ستيف جوبز.. هل بقي شيء آخر!
 

http://www.apple-wd.com/wp-content/u...am-300x207.png


لم اكن أتخيل بعد هذه الشهور من الانقطاع عن الكتابة التقنية ان أعود لأودع ستيف جوبز احد اعظم مبدعي العالم في عصره الحديث وأحد أهم رموز عقد السبعينات التقنية في لحظة بروزهم وتأثيرهم الضخم من بين صف عريض من المبدعين كبيل غيتس وبول ألان وستيف ووزنياك ولاري اليسون وغيرهم من عمالقة التقنية الذين استفتحوا اعظم الاختراعات التقنية في مجال الحاسوب والانترنت في الربع الاخير من القرن العشرين.

لم اكن أتخيل ذلك وقد كانت اخر مقالاتي التقنية عن ستيف بالذات بمناسبة انابة الجزء الاكبر من مهامه لخليفته تيم كوك قبل تسعة اشهر، ويومها ودعت الرجل بدون ان اعرف وعددت مناقبه وصفاته القيادية وقلت فيه :

1. الكاريزما التي يظهر بها ستيف والتي نراها جليا في اهتمام وسائل الاعلام بكل الاحداث والمؤتمرات واللقاءات الخاصة به حتى ان العام الماضي سجلت فيه آبل حضورا أكبر من أي شركة أخرى في وسائل الاعلام.

2. العناد: وبغض النظر ان كان سلبيا او ايجابيا فهو قد طبع ستيف بطابع خاص جعلته يخطئ ويصيب في بعض القرارات التي كان يصر عليها لكن اكسبته صفة مميزة بلا شك.

3. النجاح: فقصة انتشال آبل وبناءها من جديد من شركة مفلسة الى ثاني أكبر شركة تملك قيمة سوقية في العالم كله هي قصة اسطورية بلا ريب ودرس نجاح كبير لا يحققه الا القلة في مدد زمنية طويلة.

4. الابداع: فالمنتجات التي ظهرت في عهد ستيف الثاني كانت خارجة عن المألوف، لا تقليدية ولم توجد سابقا كما شاهدنا في الآي فون والآي بود والآي باد.اذن كان هنالك ربط واضح بين منتجات آبل هذه الابداعية وبين شخص ستيف جوبز وهذا مالم نره في اغلب الشركات التقنية وسواء كان هذا الربط مقصود او غير مقصود فانه قد تسبب بجعل ستيف ايقونة لا يمكن فصلها عن آبل وعن الآي فون خصوصا وربما هذا يودي بكارثة مستقبلية عليها عند الغياب التام لستيف عنها.”

http://www.apple-wd.com/wp-content/u...quadra605.jpeg

لم اكن اتوقع ان تكون عودتي هذه الحزينة في لحظة الموت الخاشعة.. لحظة توقف عقل مبدع لطالما ألهمنا كثيرا وكثيرا وانا الذي دخل ستيف الى حياتي التقنية في سنيها الاولى بجهاز ماكنتوش كوادرا 605 في بداية التسعينات عندما كانت التفاحة تزدهي بالالوان.. قبل ان تدخل أبل عهد جديد من النجاح والابداع مع نهاية التسعينات وبداية الالفية الجديدة بقيادة ستيف للمرة الثانية ولتطرح منتجات جديدة من نوعها غيرت مسار البشرية والعالم التقني.

في البدء كنا مع ستيف وها نحن ننتهي بستيف وندخل عصرا جديدا خاليا من افكار هذا المبدع..

http://www.apple-wd.com/wp-content/u...-macworld.jpeg

طغيان شخصية وافكار ستيف على شركة ابل

في حديثي هنا، اجد صعوبة بحق في الفصل بين آبل وستيف جوبز، فاعذروني ان اختزلت آبل في اسم هذا المبدع، فطوال السنين الاخيرة كانت شخصيته طاغية على هذه الشركة رغم الفريق الرائع والمبدع الذي يعمل معه والذي يعترف هو بنفسه في مقابلاته وبكل تواضع بأن آبل تملك أكبر Startup في العالم يعمل فيه مجموعة هائلة من المخلصين بكل اندفاع وحماس من أجل انتاج هذه الابداعات الرائعة التي نراها بين ايدينا والتي اصبحت بين يدي مئات الملايين من البشر في حلهم وترحالهم لا تكاد تفارقهم دقيقة.

اجد صعوبة في الفصل بين ستيف وآبل لانه كان المنقذ الذي انتشلها من الزوال وقادها بحنكة لاستنساخ نجاحاتها الذاتية.. نجاحا تلو نجاح.. حتى دان له القاصي والداني بفضله الذي لا ينكر على هذه الشركة.. لذا عندما نقول ستيف جوبز.. فاننا نعني آبل والعكس صحيح.

شراء القلوب قبل الجيوب

لم تكن خلطة سحرية، بقد ماكانت خلطة نفسية متقنة تلك التي قدمتها آبل وستيف في منتجاتهم، لقد خاطبوا بها القلوب والعواطف والمشاعر قبل الجيوب والمحافظ، فأصبح كسب هذه الاخيرة مسألة تحصيل حاصل بتقديم تلك المنتجات بجمال الشكل واتقان الصنع، وابداع الفكرة.. كنا في الهواتف المحمولة القديمة “نضغط” على الازرار… وبكل مايملك هذا الفعل من خشونة ونفور وحركة.. مع ستيف جوبز، أصبحنا “نلمس” لكي ننجز، وبكل مايملكه هذا الفعل من ليونة وحب ينشأ بين المنتج والانسان، حتى كأن التقنية تماهت مع مشاعر الانسان فأصبحت جزءا لا يتجزء منه.. ففازت أبل وكسب ستيف جوبز بأفكاره الخلاقة هذه.

اعادة اختراع النجاح

قصة حياة ستيف وآبل ليست مجرد قصة نجاح.. بل هي قصص نجاح بين دفتي حياة قوامها ستة وخمسون عاما.. منذ معاناة اليتم والوحدة الى اتخاذ القرار الصحيح و “وصل النقاط” والبدء مع شركيه في ابل بالواجهة الرسومية واستثمارها في تغيير التعامل مع الالة من التعامل النصي الى البصري.. ثم خروجه في حالة احباط و “طرد” قد تقضي على نفسيات وحياة الكثيرين العملية، لكنها لم تكن مع ستيف كذلك، الذي اصر في كل مرة، على اعادة اختراع النجاح ايا كان موضعه ومكانه وظروفه، فاستنسخ نجاحاته الذاتية فعلا مع NeXt و Pixar ورأينا تمدد هذا النجاح في مجالات أخرى تخت وتتنوع بين التقنية والسينما والسرمات لكنها تجتمع كلها في شيء واحد.. الاناقة والجمال الداخلي والظاهري والابداع.

جزر النجاح ومده في حياة ستيف

ولم يكن هذا الجزر والمد في النجاح مقتصرا على ذات ستيف وذات شركته فقط و لم يكن ستيف وابل منغلقين يبيعونك المنتج ويحتفظون بالمال.. بل لقد شاركوا العالم هذا المال أيضاً من خلال الاف شركات الاكسسوارات التي اعتاشت من ابداعات الاي فون والإي بود والاي باد فشاركت ابل في أرباحها..

بل لقد خلق ستيف اقتصادا موازيا انقذ به الالاف من البطالة من خلال بيزنيس موديل فريد لم يسبقه به احد.. وهو متجر البرامج ليدفع به اكثر من ثلاثة مليارات دولار لهؤلاء المبرمجين الشباب او شركاتهم الناشئة..

تحديات امام ابل في مرحلة ما بعد ستيف

يترك ستيف ابل منكسة أعلامها منكسرة الخاطر وهي في اعلى هرم النجاح وفي قمة أرقامه كأكبر شركة ذات قيمة سوقية في العالم، والاي فون كاكثر جهاز هاتف ذكي نجاحا وانتشارا في العالم والاي بود كأعظم جهاز موسيقى نجاحا وانتشارا في العالم . والا ي باد كاحدث وانجح جهاز في فئته اللوحية انتشارا.. والماك وقد عادت اليه الروح كجهاز ينتشر سريعا وبنجاح هائل في كل قطاعات الحياة.. فماذا سيفعل الخلف والورثة وأي معاناة سيرونها وأي تركة ثقيلة خلفها لهم ستيف.. لقد اتعبهم واتعبنا بحق..

ما هي مقدرة ابل على التجديد والابداع بعد رحيل ستيف!؟

هذا السؤال نتركه للمستقبل للاجابة عليه، لكننا واثقون ان ستيف ترك رصيد لا بأس به لشركته من الابداع على المدى المتوسط على الاقل من كم نوعي من المنتجات المتفوقة القادرة على السيطرة مدة لا بأس بها من السنين،

وداعا ستيف جوبز.. غاب جسدك وعقلك عنا.. لكنك تركت لنا قصة من اعظم قصص النجاح الملهة في العالم.. والملهمة لأجيال عديدة وسنين مديدة..

هل بقي شيء آخر؟؟ لا اعتقد ان اي مسؤول تنفيذي سيجرؤا بعد اليوم على تكرار علامة ستيف الشهيرة، one more thing




لكن بالفعل.. بقي شيء وحيد.. لقد حفر ستيف اسمه في سجل الخالدين، ومضى كما يمضي اي انسان،، وهكذا هي الحياة.. تتخفف لتتيح المجال لاخرين يحفرون اسمائهم في ذات السجل. ان فكروا بطريقة مختلفة!

منقول من عالم ابل :)