قراءة في احداث البحرين 2011م
 

قراءة في احداث البحرين 2011م*

لا شك ولا ريب ان الدقة والسلامة في التقييم تكمن بالتجرد عن الأحكام المسبقة والنمطية في التفكير والنأي بالفكر عن تبني ما تميل له النفس والعاطفة، الا ان كثرة الضوابط والشروط مع محدودية العقل وغلبة الهوى تفقد المتفكر السبيل في الغالب الأعم ليجد ان النتيجة فارقت المقدمات من دون قصد. وقد يلزم التريث في التدبير والتحليل وإعادة القراءة والمراجعة رتقا من الزمن، لا تسعها اللحظات الحاسمة التي نمر بها في وقتنا الراهن من متغيرات تفوق حجم الطاقة الفردية للوقوف عليها وإيفائها حقها من النظر والتمحيص، وذلك في سبيل الخروج بقراءات تعين في فهم ما تطويه لنا الايام من مستقبل لما بدأناه كنهضة (ثورة 14 فبراير).*

وقد لزمت مني المقدمة السابقة للتأكيد على ما يلي:
- التحليل والقراءة التي طرحتها وابني عليها قابلة للصحة والخطأ.
- لا يعني تبرير ذاك الموقف او تلك الفكرة صحتها او توافقي معها، بقدر ما يقصد بها إدراك الحالة العامة.
- النقد الوارد للبناء لا الهدم او التشكيك والمزايدة، وتبقى قرائتي في النهاية رأي قابل للصواب او مجانب له كما اردفت.

لذا فليعذرني الاخوة الأحبة ان وجدوا قسوة فيما اسرد، وليسعفوني بآرائهم المخالفة، فاني أسعى لها سعي السائل في بيان المعيب مني، فان كان لي قارعت الحجة بالحجة، والا فصدري ارحب بقبول ما تورده عقولكم من بيان متزن، وادلة متقنة. وقد قال الامام سلام الله عليه: رحم الله من أهداني عيوبي. *

وبالعودة الى سابق الموضوع، اقول ان فهم الطبيعة البشرية يلازم استقراء مواقفها السابقة واللاحقة كما هو معلوم لدارسي علم المجتمع. ولا يخفى علينا ان المؤثرات الخارجية كالمناخ وطبيعة المكان والبيئة الجغرافية لها وقعها على سلوك الافراد كما للوراثة والتربية من اثر. فعلى سبيل المثال ولكون البحرين جزيرة واقعة في خليج من المياه، التي من صفتها عدم الاستقرار، كان شعبها كذلك متصفاً بصفته، فالعاطفة وشدة الغضب وسرعة الرضا هي مميزات تفوق بها شعب البحرين على بقية شعوب المنطقة ممن يشاركوننا في الموقع الإقليمي ويختلفون معنا في محيط البيئة والمناخ. ولابد من الأخذ بتلك العوامل في أية حسابات تتعلق بقراءة ما كان وما قد يكون من ردود أفعال على ذاك الموقف او تلك النتيجة من قبل الشعب. كما يجب ان نضع في عين الاعتبار ان لكل قاعدة ما يكسرها وخصوصا انه لا يمكن باي حال من الأحوال الجزم بردة فعل الفرد الواحد تجاه الحدث الواحد، فكيف بمجتمع متكامل. ولكن قد نتمكن من وضع الفرضيات على قدر ما تسعفنا به المقدمات آخذين في عين الاعتبار ما قدمناه من مميزات للشعب البحراني الأبي.

اضافة لما سبق، يلزم علينا إدراك 4 حقائق هامة هي:
اولاً: رغم ان حجم ومساحة البحرين لا يضعها في مقدمة الأولويات على صعيد القرار العالمي، الا ان لها وقعاً على مجريات الاحداث وتاثيراً على غيرها من شعوب المنطقة لا يمكن نكرانه. فلابد من متابع ومستمع لما يحدث في البحرين.
ثانياً: وجود البحرين بين معترك السياستين الامريكية والإيرانية، والخطر المستمر الذي يتلازم هذه الارض في نظر هؤلاء.
ثالثاً: انقطاع الامتداد الجغرافي الطبيعي للبحرين من قبل شعوب المنطقة التي نجحت أنظمتها في زرع الشك والريبة تجاه نوايا الشعب البحريني عند سوادها الأعظم، مما يسبب عزلة الشعب في تقرير المصير ونتائجه.*
رابعاً: اتجاه الموارد الاقتصادية للنضوب والاعتماد على الانظمة الاخرى وارتفاع مستوى الدين العام، واستشراء الفساد لا على مستوى اصحاب القرار فحسب ولكن توغل ذلك الفساد او اجزاء منه في نفوس العامة من الشعب.*