أمل: الامام الحسين يحملنا مسؤولية التغيير ويعطينا مشروعية الحركة
 

بيان جمعية العمل الاسلامي بمناسبة عاشوراء |
بسم الله الرحمن الرحيم

في عاشوراء الحسين عليه السلام

نتذكر إرادة الالتزام بالحق، وشجاعة الدفاع عنه، ونتذكر منطلقات الامام الحسين حين يقول: "ألا ترون إلى الحق لا يعمل به وإلى الباطل لايتناهى عنه؟ فليرغب المؤمن في لقاء ربه محقا.."..

وقوله عليه السلام: "إنَّ هؤلاء القومَ قد لَزِموا طاعةَ الشيطانِ وتَولَوا عن طاعةِ الرحمنِ، وأظهرُوا الفسادَ وعطلّوا الحدودَ واستأثَروا بالفيء، وأحَلّوا حرامَ اللَّهِ وحَرَّموا حلالَهُ، وإنّي أحقُّ بهذا الأمر"..

ولنتذكر أيضا أن الامة التي ثار وتحمل من أجلها الامام الحسين مسؤوليته هي أمة جده الرسول الاعظم التي قادها وجاهد من أجلها الرسول بنفسه وتحمل في سبيل صيانتها الأذى وضحى من أجلها أهل بيته وخيرة الصحابة بدمائهم،

فأراد الامام الحسين أن يصون هذا الارث المقدس وتلك التضحيات العظيمة من عبث العابثين، فكان هدفه: "إنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي رسول الله أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر.."..

في مثل هذا اليوم – العاشر من محرم سنة 61 هـ - الذي خلده الدهر بتضحيات الامام الحسين العظيمة نتذكر أن شعبنا وأمتنا أيضا هي امتداد طبيعي وتاريخي ورسالي وثقافي لتلك الامة التي أراد الامام الحسين لها أن تبقى حرة
وأن تبقى إرادتها فوق إرادة العابثين والفاسدين الانتهازيين المتوزعين على محطات التاريخ ومنعطفاته لقطع طرق الإيمان والإصلاح.

في أيام وظروف مشابهة ثار الامام الحسين عليه السلام من أجل أن لا تصبح الامة إرثا خاصا لشخص أو عائلة أو قبيلة، ومن أجل أن لا يصبح الناس عبيدا للفساد والمفسدين، ولمن يملكون ويسيطرون على القوة والمال والسلطة، ومن أجل أن لا يعبث الطغاة وتجار الدين بمفاهيم الامة وقيمها فيفسدون دين الله ورسالة نبيه، ومن أجل أن لا يتحول ذلك الدين العظيم الى وسيلة لاستعباد الناس لغير الله بعد أن حررهم ونقلهم الرسول من العبودية للمخلوق إلى عبادة الخالق والإحتماء به، أو يتحول إلى وسيلة وأداة لسلب الناس حق الثورة على الباطل والإعتراض عليه وتغييره.

بتضحيته العظيمة بنفسه وبأهل بيته عليهم السلام، أراد الامام الحسين للدين أن يبقى ناصعا وأن يبقى كما كان في عهد جده الرسول الاعظم وسيلة النهوض الاولى بالامة.

فواجه الامام الحسين بذلك مخطط النفاق والتحريف والتزييف واستحمار الامة والظلم والفساد والاستئثار والعدوان في معركة واحدة، أراد الله أن تكون دماءه ومحنة أهل بيت النبوة فيها منطلقا لايقاف تزييف وعي الامة ومفاهيمها
وقيمها التي دمرها تفريخ المال الفاسد لسلطة دينية مزيفة أخذت على عاتقها ترسيخ مفاهيم الطاعة للسلطان الفاسد ومراكز الفساد وأخذت على عاتقها كبح إرادة النهوض والاصلاح في الامة، وأراد الله من دماء الحسين ومحنة أهل بيت النبوة أن تكون منطلقا جديدا لمسيرة نهوض الامة وانعتاقا لها من الاستعباد والقيود.

أراد الامام الحسين أن يرسل رسالته واضحة لأمة جده في مختلف العصور والمحطات: إن هذه الامة التي ضحى من أجلها الرسول وخيرة الصحابة الاوائل لا يمكن أن تتحول إلى إرث يتقاسمه والعابثون أشخاصا أو جماعات
أو عائلات، فقال عليه السلام مذكرا الناس: "أيّها الناس، إنَّ رسولَ اللَّهِ (ص) قالَ: مَن رأى منكُم سُلطاناً جائِراً مُستحلاً لحرام الله، ناكثاً بعَهدِه، مُخالِفاً لسنّةِ رسولِ الله، يَعملُ في عبادِه بالإثمِ والعدوانِ، فلم يغِيرْعليهِ بقولٍ ولا بفعلٍ، كان
حَقّاً على الله أن يُدخِله مَدخلَه".

إن القيم والمفاهيم والمنطلقات الرسالية العظيمة التي رسخها الامام الحسين في نهضته ليست مختصة بزمان نهوضه عليه السلام، وإن ثورته التي فجرها وجعلها منطلقا لوعي وحركة الامة بعد ذلك ليست محدودة بكربلاء.

لهذا فإن على شعبنا في البحرين الذي يتميز بإرتباطه بالامام الحسين ارتباطا روحيا وثيقا وخاصا وقويا، أن يستشعر في نهضته امتدادا لنهضة الامام الحسين وأن يستلهم منها القيم والمنطلقات والشعارات والاخلاص والتضحية

وأن يوائم بين حركته اليومية وحركة الامام الحسين التي هي امتداد لحركة الانبياء والمصلحين عبر العصور برفضه الظلم وأنصاف الحلول أو القبول باي صيغة يمكن أن تكرس واقعا فاسدا أو تعطي شرعية لكيان فاسد
قال لمثله الامام الحسين: "ومثلي لا يبايع مثله".

يا شعب البحرين العظيم..

إن مشروعية حركتكم ومسؤوليتكم الاخلاقية والدينية والوطنية التاريخية أكبر من الزمان والجغرافيا وأنتم تصيغون مستقبل هذه الأمة بدماء أبنائكم الطاهرة، إنكم تستمدون شرعية نضالكم من ذلك الدين ومن ذلك الامام العظيم
الذي أذن لكم وحثكم وحملكم واجب ومسؤولية مقارعة الانحراف والفساد والظلم والعدوان في هذه الامة كما حملها لمن كان قبلكم ولمن سيأتي بعدكم.

فسلام على إمامنا وقائد نهضتنا الامام الحسين الشهيد الذي بعث الدين حياً وروى بدمائه شجرة الحرية والوعي والنهوض في الامة، وسلام الله على جده وأبيه وأمه وأخيه والائمة الهداة من نسله وبنيه، سلام الله على حجة الله في أرضه الآخذ بثأر جده والمقوم للاعوجاج والمذل لرقاب الظالمين عبدك ووليك المهدي الموعود.

وإننا في جمعية العمل الاسلامي إذ نلبي دعوة الامام عليه السلام في معركته ضد الاستعباد والظلم والعدوان والفساد نعلن التزامنا والتحاقنا بركبه الممتد عبر الازمان حتى يرث الله الارض ومن عليها.

وبهذه المناسبة العظيمة نعزي الامام الحجة عليه السلام وعلماءنا ومراجعنا الكرام وأمتنا الاسلامية وشعبنا الابي المرتبط دينيا وروحيا وتاريخيا بالامام الحسين عليه السلام وخطه وحركته..

وبمناسبة استشهاد الامام الحسين عليه السلام ندعوا الامة جمعاء للترف على ملامح نهضته والالتحاق بخطه التغييري من خلال التعرف على منطلقات الامام الحسين وأهدافه واخلاقه وتحمل المسؤولية في اطار مشروعه التغييري الكبير.

جمعية العمل الاسلامي
المنامة – البحرين
ليلة العاشر من محرم الحرام 1433هـ
5 ديسمبر 2011م