابط الاجتماعي، ما يؤثر سلباً في دور الأسرة في تدعيم القيم الايجابية، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التفكك الاجتماعي وعدم الاستقرار الأسري، وهذا التحدي من وجهة نظري من أهم التحديات التي تواجه المجتمع الإماراتي .

* ما المتغيرات التي أدت إلى بروز ظاهرة الطلاق في المجتمع الإماراتي؟

- لم يكن الطلاق كظاهرة اجتماعية يشكل مشكلة أو يعتبر ظاهرة في المجتمع الإماراتي قديما، فالعلاقات الزوجية كانت قوية، وغالبا ما تكون مرتبطة بعلاقات قربى وتتم في إطارها، أما الآن، وفي ظل المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها المجتمع، برزت مشكلة الطلاق وبدأت تجري بمعدلات سريعة .

وقد صاحب هذه المتغيرات متغيرات أخرى في منظومة القيم التي تحكم السلوك الاجتماعي، الأمر الذي أدى إلى تعقيد العلاقات الأسرية، وقاد في بعض الأحيان إلى انعدام التفاهم والانسجام بين الزوجين .

* كيف تطرقتِ في دراستك إلى هذه الظاهرة؟

- أكدت في دراستي أن مشكلة الطلاق تعد من أبرز المشكلات التي تجسد طبيعة التفكك الأسري، وعدم قدرة الأسرة على الحفاظ على استقرارها وتماسكها، كما تعبر عن فشل الزوجين في القدرة على استمرار العلاقة الزوجية ووصولها لطريق مسدود، لكن آثارها لا تتوقف على طرفي هذه العلاقة، بل تتجاوز ذلك إلى كل أعضاء الأسرة، وتمتد إلى عموم المجتمع .

وأشرت في دراستي، التي انتهيت منها بفضل جمعية توعية ورعاية الأحداث ودعم الفريق ضاحي خلفان القائد العام لشرطة دبي ورئيس مجلس إدارة الجمعية، إلى أن نسبة الطلاق في الدول الخليجية في زيادة مطردة، حيث وصلت نسبتها في الإمارات إلى 37%، بينما تصل في البحرين إلى 47%، وفي السعودية 30% وفي الكويت 29%، بما يؤكد بروز الظاهرة على السطح خلال السنوات الماضية .

* ما تقييمك لهذه الظاهرة وما مدى خطورتها وتأثيرها في المجتمع؟

- تتضاعف خطورة مشكلة الطلاق وتأثيرها السلبي في دور الأسرة الإماراتية في المحافظة على القيم الإيجابية، إذا أخذنا في اعتبارنا أن معدلات الطلاق تتزايد بشكل كبير داخل الأسر حديثة التكوين، حيث أكدت الشواهد الميدانية أن أكثر من 33% من حالات الطلاق تمت خلال السنة الأولى من الزواج .

وتزداد الخطورة إذا وضعنا في اعتبارنا أن ارتفاع معدلات الطلاق يؤدي إلى انخفاض معدلات الخصوبة داخل الأسرة الإماراتية، ما يزيد من خطورة الخلل الحادث في التركيبة السكانية في المجتمع، يتضح ذلك من واقع الشواهد التي تؤكد أن نحو 76% من المطلقات لم تتجاوز أعمارهن 39 عاماً، كما بلغت نسبة الصغيرات منهن نحو 19%، الأمر الذي يعني ضرورة الحاجة إلى استراتيجية وطنية تعمل على تعزيز القيم الإيجابية، وتدعيم الأسرة في المحافظة على هذه القيم، ذلك لأن الأسرة هي أكثر المؤسسات أهمية في القيام بهذا الدور .

* نريد أن نعرف ما أهم النتائج التي توصلت إليها في دراستك؟

- توصلت من خلال عينة البحث، التي بلغ عددها 200 مطلق ومطلقة من مواطني الدولة، إلى أن 5 .47% من العينة، أشارت إلى أن أهل الزوج بشكل مباشر أو غير مباشر في الحياة الزوجية كانوا أحد أسباب الطلاق، وكذلك اتضح أن أكثر من نصف العينة بنسبة 5 .52% أشاروا إلى أن أهل الزوج حاولوا منع الطلاق، وذلك قد يرجع إلى إدراكهم خطورة المشكلة وآثارها السلبية ليس في الزوجة فقط، بل في الزوج والأبناء والعائلة كلها .

وبينت الدراسة، كذلك أن نصف العينة، ترى بنسبة 51%، أن الزوج هو الذي يطلب الطلاق بشكل رسمي، وذلك قد يرجع إلى أن الذي يملك حق الطلاق دائما هو الزوج وحده، أما الزوجة فلا تملك إلا طلب التطليق وفي أحوال معينة .

وتوصلنا كذلك إلى أن 5 .49% قد انهت العلاقة الزوجية بالتراضي، وهذه أفضل طرق الطلاق بالنسبة لكل من الزوج والزوجة والأبناء، وفي المقابل نجد أن 5 .29% لجأوا إلى المحاكم .

وهناك نسبة ليست بالقليلة وصلت لنحو 20% كان الطلاق فيها تعسفياً، ما يوضح مدى الظلم الذي وقع على الزوجة من قبل الرجل، واستغلاله لحق الطلاق من دون فهم لكيفية ممارسة هذا الحق في الدين الإسلامي، بالإضافة إلى الأسباب الاقتصادية، حيث اتضح أن 5 .62% من العينة أشارت إلى عدم تحمل الزوج للمسؤوليات المالية، وأن ذلك هو السبب الاقتصادي الأول في حدوث الطلاق .

* وهل كان للأسباب الاجتماعية دور في وقوع الطلاق؟

- هناك 12 سبباً اجتماعياً وشخصياً وراء وقوع الطلاق، ودلت الدراسة على أن 41% من العينة أشارت إلى أن عدم الشعور بالأمان مع الزوج أو الزوجة كان أحد الأسباب الشخصية والاجتماعية الرئيسة لحدوث الطلاق، و5 .22% لعدم إعطاء الفتاة الحق في اختيار الزوج كان سبباً وراء الطلاق، و5 .7% للزواج من أجنبية .

وتأكيداً لذلك تشير الدراسات إلى أن الزواج من أجنبيات، وخصوصاً من الجنسيات الآسيوية غير العربية، ينتج عنه مشكلات عديدة ويعطي لنا أطفالاً لمواطنين من أمهات أجنبيات، وجد أن 30% منهم يعانون أضراراً نفسية واجتماعية، نظراً لاختلاف الثقافة، واللغة، وأسلوب التنشئة نفسه، وعدم الاندماج، وتباين العادات والتقاليد وقلة الولاء والانتماء، كل ذلك يؤدي إلى عدم التوافق مع المجتمع .

* هناك آثار متعددة للطلاق فما أهمها؟

- الأطفال هم من يتحمل الضريبة الكبرى للطلاق، حيث تزداد حالات الانحراف والضياع لدى الأطفال، بالإضافة إلى حدوث تغييرات سلبية في اتجاهات ومشاعر وسلوكيات الأطفال أكثر من نظرائهم الذين يتمتعون باستقرار أسري، وكذلك الكثير من المشكلات السلوكية والتعليمية والصحية .

* ما أهم الاقتراحات والتوصيات التي ترين أنها ضرورية لحل الخلافات الزوجية؟

- أن يكون لدى الزوجين المهارات الوقائية اللازمة لتجنب تطور الأمور والخلافات، ويأتي في مقدمة هذه المهارات فن الحوار السليم، حيث أثبتت الدراسات الاجتماعية أن 92% من حالات الطلاق في 12 دولة تعود إلى إشكاليات بين الزوجين، أو فشل الحوار الأسري، بالإضافة إلى أهمية توفير الدورات التدريبية للشباب المقبل على الزواج لزيادة الوعي لديه بأساليب التعامل الناجح مع الحياة الزوجية في المستقبل، والتوصية بتدريس مادة التربية الأسرية والتثقيف الأسري في جميع مراحل التعليم، وإنشاء مجالس عائلية للتعارف بين الجنسين تحت إشراف الأسرة .

......... الخليج .........