لا يجوز لكم مصادرة رأي الجمعيات السياسية
 

شخصيا، أنا أتبنى خيار إسقاط النظام، ولكنني أجد أن أدوات إسقاط النظام غير موجودة عند متبنيها، وهذا أمر أشرت إليه واستفضت في شرحه، ولهذا دفعت بمجموعة مقترحات وآليات ليكون لخيار إسقاط الجدية المطلوبة والصدقية الفعلية للتحقق على الأرض!!
لن أدخل الآن في شرح تفاصيل خيار إسقاط النظام، لكنني سأتناول الهجمة العكسية التي يوجهها بعض الأعضاء لخيار الجمعيات السياسية، والتي أجد فيها هجمة في غير محلها وقائمة عند بعض الأعضاء على أساس من تصفية حساب حزبي انتخابي تمثيلي سابق، ومتخيل على مستوى التمثيل في المستقبل بعد نجاح الثورة، وعند البعض الآخر على أساس التشكيك في نوايا الجمعيات السياسية بناء على تجارب عدم الثقة التي تكرست في الماضي!!
لا أنكر مخاوفي من جوانب من أداء الجمعيات السياسية، ولكنني لا أعتبر ذلك مبررا لمصادرة خيار الجمعيات السياسية، وشخصيا: لست خائفا من مستقبل خيار إسقاط النظام، وأراه الأوفر حظا رغم تواضع الأداء الميداني للتيار الذي يتبنى خيار إسقاط النظام!!
ما أفهمه من طرح المملكة الدستورية بتفاصيلها المرتبطة بالحكومة المنتخبة وحصرية السلطة التشريعية والرقابية بالمجلس المنتخب والتوزيع العادل للدوائر بعد وقف ترشيح وانتخاب المجنسين، هذا الطرح من جهة يمثل قناعة هذه الجمعيات السياسية بناء على قراءة سياسية للوضع الداخلي والإقليمي، كما أن هذا الطرح بالمقارنة مع إسقاط النظام، فإنه يقل درجة عن خيار إسقاط النظام، ولن يقوم النظام بتحقيق متطلبات المملكة الدستورية الفعلية، وهذا ما سيوصلنا إلى خيار إسقاط النظام بالإجماع بعد أن يتوغل النظام في القمع ويصبح القبول بالتعايش معه أمرا مستحيلا!!
لذلك: أنا أعتبر الصراع مع الجمعيات السياسية على خيار المملكة الدستورية هو صراع طواحين الهواء ويدل على غباء سياسي في بعض الأحيان، لأن الحكومة لم تشرع بالاستجابة لمطالب الجمعيات السياسية المعلنة في وثيقة المنامة حتى نطلق الأوصاف غير اللائقة على هذه الوثيقة!!
المطلوب لمؤيدي خيار إسقاط النظام، وأنا منهم، إثبات أن هذا الخيار هو الأوفر حظا على الأرض، وعدم إيلاء الخيارات الأخرى اهتماما مع عدم التصادم معها، أما الأخوة الداعمين والمحازبين من أنصار الجمعيات، فإن عليهم الرقابة على تفاصيل خيار المملكة الدستورية، بحيث تمنع الجمعيات السياسية من التنازل عن أقل من هذا السقف، ويقيني أن غباء السلطة وتعودها على النهج القمعي طوال عقود من الزمن سيمنعها من ملاقاة المعارضة على هذا الخيار، وهو ما سيرجح خيار إسقاط النظام، فلا تخوضوا المعارك مع طواحين الهواء .. بل ثبتوا وحدة المصير بين كل التيارات لنحقق النصر من دون إقصاء!!
وشهادة لله .. فإن الوفاق: تعلمت من دروس الماضي الكثير، وأهم درس تعلمته عدم الصدام المباشر مع النشاطات الشعبية وغض النظر عنها، حتى تلك التي لا تتوافق معها، لتفوت على النظام استغلال مواقفها لضرب الثوار في التيار الممانع!!
يبقى أن تلتزم الوفاق بعدم الحوار المنفرد مع السلطة .. وأن تصر على شراكة جميع الأطياف من باب التكتيك السياسي ليسمح للجميع البروز على المسرح السياسي .. ويترك للتيارات التي تدعو لإسقاط النظام تقدير موقف دخولها في الحوار من عدمه وبقائها على سقفها من عدمه بعد خروجها من السجن .. وقد خطا سماحة الشيخ علي سلمان خطوة للأمام اليوم في مقابلته في التلفزيون المصري حين أكد أن القوى السياسية لا تستطيع إلغاء دور الجماعات المطالبة بإسقاط النظام ولا إلغاء مطالباتها بهذا الخيار .. وهذه خطوة للمزاوجة بين الخيارين وتحقيق الضغط الفعلي على النظام .. لذلك: فالصدام بعد كل المعطيات الإيجابية التي قدمتها الجمعيات السياسية أمر لا ينم عن بصيرة ولا إخلاص بمقدار ما يخفي وراءه تصفية حسابات حزبية ليس وقتها الآن .. ولا يجب أن تكون على حساب أبناء الشعب ومصيرهم!!
فليتق الله من يؤجج الفتنة والصراع بين الأخوة .. ولا تجعلوا بأسكم فيما بينكم فتفشلوا!!