بقلم/ ضياء الموسوي : البحرين..العروبة..الحكم..السيادة
 

http://www.raya.com/mritems/images/2...0695_1_228.jpg

أثبتت تجارب التاريخ أن علاقة الحكم والمجتمع لاتنمو إلا إذا تعملقت الثقة بين الاثنين. وهي من الاهداف الاساسية لنموالحياة السياسية لأي بلد.
ماحدث في البحرين أوجد شرخا كبيرا بين بعض الشيعة والحكم و الطائفة السنية.

لست هنا في مقام توجيه أصابع الاتهام للشيعة، فبعضهم ضحايا إعلام ديماغوجي خارجي مشبع بمثولوجيا متيبسة ،وفنتازيا الكارزمات الشعبوية.
المثل يقول"لاتقل لي عن مدى شرعية قضيتك ،وإنما قل لي مدى كفاءة محاميك".

كثير من القضايا التي يطالب بها الشيعة شرعية ،ومحل توافق مع السنة وكذلك الحكم بما تحمل من رؤى ديمقراطية، بيد أن الذي أحرق السلة هم الداخلون على الخط ،ابتداء بإعلام إيران والمنار ورجال دين عراقيين وايرانيين وكذلك بعض سياسيي الشيعة في البحرين.
وما زاد الطين بلة ان بعض متطرفي السنة ،خصوصا المؤدلجين يهمهم ترسيخ فكرة نمطية تعميمية ،بالحذر من ولاء أي شيعي على أن ولاءه ملتبس ومشكوك فيه.

إن خطر التعميم لايقل خطرا عن غيره .وكثير من الشيعة سقطوا بين أسنان متطرفي كلا الطائفتين، بين( قائمة الخونة) لدى متطرفي السنة، ووضعوا في (قائمة العار) التي روج لها متطرفو الشيعة.
السؤال من الذي أضر بسمعة الشيعة ،وأسقط تلك الثقة الكبرى التي عمل على بنائها طيلة قرون من رجال الشيعة من علماء وأكاديميين وتجاروعوائل كبيرة شهيرة عرفت بالعقل والكياسة والفطنة في التعاطي مع السلطة الحاكمة؟

لم يكن الشيعة بحاجة الى تقديم كل هذه الفواتير السياسية، والدخول في كل هذه المحارق لوأن بعضا من القادة الشعبويين لم يلجؤوا الى شعارات قاتلة .
إيران مثالا مازالت تقدم الشيعة قرابين لسياستها التوسعية عبر شعارات تقطر منها القداسة المصطنعة.
بقيت لسنين تدغدغ الشيعة بشعارات عقائدية من قبيل انها(دولة المهدي) و(الممهدة لخروجه) وانها تمثل الحقيقة المطلقة والخلاص.

وهي ساعدت على تخريب العلاقة بين شيعة البحرين والحكم بالتركيز عبر إعلامها على تكرار مقاطع فيديو تجرح السلطة وتساهم في انهيار الثقة بين الاثنين.
كان بامكان ايران أن تركز على تقوية علاقة الاثنين، فتجنب البلاد،المحارق ولكنها تأبى ذلك كي تستخدم البحرين كورقة رابحة في أي صراع اوحرب تشن ضدها مع الغرب.

كان بإمكان حزب الله لبنان واحمد جلبي العراق وبعض محاميّ الكويت ان يكونوا واسطة خير بين الشيعة والحكم لاوسائل تقوم بصب الزيت على النار.
لا أحد مستفيد مما يحدث في البحرين من تجريح قادة الحكم أو لي عنق الاقتصاد او إلقاء الزيت الأسود على سمعة البحرين في الإعلام الغربي.

كثير من شيعة البحرين تضرروا من محاولات تيبيس جذورالاقتصاد البحريني.
عندما تكبر الثقة بين مكونات المجتمع وأي حكم يكون له انعكاس كبير على عافية الوطن والعكس بالعكس.
لقد أصبحت الطائفية الذئب الذي مازال يعوي على أبواب البحرين ويمنعها من أن تنام.
من المستفيد اليوم من فوبيا السنة والشيعة من بعضهما البعض؟
ما الذي استفاده البحرينيون اليوم بعد تآكل الثقة بين الحكم وكثير من الشيعة؟
ما الذي استفاده الناس من حركة فبراير؟

ازدياد في البطالة والمتغربين واقتصاد يعاني الوجع وشباب احرقت أصابعه بزجه بزفة العرس الثوري.
القلوب تطأفنت، وشباب في عمر الزهورسقطت جراء محارق لم يستفد منها أحد غير أناس لم يحسنوا معرفة تقدير الموقف!

خسرت جمعية الوفاق مقاعدها البرلمانية وأناس خسروا أعمالهم الخ.
لقد أخطأت الجمعيات السياسية عندما وقفت على منصة الدوار مرفوع خلفها شعارحتى إسقاط النظام.
قيد الجمهور البحريني بهياج الشعارات وضعف القادة الشعبويين سياسيا الى المسلخ وهو يبتسم.
الخطأ الكبير ايضاهو تخوف هؤلاء القادة من الجمهور المتشدد الصغير الذي رفع هذا الشعار.

كانت النشوة في أوجها ،الى درجة انه كلما كان الشعار أكثر راديكالية ايام الدوار كلما ارتفعت البورصة الشعبية لرافعه. بتنا نشهد في ذهول مزادا ضخما في رفع الشعارات الى ان وقعت الكارثة.
كانت العربة تقود الحصان ،والحصان يرتعد خوفا من العربة من ان يحذرها من المشي العكسي!
.

عندما كان الدوار يشتعل حماسا ولهيب شعارات قاسية ،خرجت بمقابلة موثقة على تلفزيون البحرين ،خاطبتهم بالرجوع للصواب والحوار مع السلطة ووضع يدهم مع جلالة الملك، وعدم التظاهر بالاماكن التي تسبب كسر عظم وتخلق حساسيات موجعة ،والابتعاد عن الشعارات القاتلة.وقلت حينها ارفعوا الشعارات العاقلة من عدالة اجتماعية وديمقراطية واقتصادية و سياسية ولكن ابعدوا الشعار غير الوطني القاتل من مطالبة اسقاط الحكم.فهو دخيل ويروج له من لندن وايران لإحراق البلد .أقول ذلك كي لايتحول الوطن الى سيارة اسعاف.
كانت نزوة الشعارات مغرية لأي راديكالي ثم سقطتت على الجميع قنبلة شعار(( التحالف لاجل الجمهورية)) الذي صنع المحارق المتتابعة.

أقول: من يريد خيرا للبحرينيين سنة وشيعة عليه أن يعمل على تقوية الديمقراطية البحرينية بثوابتها الوطنية، وتقوية العلاقة مع الحكم، والابتعاد عن ثنائية شعار الموت والإسقاط لان هذين الشعارين يمثلان نسفا للشرعية التاريخية والدستورية والسيادة والحكم ولبقية مكونات المجتمع المدني فماذا إذن سيتبقى من الثوابت الوطنية؟

إن لجنة التحقيق التي شكلها الملك برئاسة وأعضاء شخصيات عالمية للتحقيق فيما حدث في شهر فبراير ومارس تدل على مدى جدية جلالته لمعرفة الحقيقة ومعرفة المخطئين من اي طرف ،وتعويضهم ،فلماذا لايتم التعاطي معها بإيجابية؟
تعجبت من الإعلام الايراني، لماذا كلما حدثت بادرة طيبة بين الحكم والشيعة يلتجأ الى التشكيك فيها قبل ولادتها؟

أضرب مثالا:لقد لجأ هذا الاعلام الى التشكيك في دعوة ولي العهد للحوار ،وكذلك في جدية الحداد الذي دعا له الملك عند بداية الاحداث ،وكذلك في حوار التوافق الوطني وفي لجنة تقصي الحقائق الخ.
ان هناك أطرافا لاتريد علاقة متينة بين الاثنين او عودة العلاقة على سابق عهدها حتى لوكان التوترعلى حساب الناس وعلى حساب مصالحهم ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم!
ورغم كل ماحدث،فالبحرين آخذة في التعافي مما حدث،وتقترب شيئا فشيئا لما كانت عليه والذي سيزيد من سرعة ذلك اذاعملنا جميعاعلى المشتركات وعلى ترسيخ ثوابتنا الوطنية.

ان البحرين ستعظم بالتوافق الوطني، وبضخ مزيد من الديمقراطية ،وبتقوية اللحمة الوطنية ،وبالالتجاء للقواسم المشتركة بين كل الأطراف تحت مظلة شرعية الحكم والقانون.



http://www.raya.com/site/topics/arti...4&parent_id=23