فشل الأنظمة الغربية في حل أسباب تفجر الأزمة الاقتصادية قبل سنتين أدى إلى بروز تراكمات بدأت تظهر الآن على السطح في اليونان وإيطاليا وباقي الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية. من تداعيات هذه الأزمة على الولايات المتحدة هو تقليص ميزانية البنتاغون بـ 450 مليار دولار على مدى العشر سنوات المقبلة. الخروج المذل للقوات الأمريكية من العراق نهاية العام الحالي هو أحد النتائج المباشرة. مع تقلص الميزانية العسكرية، السياسة الأمريكية تجد نفسها مجبرة على البحث عن استراتيجية جديدة تضمن استمرار مصالحها بأقل تكلفة ممكنة.
التسلسل الدراماتيكي المتسارع للأحداث في المنطقة (تقرير بسيوني، المبادرة الخليجية في اليمن، مسرحية اغتيال السفير السعودي، التصعيد ضد سوريا) لا يدع مجالا للشك بأن هذه الأحداث لم تكن صدفة وإنما الولايات المتحدة الأمريكية كانت من تحرك الأحداث لصالحها من وراء الكواليس بأيدي سعودية. بحسب وزير الدفاع البريطاني السابق (وليام فوكس)، البحرين ستتحول إلى "سور برلين الشرق الأوسط" ما لم تنتهي (أو تنهى) الثورة بأسرع وقت "لأن المستفيد الأول من استمرار الثورة هي إيران". إذاً الإدارة الأمريكية في عجالة من أمرها لإنهاء هذا الملف ولكن بشكل يضمن بقاء "عبيدها" في السلطة حتى وإن اضطرت لتقديم بعض التنازلات الهامشية والشكلية للشعوب لإخماد ثوراتها.

المخطط الأمريكي الجديد للشرق الأوسط "الجديد" يبدأ من تقرير بسيوني
بعد أن استنفذ نظام آل خليفة الوقت الممنوح له للقضاء على الثورة، وفشل آلة القمع الممنهجة في اسكاتها تطل علينا وزيرة الخارجية الأمريكية بخطاب يتحدث على أن هناك انتهاكات وتعذيب في البحرين (بعد أن مهد لها بسيوني بتصريحه الأخير). وعلى الرغم من أن هذا الخطاب لم يشر من قريب أو بعيد إلى الاحتلال السعودي بل على العكس وصف الثورة بأن لها أيدي إيرانية، فقد رحبت بعض الأطراف من المعارضة بهذا الخطاب بل وعبرت عن استعدادها للدخول في حوار مع النظام (برعاية أمريكية). نعتقد أن المشكلة الأساسية هنا هي عدم قدرة شريحة من المعارضة على التفريق بين الصديق والعدو. الولايات المتحدة (الشيطان الأكبر) هي السبب الأساس في معاناة شعب البحرين حيث أنها سمحت (بل ربما أمرت) القوات السعودية باحتلال البحرين وهي من قامت بالتعتيم الإعلامي الشديد على الثورة وغضت النظر عن الانتهاكات الفاضحة لأبسط حقوق الإنسان وهي من عيّنت لجنة بسيوني وهي أيضا من سيكتب التقرير المتوقع صدوره في الثالث والعشرين من هذا الشهر (مباشرة قبل موسم عاشوراء!).


السعودية ما هي إلا عبد ذليل من عبيد هذه الإدارة فمن غير المجدي التركيز على الاحتلال السعودي بل ينبغي التركيز على الاحتلال الأمريكي حيث أن وجود الأسطول الخامس شكّل حماية مباشرة للقوات السعودية. السعودية لم تكن لتتجرأ وتحتل البحرين (خوفا من إيران) لولا ضمان الحماية الأمريكية لقواتها.
هذه المؤامرة هي الأكثر خطورة على الثورة المباركة منذ انطلاقها في الرابع عشر من فبراير ولكن في نفس الوقت فشل هذه المؤامرة سوف يضع مصير نظام آل خليفة برمّته على المحك فما يهم الإدارة الأمريكية هو الحفاظ على مصالحها هي وليس مصالح آل خليفة وآل سعود وما حسني مبارك إلا خير دليل.
من هنا يجب على المعارضة في الداخل والخارج أن تتوحد في مواجهة هذا المشروع الخطير وأن تتبنى برنامجا يكون متناسبا وحجم هذه المؤامرة. في هذا الصدد نقترح ما يلي:

1. التحشيد الإعلامي الفعال وتوعية الجماهير بمخاطر الانسياق مع هذا المخطط الخبيث فالكلمة الفصل ستكون للشعب وليس للجمعيات السياسية أو الإدارة الأمريكية.
2. برنامج مضاد يتبناه ائتلاف شباب 14 فبراير (يوم الغضب الأسود مثلا).
3. تسليط الضوء على الدور الأمريكي من وراء هذا المخطط.
4. إعلان برنامج فعاليات يستهدف المصالح الأمريكية بشكل مباشر، على غرار البيان الصحفي الصادر عن ائتلاف شباب 14 فبراير الذي توعد باستهداف مصالح الدول الداعمة للنظام الخليفي (شباب الثورة يُجبرون النظام على الاعتراف بنجاح عملية فجر الحُرية).

في الختام ندعو الله عز وجل أي يقي الأمة شر هذا المخطط الخطير